سعى إيران للهيمنة على جيرانها، ليس وليد اليوم، بل يضرب في جذور تاريخها، فحوى مقالة فيصل الزامل
زاوية الكتابكتب يوليو 17, 2011, 12:40 ص 1375 مشاهدات 0
الأنباء
إيران قبل التاريخ وبعده
الأحد 17 يوليو 2011 - الأنباء
لم يكن فتح بلاد فارس من قبل الدولة الإسلامية الوليدة اختيارا، بل كان اضطرارا، فقد كان عمر رضي الله عنه يخاف على الناس الخوض في بلاد واسعة فيضيعون فيها حتى قال: «وددت لو أن بيني وبينهم جبلا من نار، لا يصلون إلي ولا أصل إليهم».
وعندما سمع الأحنف بن قيس سؤال عمر رضي الله عنه: «ما بالهم ينتقصون العهد معكم كل مرة؟ لعلكم تحيفون عليهم؟».
أجابه قائلا: «ما نعلم إلا وفاء وحسن ملكة».
قال عمر «فكيف هذا؟» أي نقض العهود من قبل الفرس.
أجابه الأحنف: «يا أمير المؤمنين، إنك نهيتنا عن الانسياح في البلاد وأمرتنا بالاقتصار على ما في أيدينا، وملك فارس حي ـ نشط ـ بين أظهرهم وهو الذي يبتعثهم، وإنهم لايزالون يساجلوننا مازال ملكهم فيهم، ولايزال هذا دأبهم حتى تأذن لنا فنسيح في بلادهم ونزيله عن ملك فارس، فهناك ينقطع عملهم هذا».
فقال عمر: «صدقتني والله، وشرحت لي الأمر عن حقه». ثم ندب الناس للجهاد، وأمر بالحشود أن تتجمع في نهاوند، أولى المعارك في فتح فارس.
هذه المقدمة التاريخية ضرورية لفهم ما يجري من قبل إيران ضد جيرانها، حتى من قبل قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية الحالية، فهناك خلفية قديمة تقوم على الهيمنة منذ عصر سابور ـ شابور ـ ذي الأكتاف، الذي نودي به ملكا على فارس وهو لايزال في بطن أمه عام 309م، وهو الذي وسع حدود بلاده شرقا في بلاد القبائل التركية قبل هجرتها نحو تركيا الآن، وغربا في بلاد العرب، كان يخلع أكتاف ضحاياه ولهذا سمي بذي الأكتاف، وكان العرب هم أكثر ضحاياه لرؤيا رآها أن رجلا منهم سيحكم بلاده، فجمع خلقا كثيرا منهم على جبل أورا ـ هضبة في منطقة وارة بصحراء الكويت، تآكلت على مر الزمن ـ وأقسم أن يذبحهم كالنعاج حتى يسيل الدم من أعلى الجبل إلى سفحه، إلا أن هذا لم يحدث لأن الدم يجمد، قال الجنود: «لو أننا قتلنا من على الأرض جميعا ما بلغ الدم السفح» فأمر القائد بصب الماء على الدم ليبلغ السفح ويبر قسم الملك.
وطاردت تلك القوات قبيلة تميم فتركت مضاربها وفرت إلى الصحراء إلا رجلا بلغ التسعين عاما ولم يقو على الركوب، طلب أن يرفعوه في قفة مربوطة بشجرة عن الوحش، وبقربه قفة أخرى فيها شرابه وطعامه، فلما وصل جيش كسرى أخذوه إلى القائد، فقال لهم الشيخ العجوز: «كل هذا القتل لرؤيا رآها الملك؟ وهي إما أن تكون رؤيا حق فهي واقعة مهما طال الزمن، لأنها حق، أو رؤيا باطل، فكيف تقتلون هذه الخلائق لرؤيا باطلة؟»، وعندها أمر القائد بالكف عن القتل والاكتفاء بما فعله تنفيذا لأمر الملك.
لقد رحل شاه إيران الذي أراد إعادة هيمنة «عرش قورش» على الجيران، ولا معنى لتكرار سياسته على يد من ينادي بالإسلام مظلة جامعة لكل الشعوب، وينبذون الاستكبار، هذا الطرح لا يلتقي مع ما نراه من ممارسات تارة تأتي من إيران وتارة أخرى من ممثليها في العراق، وقد رأينا كيف انتهى الحال بالمستكبرين في القرن الماضي، من هتلر الى صدام، مرورا بالشاه وغيره.
كلمة أخيرة: لو وضع الاقتصاديون خريطة تكامل اقتصادي بين دول منطقة الخليج والشرق الأوسط تمتد رؤيتها لمائة عام، وتبين بالأرقام والمعلومات شكل المنطقة والرخاء الذي سينعم به أهلها بسبب الفورة الاقتصادية، لاختار ساسة اليوم أن يراجعوا أنفسهم ويتوقفوا عن تكرار أساليب فاشلة لم تورث إلا الدمار والفقر والبطالة.
تحركوا أيها الاقتصاديون.
تعليقات