عن أخطاء مؤسسة التأمينات!.. تكتب عواطف العلوي

زاوية الكتاب

كتب 1086 مشاهدات 0


الكويتية

مندهشة  /  ادفع 22 ألف دينار.. يا جاهل!

عواطف العلوي

 

أضاءت اللوحة المتدلية من السقف برقمه، فتوجه الشاب إلى الموظفة التي اختارتها الأقدار له، وجلس قبالتها، وبعد التحية رَمَت عليه القنبلة: «أخوي عليك مديونية باثنين وعشرين ألف دينار!».
أخرَسته الصدمة وشلّت لسانه، وظل مشدوها للحظات طالت كالدهر، «مديونية ماذا؟!» سألها بعد أن استجمع شتات فكره وعقله الذي كاد يطير، وبصوت أرجفته المفاجأة، فتَلَت عليه ما هو مسجل وظاهر لديها على شاشة الكمبيوتر أمامها: أنت تتسلم مبالغ غير مستحقة من معاش والدك ووالدتك وجدتك - رحمهم الله جميعا - منذ عامين، وعليه يجب استرداد كل تلك المبالغ التي صُرِفت لك بغير وجه حق!
عَرَته بهْتة وعَلَته حيرة وأَسكته الهمّ وأخذته الكآبة كل مأخذ، حتى ان الموظفة أشفقت عليه وتعاطفت معه، ورغبة منها بمساعدته سألت المسؤولة المباشرة وأمام المُراجع عن حالته، وإن كان بالإمكان مساعدته، فكان جوابها وبأسلوب عنجهي: فليقدم التماسا يبين فيه إنه تسلم تلك المبالغ بغير حق بسبب (جهله بالقانون)، وليحدد قيمة المبلغ الذي يستطيع إعادته نقدا ومبلغ القسط الذي يقدر على دفعه شهريا لاستكمال باقي المديونية عليه وسندرس حالته ونقرر الموافقة أو الرفض!
سلَّم المراجع الذي لم يفق من الكابوس بعد بالأمر الواقع، وبنبرة متهدجة مستسلمة سأل إن كان مسموحا له دفع مبلغ صغير كقسط شهري لسداد المديونية، بسبب ظروفه الصعبة، ولأنه لا يزال عاطلا عن العمل!
لكن الموظفة (النشمية) لم تقبل بالاستسلام، ولم تستطع مقاومة شعورها بأن هناك خطأ ما في الموضوع، فاتصلت بموظفة في الإدارة وسألتها، فردت عليها بنفس إجابة المسؤولة السابقة وبنفس العنجهية واللامبالاة المقيتة التي يتسم بها كل جاهل مغرور، وبأنه يتوجب عليه دفع كل المديونية. لم تقتنع الموظفة وظل «الفار يلعب بعبها»، فاتصلت بمسؤولة بمنصب أعلى وخبرة أغنى، وشرحت لها الحالة، استغربت تلك المسؤولة وطلبت منها إرسال ملف هذا المراجع إليها على الفور، وبعد أن اطلعت عليه، اكتشفت خطأ لم ينتبه إليه كل الموظفين المعنيين الذين مرت عليهم بيانات هذا المراجع، وقامت مشكورة باستدعاء المراجع إلى الإدارة وتبليغه إنه لا مديونية عليه ولا بطيخ!
هذا ليس مشهدا من فيلم، بل موقف حقيقي حصل في مؤسسة التأمينات الاجتماعية قبل يومين، ولأن المُراجع شاب طيب مهذب مسالم، كغالبية شباب الكويت، فإنه لم يُبدِ غيظه المكتوم، ولم يقدم أي شكوى بشأن هذا «الخطأ» الذي كاد أن يتكبده وهو في أول درب الحياة مبلغ اثنين وعشرين ألف دينار بلا ذنب ارتكبه، بل على العكس، ظل المسكين يشكر الموظفة التي ساعدته ويدعو لها بالتوفيق والخير والسعد وطول العمر، حتى طفرت الدموع من عينيها!
هل تظنون أنها الحالة الوحيدة التي أخطأت مؤسسة التأمينات الاجتماعية باحتساب ما لها وما عليها؟! بالطبع لا، أملك بيانات ومعلومات عن عشرات الحالات التي وقعت فيها أخطاء جسيمة باحتساب ما يُصرف للمواطنين من مستحقات ومعاشات، منها ما تم تصحيحه بعد حين، بفضل فطنة بعض المراجعين، والله يعلم كم منها لم يُكتشف فيه الخطأ حتى اليوم!
يا سادة يا كرام، انتبهوا وعوا، لا يغركم الشاي والحليب وبسكويت المطاحن الذي يقدم إليكم في المؤسسة وأنتم تنتظرون الدور! فلوسكم أَهَم، لا تطير!
اللهم إني بلغت، اللهم فاشهد..!

الكويتية

تعليقات

اكتب تعليقك