الفساد ملف لن يغلق!.. كما يرى خالد الطراح

زاوية الكتاب

كتب خالد الطراح 714 مشاهدات 0

خالد الطراح

القبس

من الذاكرة- الفساد ملف لن يغلق!

خالد الطراح


ليس ثمة اختلاف في ملفات الفساد التي تفشت في معظم مفاصل الدولة منذ عشرات السنين، باستثناء طبيعتها وأساليبها وأشكالها، حتى بلغنا اليوم فصلا جديدا من فصول الفساد، متمثلا بالتزوير في أوراق رسمية.

قد تنضم سنة 2018 لسنوات تاريخية عرفتها الكويت كسنة «الطبعة» (غرق السفن)، وسنة «الطاعون» (الوباء)، وسنة الهيلق (المجاعة)، وتصبح لدينا سنة التزوير، بعد فصل تزوير في الانتخابات، وفي الهوية الوطنية، أي كل ما يتعلق بالجنسية، وصولا إلى التزوير العلمي للشهادات العليا وحتى شهادات الثانوية!

كالعادة، بادرت الحكومة بتشكيل لجان من جهات الاختصاص، التي قد توفق بالعمل الشكلي في مهامها، بسبب غياب الشفافية التامة، حين يتم العمل بشكل انتقائي، ربما نتيجة ضغوط من محيط من فقد حرف «الدال»، ومناصب وامتيازات مالية، إلى جانب من حصل على درجات في التعيين والترقية بعد الحصول على شهادات الثانوية، وتم تعديل وضعه بموجب شهادة مزوَّرة.

السؤال الذي نتمنى أن تجاوب عليه الجهات المعنية، كالخدمة المدنية ووزارة التربية، كيف لم يثر انتباه هاتين الجهتين التدفق الطوفاني للشهادات التي باتت تأتي من دول معينة، ومن جامعات عربية محددة، وبشكل مكثف ومثير للانتباه، وبتخصصات دقيقة، وأخرى من جامعات أجنبية ليست معتمدة علميا، وجامعات مناهجها ولغة التدريس فيها بلغات غير رئيسية كالإنكليزية والفرنسية، والتدريس فيها يتم بلغات مختلفة، لا أتوقع أن يستطيع أن يجيدها من هو كان على رأس عمله، وحصل على شهادة علمية عليا دون إجادة لغة التدريس والدولة التي حصل البعض منها على شهادات عليا!

كيف لمن تعثر دراسيا في الثانوية العامة، وعمل لمدة سنوات في جهة حكومية، أن يتمكن فيما بعد وبتفوق بالحصول على البكالوريوس والماجستير والدكتوراه أيضا بغفلة من الزمن، بتخصصات لا يستطيع من حصل عليها شرح طبيعة التخصص بحد ذاته؟!

السؤال الآخر كيف ستعالج اللجان المختصة ملفات موظفين سابقين، أي متقاعدين حصلوا على شهادات وهم على رأس عملهم من جامعات لا يجيدون لغة التدريس فيها وتقلدوا مناصب قيادية في الحكومة، وأصبحوا ربما وزراء ونواب سابقين، علاوة على حصولهم على امتيازات مالية؟!

هذه الأسئلة لا تخص المواطنين فقط، وإنما أيضا الوافدين، بعد أن تبين أن هناك شهادات مزورة وغير معتمدة رسميا من الجهات المحلية والخارجية، ومنهم من حصد أموالا من الخزانة العامة، بحنان وسخاء حكومي وغادر الكويت!

كيف ستتم ملاحقة هؤلاء قانونيا؟!

أما بالنسبة لمن ثبت بأنه حمل حرف الدال بالتزوير، فماذا عن الطلبة الذين تخرجوا وحصلوا على درجات علمية واجتازوا اختبارات على أيدي مزورين؟! هل سيعاقب هؤلاء الطلبة بسبب عجز الجهات المعنية في الكشف عن التزوير في حينه، وهو ظلم لا ينبغي أن يتحمله الطلبة الخريجون، أو في طريقهم نحو التخرج؟!

التزوير أصبح فعلا «فلسفة» في بلدنا، وفنا من فنون الاحتيال، وهذه الآفة لا يمكن أن تنمو بشكل عفوي لولا العوامل التي حفزت على التزوير، منها غياب الرقابة والإهمال ووجود مرتشين في الجهاز الحكومي للتستر على التزوير، مثلما تم التستر على سرقات المال العام.

الفساد العلمي هو نتيجة حتمية لفساد إداري ومالي، ومن المؤكد أن عدم وجود عقوبة لسراق المال العام، أو حتى استرداد أموال صرفت دون وجه حق، بناء على طلب ديوان المحاسبة من قياديين وقانونيين أيضا.

لاشك أن هذه الممارسات جعلت المواطن، والمقيم أيضا، أن يستمرآ بالتزوير، طالما لم نرَ قياديين، من وزراء وغيرهم، أدينوا في قضية فساد، ليس بسبب تقصير قانوني، وإنما نتيجة ثغرات قانونية تم زرعها في رحم عقود وأوراق رسمية في أجهزة الدولة، حتى لا تكتمل أدلة الإدانة!

ترى هل الحكومة على قناعة ويقين، اليوم، بأن لديها «برنامجا ممنهجا» في مكافحة الفساد العلمي والإداري والمالي؟!

إذا كان هناك منهج فعلا، فمن الضروري الكشف عن تفاصيله بشفافية، حتى يتوقف سيل الفساد، ويستعيد المواطن الثقة في عمل الحكومة، بعد أن فقده، حتى لو بشكل جزئي!

ما نشهده اليوم من أشكال وأساليب فساد مختلفة، ليست سوى تقصير حكومي، ونتيجة غياب الدور الرقابي لمجلس الأمة أيضا، نتيجة انشغال بعض النواب بأولويات لمصالح تطلعات قبلية وطائفية وفئوية!

تعليقات

اكتب تعليقك