لست أمريكيا .. إذن لا مكان لك هنا بقلم جيليان تيت

الاقتصاد الآن

538 مشاهدات 0


قي وقت سابق من هذا العام حين كنت أتحدث مع رئيس مجلس العلاقات الخارجية في الولايات المتحدة، ريتشارد هاس، سألته بشكل عابر عن إمكانية انضمامي للمجلس. فعلى كل حال لقد قضيت معظم أيام حياتي في الترحال حول العالم، وأحب المشاركة في المناقشات من النوعية التي يقيمها مجلس العلاقات الخارجية.   ومع ذلك كان جواب هاس هو الرفض لكن بأدب جم. حدثني عن عدم إمكانية انضمامي للمجلس كوني لست أمريكية. فبغض النظر عن دعم مجلس العلاقات الخارجية للحوار الدولي، أو ترحيبه علانية بالصحافيين، إلا أنه تمسك على مدى تسعة عقود بالقاعدة التي تمنح عضوية المجلس للمواطنين الأمريكيين وحدهم، سواء كان هذا المواطن أمريكي الأصل، أو حاصلا على الجنسية. وكذلك تمنح العضوية لمن يقيم إقامة دائمة في الولايات المتحدة وتقدم بطلب للحصول على الجنسية. لذا العيش في نيويورك بوصفي مواطنة بريطانية تحمل تأشيرة عمل يعتبر غير مؤهِل لعضوية المجلس، ويتعين عليّ أن أتلقى دعوة من مواطن أمريكي تنطبق عليه الشروط لحضور مناقشات المجلس.   إنها نقيصة ثقافية تثير التأمل، خصوصا أن بريطانيا عينت للتو مارتن كارني محافظا لبنكها المركزي. وبالمناسبة أنا لا أعترض على كوني استبعدت بلياقة من عضوية مجلس العلاقات الخارجية، فلكل مجتمع الحق في وضع القواعد التي تناسبه، لكن تشاتام هاوس في لندن، الذي يعادل مجلس العلاقات الخارجية، لا يفرض المواطنة شروطا للانضمام إليه، فهو يقبل كل من هو قادر على دفع مستحقاته ويتسم بالجدية الكافية ليحضر. واللافت أكثر للنظر أن عديدا من مكاتب الحكومة البريطانية ملت من البريطانيين. فبينما يعد كارني أول أجنبي يُعين لإدارة بنك إنجلترا، إلا أن هذا ليس مستغربا. فهناك كثير من الرعايا غير البريطانيين في مؤسسات مالية مهمة. وفي الواقع هناك ممثل بريطاني في صندوق النقد الدولي ليس بريطانيا. وأي شركة بريطانية كبيرة توظف الآن كثيرا من غير البريطانيين، أغلبهم ذوو مستوى مميز.   لكن الولايات المتحدة تختلف بشكل ملحوظ. هناك بالتأكيد من غير الأمريكيين من يشغلون وظائف عليا في القطاع الخاص، لكن ليس في الحكومة. فقواعد الخدمة المدنية الأمريكية تنص على أن المواطنين والحاصلين على الجنسية والمقيمين في ساموا الأمريكية وجزيرة سوينز هم من لديهم الحق في التنافس على الواظائف الخدمية. وعلى الرغم من موافقة مكتب إدارة شؤون الموظفين التي تسمح للوكالات بتوظيف غير المواطنين عندما لا تتوافر المؤهلات المطلوبة في أي من المواطنين، فإن مثل هؤلاء قد يمنحوا وظائف مستثناه. وإذا كان هناك من غير الأمريكيين قد عين في الحكومة فهذا يعد من النادر. وعندما يتعلق الأمر بالمناصب العليا جداً، مثل الرئيس ونائب الرئيس، فتلك الوظائف لا يمكن أن يحصل عليها سوى المواطنين المولودين في الولايات المتحدة وليس المجنسين، ومن ثم كانت الشائعات التي لا نهاية لها حول شهادة ميلاد باراك أوباما.   فلماذا هذا التمييز؟ يشير بعض الأصدقاء الأمريكيين إلى حقيقة أن الولايات المتحدة دولة هجرة، لذلك تتنوع أصول مواطنيها أكثر من الأوروبيين. وقد يقول قائل: إن أمريكا أمة عقائدية، أي أنها أمة تستند إلى عقيدة دستورية وليس إلى تاريخ مشترك. وهناك أيضا إرث الحرب الباردة والخوف من تسلل الأجنبي، أو الشيوعي.   ومع ذلك هناك طبيعة زلقة وغريبة للانتماء في بريطانيا المعاصرة. فمفهوم المواطنة الأمريكية اختيار من اثنين؛ إما أن تكون أمريكيا وإما اجنبيا. لكن في بريطانيا لا يوجد مثل هذا، فالجنسية ليست بالأسود والأبيض. هناك الأحمر والأبيض والأزرق التي تعتبر أفضل من الرمادي.   ويعكس هذا الغموض جزئيا الماضي الإمبراطوري في بريطانيا، عندما كان الملايين في الإمبراطورية البريطانية يعتبرون بريطانيين جزئيا. ومع ذلك يمكن الآن لأي شخص يحمل جواز سفر الاتحاد الأوروبي أن يعمل في بريطانيا وفي حكومتها. وبينما لا تزال بريطانيا الريفية متجانسة إلى حد ما، فإن أجزاء من لندن تبدو أكثر تنوعاً من البوتقة الأمريكية.   أنا بالتأكيد لا أصدر أحكاما أخلاقية حول أيهما أفضل فكلا البلدين لديهما تحديات عنصرية، لكن إذا كان هناك شيء آخر فسيكون من الرائع أن يقام نقاش بين قادة الولايات المتحدة حول ما إذا كان من الممكن أن يدير أجنبي في وقت ما الاحتياطي الفيدرالي. وربما ينظم مجلس العلاقات الخارجية هذا النقاش ويدعونا جميعا نحن غير الأمريكيين لنحل ضيوفا.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك