الجارالله: يحذر من غياب منطق الدولة في إيران

زاوية الكتاب

كتب 552 مشاهدات 0


الاعتداء الإيراني السافر على الديبلوماسي الكويتي في طهران, ومحاصرة رجال الحرس الثوري للسفارة الكويتية لمدة أربع ساعات حدث غير مفصول عن منازلات طهران لخصومها الأميركيين, والتي تتوسل إليها تحويل الأوطان العربية إلى ساحات مفتوحة لإشعال هذه المنازلات, كما هو الحال في العراق ولبنان وفلسطين. خطورة الاعتداء الإيراني أنه يشكل مدخلاً لفهم نظرية العمل التي يعتنقها النظام والقائمة على توسيع ساحات المجابهة بحجة مقاومة المشاريع الأميركية على خلفية اتهام سلطاتها بالعمالة لواشنطن وبالتبعية لها. لقد سبق لطهران أن هددت بإشعال دول الخليج إذا ما تعرضت إلى ضربة عسكرية أميركية, كما هددت بتحويل قواعد أميركا في هذه الدول إلى ركام. وفي خلفية هذا التهديد تكمن نظرية التوسع وإقحام الذات الفارسية في الحياة العربية العامة, ومحاولة إحلالها مكان النظام العربي العام الذي يعاني من الضعف الشديد. القول بأن على إيران أن تبقى في إيران أصبح قولاً نظرياً بعد أن تمكنت هذه الدولة الأصولية الأعجمية من تفتيت العراق, ومن السيطرة على القرار الوطني في سورية, ومن تهديد لبنان بتحويله إلى عراق آخر, ومن القضاء على حلم الدولة الفلسطينية بتحريض »حماس« على الانقلاب السياسي, وفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية, ووضع السلطة الفلسطينية في الجانب الخائن من الأمة الموالي لأميركا. الاعتداء السافر على السفارة الكويتية في طهران وعلى الديبلوماسي الكويتي لا نستطيع النظر إليه بمعزل عن محاولات إيران مد أذرعها إلى دول الخليج, وإرهاب هذه الدول, والتمهيد إلى وضعها في دوائر التعاون مع أميركا, وهي دوائر, في المفهوم العقيدي الإيراني, خائنة وتجوز محاربتها. الآن أصبح الأمر يقتضي من العرب القيام بحركة ما تاريخية ترجع إيران إلى إيران, وتعيد القضايا العربية إلى العرب... على العرب بهذا المعني أن يبحثوا عن طريقة تضع حداً للتحرشات الإيرانية في صميم خصوصياتهم, وللمحاولات الإيرانية لتحويل أوطانهم إلى ساحات مفتوحة للصراع مع أميركا والغرب تتحول بعدها إلى ساحات محروقة لا ينعق فيها حتى البوم والغربان. دول الغرب لم تعد لوحدها من يريد وضع حد للطموحات الإيرانية الجامحة, بل دول العالم العربي التي شعرت أنها اخترقت من قبل إيران, وأن بعضها قد أصبح تحت رحمة طهران تتصرف بمصيره كيفما تشاء... ودول العالم العربي هذه بدأت تتساءل الآن عن أمنها ومستقبل استقرارها, وتقول إذا كانت طهران في أول الطريق إلى امتلاك قنبلة نووية وتظهر كل هذه الطموحات في التوسع والهيمنة وتجاوز الحدود, فكيف سيكون سلوكها لو امتلكت هذه القنبلة. إن الخطاب الإعلامي الممانع الذي يعتمد على تجربة أميركا مع نظام صدام حسين لتبرير هشاشة الغزو وتبرير منطقه, حيث لم يعثر في العراق على أسلحة دمار شامل, وأن الأمر ذاته سيحدث مع إيران لو تم ضربها عسكرياً, وبالتالي إن أهداف أميركا ودول الغرب هي السيطرة على ثرواتنا, وهي تطويعنا في شرق أوسط جديد... إن هذا الخطاب الإعلامي الرث لا يصلح للدفاع عن السلوكيات الإيرانية الراهنة, وبالذات اقتحامها للخصوصيات العربية في العراق ولبنان وفلسطين وسورية. علينا أن نأخذ الحيطة من النظام الإيراني مهما تعالت الأصوات التبريرية, وأن نعرف بأن صدام حسين هو الذي ارتكب الجريمة وليس الذين طلبوا الوقاية منه وضربوه وأسقطوه. إن التهوين أو الاستخفاف بالعدوان الإيراني على الديبلوماسية الكويتية لا يعني أبداً حجب خطورة هذا العدوان وأبعاده الأخطر, فما حدث, كما قلنا, يزيد من بواعث القلق, وإن ما حدث لسفارة الكويت في طهران قد يحدث لسفارة أي دولة خليجية أخرى. ومما يضاعف القلق هذا عدم وجود دولة في إيران, وغياب منطق الدولة في إيران. وربما هذا ما يفسر إصرار العالم على إخضاع البرنامج النووي الإيراني إلى الرقابة الدولية لضمان استخدامه في الأغراض السلمية فقط. لن ينفع النظام الإيراني تغطية فشله في الداخل عن طريق افتعال الحروب الخارجية, ولفت أنظار الشعب الإيراني إلى أولويات تتقدم على أولوياته الحياتية, فهذه اللعبة سرعان ما ستنتهي عندما سيتلقى هذا النظام الضربة العسكرية المفترضة, وفي لحظاتها الأولى. أحمد الجارالله
السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك