مشبها زيارة وفدنا الإعلامي لإيران بزيارة وفودنا لبغداد صدام

زاوية الكتاب

سعد السعيدي: أهان سفيرها الصحافة الكويتية ولم يعتذر، وبلاده تضم أكبر معتقل للصحافيين بالعالم، فلم الزيارة؟

كتب 3296 مشاهدات 0


صحافيونا في إيران ... الماضي موعظة
سعد السعيدي
بصمة قلم
يجب علينا عدم الاندفاع وراء دعوات من دول لإعلاميينا
الذين نتوقع فيهم حسن النية
منذ إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد المثيرة للجدل في 12 يونيو ,2009 تم تعليق 29 صحيفة وتوقيف أكثر من 130 محترفاً إعلامياً وإجبار أكثر من 60 على مغادرة البلاد, وهذه واقعة لا سابقة لها منذ إنشاء الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وحالياً, تعد إيران, بوجود أكثر من 80 صحافياً ومواطناً إلكترونياً وراء القضبان, أكبر سجون العالم للمحترفين الإعلاميين (48 صحافياً, ومعاونين إعلاميين اثنين, و18 مواطناً إلكترونياً, و7 آخرين أعلنت عنهم وزارة الاستخبارات, و8 لا يزالون قيد التحقيق'.
هذه فقرة اقتبستها من تقرير منظمة 'مراسلون بلا حدود' للعام ,2010 يعني تقريرا جديدا ومن يريد معرفة المزيد فليس عليه سوى الذهاب الى العم 'غوغل' لقراءة التقرير كاملا حول معاملة الجمهورية الايرانية للصحافيين وللصحافة بعامة, وهذا ليس هو موضوعي رغم اهميته لنا نحن ابناء هذه المهنة التي  اعتبرها البعض او اتخذها مطية لتحقيق مصالحه, او على الاقل التمتع بمزايا الدعوات والذهاب الى زيارة الدول والاقامة في فنادق خمس نجوم والاستمتاع بالمناظر وكسر روتين العمل, وفي النهاية العملية ليست سوى كلمتين يتم التصريح بها وكفا الله المؤمنين القتال.
قلت اردت ان ابدأ مقالتي بهذه الفقرة من تقرير 'مراسلين بلا حدود' من اجل ان اسأل كل الزملاء ممن قاموا بزيارة الجمهورية الايرانية, واقصد هنا الوفد الاعلامي الكويتي الذي قام الاسبوع الماضي بزيارة ايران, وقد كان عددهم نحو خمسين اعلاميا: هل يمكننا ان نزور دولا تضطهد الصحافة والصحافيين, ناهيك عن شتم سفيرها وتحقيره للكتاب وللصحافة الكويتية عموماً? فان كنتم لا تعلمون فقد يهون الامر, وان كان في ذلك كلام, اما ان كان لدى احدكم دراية بما قامت به ايران بحق الصحافة والصحافيين فهذا الامر يعني تأييدا من قبلكم لما قاله سفيرها عن صحافتنا, ولم تعتذر عنه السفارة حتى اللحظة, وكذلك للاجراءات الايرانية ضد حرية الصحافة في ايران من خلال ما جاء في تقرير 'مراسلين بلا حدود', وهو حقيقة ما نستغربه من افاضل وزملاء من امثالكم.
الوفد الكويتي الذي قضى اربعة ايام لم يقم باستقباله او يلتقيه احد من جمعية الصحافيين الايرانية, وهنا اسأل: الم يتبادر الى احد منكم ايها الزملاء الاعزاء ما هي الاسباب التي منعت صحافيو ايران من الحفاوة بكم? السبب بسيط لان ايران اغلقت جمعية الصحافيين ولاحقت أعضاءها, اما صحافيونا فيبدو ان الامر بالنسبة اليهم زيارة والسلام, حيث ان الجميع يتحدث 'فارسي'.
سؤال اخر ارجو ان لا يكون ثقيلا عليكم ايها الاحبة الكرام, لقد علمت ان برنامج الزيارة اشتمل على زيارة الامام الرضا, واكبر مصنع لطباعة القرآن الكريم, ومتحف تاريخي يحوي اصغر سجادة, وعشاء عند محافظ خاراسان وغداء بضيافة رئيس بلديتها, وهذا - كما ارى - لا اظنه برنامجا يصلح لوفد اعلامي بل قد يكون اقرب لوفد من وزارة 'الاوقاف' منه الى اعلاميين, رغم احترامي الشديد وتقديري للمزارات المقدسة, بينما كان يفترض ان نسمع عن اقامة ورشة عمل مثلا, ندوة صحافية بمشاركة بعض من كتاب او مثقفي ايران, زيارة مقرات صحف ومطبوعات, زيارة وزارة الاعلام او الثقافة, وغيرها من البرامج التي نعرف انها تكون خاصة بالصحافيين ولا مانع بعدها من زيارات اخرى تضاف لجدول وبرنامج الزيارة, فلماذا لم يحدث هذا? انا لا علم لي.
لعل دافعي للكتابة عن الوفد الاعلامي الكويتي في زيارته لايران هو ما قيل عن ان هذه الزيارة جاءت بترتيب من السفارة الايرانية بغرض اعطاء انطباع احترامها للصحافة والصحافيين, هذا اذا لم يكن لدى الايرانيين سببا اخر قد يكون اكثر اهمية مما قيل, ومن هنا - خشيتي وخوفي - فان علينا ان نتذكر ونعيد شريط الذكريات , فقد كان هذا هو السلوك والاسلوب الذي  كانت تقوم به السفارة العراقية ابان حكم النظام السابق من خلال دعوتها للصحافيين والاعلاميين بزيارة بغداد وغيرها من مدن العراق, والنتيجة كانت سيطرة تامة على الاعلام الكويتي وتطويع اقلامه من  دون ان نعي او نفكر او حتى نتوقع ذلك السيناريو الاسود الذي لا تزال توابعه وارهاصاته قائمة في المنطقة, ومن هنا فانه يجب علينا عدم الاندفاع وراء دعوات دول لاعلاميينا الذين نتوقع فيهم حسن النية وهي نفسها تقيد وتكمم الافواه والصحافة, وان نضع نصب اعيننا تجارب الماضي من اجل ان نحافظ على حاضرنا ونحمي مستقبلنا من الاخطار, لاسيما واننا نمر في منطقة كثيرة منعطفاتها وفيها من الحدة ما قد يسحبنا معه ان لم نتسلح بالعقل وقراءة الواقع بتأن وروية.
في الاخير نقول لزملائنا حمداً لله على السلامة, املا ان تكونوا قد استمتعتم بتلك الرحلة السياحية.

السياسة-مقال اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك