الدولة في مكافحة ملفات الفساد تستطيع أن تفتح أي ملف مهما بلغ حجمه لكن الأهم كيف تنهي هذا الملفات.. بوجهة نظر محمد السداني
زاوية الكتابكتب محمد السداني يوليو 27, 2018, 10:54 م 4079 مشاهدات 0
الراي
سدانيات-«سُهيلة»
محمد السداني
مَن ينظر إلى شبابيك المنازل التي يمر عليها مسرعا بسيارته، لا يعتقد أبدا أنَّ وراء كل شباك من هذه الشبابيك قصة وحكاية، قد تكون ملهمة وقد تكون مؤلمة، لذلك قيل قديما: «البيوت أسرار».
وفي حديث الشبابيك تأتي قصة متناقضة، قصة تعاكس عنوانها، وإن أشار العنوان إلى بعض مضمونها، فـ «سهيلة» هذه المرأة القوية التي وقفت في وجه الزمن كمثال للصمود، لم تقف لتستمر الحياة، بل وقفت لكي تضرب مثلا شرودا يرشد من ضَل عن طريق الحياة الصحيحة، فبنت بيتا وأسرة وجزءا من المجتمع... جزءا لم يكن حِملا زائدا، بل كان إضافة معنوية ومادية.
سهيلة التي لم تتخذ من اسمها شعارا في تسيير حياتها، اختارت الطريق الأصعب لا السهل، فكانت مثالا للرجل قبل المرأة، في التحدي والإصرار والكفاح.
أؤمن وأنا أتحدث عن المرأة، أن المرأة ليست نصفاً للمجتمع بل هي المجتمع الذي نعيش في أصدائه وحيثياته. لم يجعل الله وجود المرأة مكملا ثانويا للحياة، بل جعلها حياة نعيشها وتعيشنا، وبعث فيها روحا وطاقة وقدرة أضعاف ما للرجل من عطاء - وإن خالفني الكثير - لكن الحق أحق أن يقال، لقد عاش العالم بكل مجتمعاته حقبة يضطهد فيها نفسه ومجتمعه ومستقبله باضطهاده للمرأة، وقد رأينا كثيرا من الدول التي أعطت المرأة دورها الحقيقي، فظهر أثرها، وعُرفت قيمتها.
ولا أستحي أن أقول إنني معجب بهذه المرأة التي في عمر أمي، معجب بها أماً وأختا وامرأة ناجحة في مجتمع من الصعب أن تبرز فيه امرأة وتنجح وحدها، قد لا يكون من الضرورة معرفة تفاصيل قصتها، لكن الأهم، هو معرفة مدى تأثري بها، وأمنيتي أن أحذو حذوها في تنشئة أبنائها وبيتها خُلقا وعِلما ودينا.
إنني أستلهم من «سُهيلة» معنى الصمود في وجه الظروف وعدم الاستسلام لها، بل وتحديها والتغلب عليها، ولذلك تجدني أكتب هذا المقال في هذه الشخصية الرائعة، التي أتمنى أن أجدها يوماً ما تعرض كقصة لدور المرأة الحقيقي، الذي مارسته «سهيلة» فأخذت مكانتها في المجتمع، بنجاحها ونجاح أبنائها والذي يعد نجاحاً للدور المنوط بها في المجتمع، متى تفهم بناتنا أن المرأة أكبر من محلات الماكياج والعطورات والماركات العالمية، وأن المرأة أرقى من الامتهان الإعلاني والدعائي في وسائل التواصل الاجتماعي، وأن سيدات المجتمع ليسوا فاشينستات «السوشيال ميديا»، إنما المرأة الحقيقية، وسيدة المجتمع هي من كانت مثل«سهيلة» المرأة التي تعمل وتربي وتساند وتنشئ جيلا عظيما متعلما نفخر به جميعا كما نفخر نحن بها.
نحتاج فعلا في ظل ضياع القدوة النسوية، أن نبرز شخصيات مثل «سُهيلة» وغيرها، اللاتي يشرِّفن وطنا بأكمله، ويساهمن مساهمة حقيقية في رسم وجه الكويت بالعلم والدين والخلق والتربية.
قد ننظر إلى الشبابيك التي نمر عليها سريعا بلا اهتمام، لكن حتما إذا عرفنا ما تضمه هذه الشبابيك من قصص مشرفة نفخر بها ونعتز بها، سنحقد على السرعة التي جعلتنا لا نقف احتراما وإجلال لشبابيك حجبت عنا نور القدوة، وقصص التحفيز.
قد تكون في بيت كل شخص منا «سُهيلة» ولكننا لم نكتشفها، فإن أحسنَّا اكتشافها، وتنشئتها، سيكون المجتمع بلا شك أفضل حالا، وأرقى مكانة.
خارج النص:
• انتهت معركة دارت بين هيئة الزراعة ومديرها مع وزيرها المعني من دون أي إنجاز يذكر. ولو جُيِّر هذا الجهد في سبيل إعادة زراعة شجر الصفصاف وغيرها من الأشجار التي اختفت من الكويت، لكان خيرا لنا من الغبار الذي ملأ الدنيا إزعاجاً، كما ملأه العراك بين المدير والوزير من دون فائدة تذكر، سوى أنه استهلك حبرا في الصحف من دون فائدة تذكر.
• الدولة في مكافحة ملفات الفساد تستطيع أن تفتح أي ملف مهما بلغ حجمه مثل تزوير الجنسيات والشهادات، لكن الأهم كيف تنهي هذا الملفات التي فتحتها من دون أي تقدم يُذكر.
تعليقات