د.سامي خليفة يثمن زيارة مشعل لإيران، وأنها ساهمت في إذابة الكثير من الفوارق المذهبية، وأنه لم يشعر بنشوة النصر إلا هناك

زاوية الكتاب

كتب 508 مشاهدات 0




 
إلى خالد مشعل
 
 
زيارتك الأخيرة لإيران في الأسبوع الماضي حملت دلالتين مهمتين - سياسية وعقدية - وجاءت في الوقت المناسب وأوصلت الرسالة التي يجب أن تصل للأطراف المعنية كلها في المنطقة، ومن المكان الصح، فقد كان ظاهرها تسليم رسالة شكر جوابية من رئيس الحكومة في غزة وقائد حركة «حماس» إسماعيل هنية إلى مرشد الثورة السيد علي الخامنئي، ولكن باطنها رسالة بليغة جداً، مفادها أن دعاة خيار المقاومة والممانعة والصمود هم جسد واحد يكمّل كل جزء بعضه الآخر، ولا مجال للمساومة على هذا الخيار، وإن تطلب الأمر دفع الثمن بإسالة دماء الآلاف من الضحايا.
وأحسب أنك يا أخي خالد لم تشعر بنشوة النصر، كما شعرت هناك، حيث استقبلوك حكومة وشعباً كرئيس منتصر وأنت كذلك، وتفاعلوا معك كقائد كبير وأنت كذلك، وقالوا لك ما لم يقله أخ لأخيه وناصر لنصيره، وفرشوا الأرض وداً ومحبة ما لم يفرشوه لغيرك، وهتف لك نواب مجلس الشورى هناك قبل أن يهتف الناس، وكم يتمنى أي مسؤول في المنطقة أن يحظى بتأييد مطلق ومنقطع النظير من القادة في إيران، كما حظيت أنت هناك.
وأمام الدلالتين أدركت والحمدلله أن الرهان على فرس الأنظمة العربية ومشروعهم المستورد من البيت الأبيض ليست خاسرة فقط، بل ستخرجك من الحسبة تماماً، كما أنهت ياسر عرفات من قبل ومحمود عباس اليوم وكل من لف لفهم، ولا مجال اليوم إلا السير في هذا الخيار والتحالف مع فرسانه، وحتماً سيأتي يوم للتحرير يعز فيه الله أنصاره، حينها ستهرول الأنظمة الخاسرة نحوكم مطأطئي الرؤوس خجلاً ومنسكي الهامة حياء.
الدلالة الأولى يا أخي خالد سياسية ومعنوية، في كون الزيارة كانت محطة رئيسة يمكن أن تشعرك من خلال الطريقة التي تم استقبالك بها في طهران، وإلى حين توديعك بنشوة حقيقية للنصر الإلهي الذي كرّم الله أهل غزة به، مما يعطيك دافعاً ذاتياً ومكتسباً في آن واحد كي تسترجع ملفات الماضي الأليم كلها، وتعيد الحسابات لتقيم التعامل الجديد على ضوء الموقف من محنة شعبنا في غزة وفلسطين على العموم، فلا مكان اليوم للمجاملات بعد أن اتضحت الصورة وانكشفت المؤامرة بتواطؤ عدد من الأنظمة العربية بصورة مباشرة أو غير مباشرة مع كيان العدو الصهيوني، ليبقى تعزيز هذا الرهان على خيار المقاومة عنوان المرحلة وإعلان جبهة تضم كل من وقف مع أهل فلسطين في محنتهم وإيصال رسالة سخط وغضب وامتعاض لكل من خذلكم.
أما الثانية فهي دلالة عقدية، كونها الزيارة يا أخي خالد قد ساهمت في إذابة الكثير من الفوارق المذهبية واللغة الطائفية لمصلحة مشروع الأمة، وهو ما نتمناه كأرضية يمكن تحصين ثغور المسلمين في مواجهة أعدائهم، خصوصاً أن الإدارة الأميركية السابقة بتعمد والتكفيريين جهلاً كانا حريصين أشد الحرص على تفعيل هذا الملف الغاية في الحساسية. لذا لا أجد يا أخي خالد إلا أن أشد على يديك، وأن تبدأ بتضميد الجروح ورأب الصدع الذي طال الحال العامة وفرض المقاومة خياراً استراتيجياً أوحداً و«ترمومتراً» يحدد بعد أي نظام سياسي أو قربه من فلسطين ومحنتها.


د. سامي ناصر خليفة

الرأى

تعليقات

اكتب تعليقك