مشكلة المكيفات التي أزعجت الدولة لم تكن وليدة هذا العام لأنها تحدث في كل عام.. برأي محمد السداني
زاوية الكتابكتب محمد السداني سبتمبر 7, 2018, 11:09 م 3418 مشاهدات 0
الراي
سدانيات-«هلا عذبي»!
محمد السداني
أحد الأشخاص يدعى مصطفى شلش وهو من مناصري الشيوعية. شاب مصري مطلع على الثقافة يكره الرأسمالية وكل مَن يناصرها، لم ألتق به في الواقع ولكنني حلمتُ بأني جلست معه على شاطئ «الأزاريطه» في الأسكندرية، ودار حوار بيني وبينه عن جدوى الدعوة إلى الفكر الشيوعي في عالم مُكبَّل بالرأسمالية، فقال لي شلش: إنِّ الفطرة الإنسانية تنزع إلى مساعدة بَعضنَا البعض وإقامة مجتمعات ليعيش فيها الناس مع بعضهم وليس فوق بعضهم، إن الموارد الطبيعية والعقل البشري إذا وظِّفا بطريقة مثلى عادلة فستكون الحياة أبسط مما هي عليه من تعقيدات الرأسمالية التي شجعت جشعا وزادت فقرا وأنشأت بونا شاسعا من الطبقات!
كلامه في الحلم جميل وأظنه في الواقع أيضا جميل، وله وجهة نظر تُحترم، فقد أحسَّ شلش بالآخرين لفقرهم وضعفهم فكان صوتا لمن لا صوت له، وتبنى قضايا مجتمعه التي لم يبعها في أول محطة من محطات قياس المبادئ، فالمبادئ التي ينادي بها السياسيون والإعلاميون في خطاباتهم لدرء الفساد والوقوف بوجه الفاسدين سرعان ما تتلاشى عند أول محطة اختبار حقيقي، فمبلغ من المال أو منصب رفيع كفيل بأن يعيد الرجل حساباته ويمسح تغريداته، ويبدأ يرقص ويغني لمن كان عدوا له بالأمس، و يبدأ بمعاداة أصدقاء الدرب والنضال الذين قاتل من أجلهم كل من وقف بوجههم.
لا أعتقد أنَّ هناك رابطاً بين شلش والسياسيين سوى أنهما ضدّان لا يجتمعان، فالأول يبحث عن تنمية مجتمعه بالأفكار التي آمن أنها مخرجه الوحيد، منطلقا من أفكاره وقيمه ورؤيته الإصلاحية، أما الضاحكون على جراح الشعب والذين ينظرون ليل نهار عن التطوير ومحاربة الفساد فهم ما بين مد الأموال والمناصب والنفوذ، وما بين جزر الكرامة والإحساس بالشعب وآماله وتطلعاته.
إنَّ الحوار مع شلش وإن كان من وحي الخيال ولغة الأحلام، إلا أن بعض الأحلام نتمنى أن تكون حقيقة، فهذا الشيوعي الذي حاول العالم فكره، أشرف بكثير من رأسمالي أو متأسلم يتخندق خلف شماعة فكره وآلة كذبه ليعد الناس بمستقبل أفضل وهذا الأفضل لن يكون بالتأكيد إلا لأبنائه وأهله وعشيرته وقبيلته وعائلته.
لقد تعلمت من شلش أنَّ المسميات لا قيمة لها، وأن قياس الأمور بنواتجها ومآلاتها، وأنَّ الشخص مهما ادعى الإصلاح والوقوف مع الشعب سيبقى غير صادق حتى يكون واحدا من الشعب لا سيدا عليهم، وأنَّ الشعارات الرنانة أسهل ما تكون على لسان المخادع الكاذب، وأصعب ما تكون على لسان الصادق الحريص على التغيير.
خارج النص:
مشكلة المكيفات التي أزعجت الدولة، لم تكن وليدة هذا العام لأنها تحدث في كل عام، الموضوع ببساطة، مجموعة تخرج ومجموعة تدخل ومناصب قيادية توزَّع للقريب والحبيب والنسيب.
من مقهى شيشة في الصناعية إلى كرسي وكيل مساعد، كنت أعتقد الواسطة أضعف من فعل ذلك ولكنها فعلتها.
«هلا عذبي»... جملة لا محلّ لها من الإعراب نحوياً وسياسياً.
تعليقات