طلاسم الإيداعات المليونية وأسرارها، برأى حسن جوهر أكبر وأخطر من اختزالها بـ”كبت” الأمهات
زاوية الكتابكتب أكتوبر 7, 2011, 12:11 ص 1631 مشاهدات 0
الجريدة
السر ليس في الكبت !
د. حسن عبدالله جوهر
لا يمكن الرهان فقط على الاستجوابات، وينبغي أن تكون هناك جبهات أخرى موازية ومكملة للمساءلة السياسية، وفي مقدمتها استعجال الردود على الأسئلة البرلمانية لكشف خريطة المال السياسي واتجاهاته أمام الرأي العام الكويتي، ومنها الإصرار على إقرار قوانين الذمة المالية ومحاربة الفساد والتعديلات على قانون غسل الأموال بأقصى سرعة.
التحدي الأكبر أمام مجلس الأمة، الذي لم يكن له مثل في تاريخ الديمقراطية في الكويت هو الكشف عن تفاصيل فضيحة الإيداعات المليونية التي هزت مشاعر الناس ونفخت أوداجهم، والجميع يترقب نتائج أي إجراء حقيقي من شأنه فتح خارطة الفساد من الباب الواسع.
وفي رأيي فإن ملامح الإيداعات المليونية قد بانت وبشكل واضح في صورتها السياسية، وتتمثل بلوحة بروازها ذو أضلاع أربعة تشمل المؤسسة التشريعية وأطرافا حكومية من جهة، والإعلام الفاسد وأطرافا تجارية من جهة أخرى، ومثل هذا الاستنتاج يعتمد على منطق تسلسل الأحداث والمحطات السياسية والمواقف المرتبطة بها منذ سنوات قليلة مضت، والإيقاع الموسيقي على مسرح الحياة العامة لهذا الواقع جلي كالشمس.
ومع ذلك ورغم انكشاف الفضيحة سياسياً فلابد من التصدي لهذه القضية قانوناً وتشريعاً لسببين: أولهما القصاص واسترجاع هذه المبالغ إلى مكانها الحقيقي، والثاني سد الفراغ التشريعي لعدم تكرار مثل هذه الجريمة وبهذه الجرأة المغرورة، وكذلك فتح بقية ملفات الفساد والرشوة وبيع المواقف بأشكالها المختلفة تباعاً حتى لا يقال إننا نكيل بمكيالين، وحتى لا “يتشطر” أحد علينا في خلط الأوراق ويساوي “قبيضة” الملايين بتعيين بعض المساكين أو علاج بعض المرضى أو غير ذلك من صور الفساد.
وفضيحة الملايين يجب أن تعالج أيضاً من جبهات عدة، فالحراك الشعبي والمساءلة السياسية جبهة قوية ومؤثرة بلا شك، والدفع في هذه المواجهة خلق رأياً عاماً ضاغطاً وجمّع القوى السياسية المختلفة حول قضية وطنية كبرى من جديد، ولكن الطرف الآخر بات مستعداً للمواجهة والحسبة الرقمية أصبحت مريحة للحكومة وأغلبيتها النيابية، وسيناريو أي استجواب لرئيس مجلس الوزراء من المرجح أن يبدأ بطلب جلسة سرية ثم إحالة الاستجواب إلى المحكمة الدستورية وتأجيلها إلى نهاية دور الانعقاد، وربما ما تبقى من الفصل التشريعي برمته.
ولذلك لا يمكن الرهان فقط على الاستجوابات، وينبغي أن تكون هناك جبهات أخرى موازية ومكملة للمساءلة السياسية، وفي مقدمتها استعجال الردود على الأسئلة البرلمانية لكشف خريطة المال السياسي واتجاهاته أمام الرأي العام الكويتي، ومنها الإصرار على إقرار قوانين الذمة المالية ومحاربة الفساد والتعديلات على قانون غسل الأموال بأقصى سرعة، وتوجيهها نحو المساهمة في كشف الحقائق الحالية وجعلها رادعاً ذا هيبة ومصداقية؛ كصمام أمان للمستقبل، وأخيراً تجب مواصلة التحقيق البرلماني في هذه القضية سواء داخل المجلس أو من خلال ندب أو أكثر للاطلاع على البيانات المالية في بنك الكويت المركزي.
هذه جملة من الحلول العملية والواقعية بل المبرئة للذمة أمام الله وأمام الناس لعل وعسى نستطيع أن نكشف بعض طلاسم الإيداعات المليونية وأسرارها، التي بالتأكيد ستكون أكبر وأخطر من اختزالها بـ”كبت” الأمهات المسكينات الذي لا يتعدى مخزونه الاستراتيجي تشكيلة من أدوات التراث كالمشط الخشبي وزيت الشعر الهندي وأكياس من الحنة، وقنينة كحل أسود وبعض الملافع، وفي كل الأحوال حفنة من الدنانير مربوطة بإحكام بربطات من القماش لا يستطيع أي “حرامي خزنة” أن يفك عقدتها!
تعليقات