لماذا أصبح العرس الكويتي هما بعد أن كان مصدر فرحة وبهجة وشوق؟..تساؤل طرحته إقبال الأحمد ويناقشه خليل علي حيدر

زاوية الكتاب

كتب 2641 مشاهدات 0


الوطن

ما هوب على كيفك!

 

خليل علي حيدر

 

 

 

 

 

من يشاهد على التلفاز أو بشكل مباشر حفلات الزواج العربية أو الشرقية أو حتى الاسبانية والايطالية يدرك ما تقوله الكاتبة الكويتية «إقبال الأحمد» في مقالها «لحريم الكويت فقط»، الجريدة 2011/7/19.

الاعلامية المعروفة نقلت بتفاعل، شكوى إحدى القارئات لها، عما انتهى اليه حال مراسم الزواج في الكويت، وما صارت العادات والتقاليد تفرض على هذه المناسبة البهيجة من واقع.. لا علاقة له بالسعادة والفرح.

الأعراس في الكويت كانت في السابق ممتعة، يقول المقال، إلا أن الحال تبدلت بالكامل اليوم، فكثير من النساء يجدن الحرج في كيفية الاعتذار عن عدم الحضور، بسبب ما تسببه أعراس اليوم من انزعاج، فإعداد العرس يستغرق وقتا طويلا، وهذا مشاهد في كل الدنيا تقريبا، ولكن العروس هناك تسعد حقا، وتفرح بليلة العمر تلك، أما في أعراس الكويت فالمناسبة مزعجة للعروس ولأهلها وللعريس وللضيوف!، فبسبب ارتفاع أسعار فرق الغناء يلجأ كثيرون إلى ما يسمى بالـ«دي جي» الذي يصم آذان الحضور بالموسيقى الآلية والسماعات العالية الصوت، فلا أحد يتحدث ولا أحد يسمع من يتحدث!.

أين جو التواصل الاجتماعي والاحتفاء والتعارف وتبادل الذكريات في مثل هذه المناسبة؟ أعراس اليوم، تقول الكاتبة، اختفت منها الجدّات والأمهات، «اللاتي اختفين إما لعدم دعوتهن، أو لعدم حضورهن بسبب الصوت العالي والازدحام وتأخر نزول العروس إلى ما بعد منتصف الليل»، فبوفيه العشاء لا يفتح إلا في وقت متأخر، وبعد أن يتناول الضيوف الكثير من الحلويات «الخفيفة»، التي توزع قبل وبعد وصول العروس وتذهب أموال كثيرة هدراً، لأن «الأغلبية يغادرون فور وصول العروس وبمجرد الإعلان عن فتح البوفيه الذي غالبا ما يكون بعد الساعة الواحدة بعد منتصف الليل»، لماذا أنفقت الآلاف على إعداد هذا البوفيه والعشاء إذن؟.

لماذا أصبح العرس الكويتي هما بعد أن كان مصدر فرحة وبهجة وشوق، تتساءل الكاتبة؟ ولماذا أصبح تتهرب منه الأكثرية إما بالسفر أو باختلاق الأعذار؟ لماذا لا تستمتع العروس بحفلها وبالأموال التي أنفقتها على هذا الحفل؟ ولماذا تدخل المسكينة وهي متصلبة وقفصها الصدري يعلن عن دقات قلبها بوضوح، نظرتها محسوبة ومشيتها مراقبة.. نادراً ما نشاهد عروساً كويتية في مثل هذه الحفلات على طبيعتها وبساطتها، «لماذا يجب أن تكون العروس تمثالاً ماشيا»؟.

الزميلة الفاضلة لم تتطرق للجانب الرجالي من هذا الاحتفال، فهو وإن كان أقل إزعاجا مقارنة بما تعاني منه النساء، إلا أنه كذلك لا يعبر في مظاهره عن السعادة الحقيقية والمشاركة والاجواء التي نشاهدها في مثل هذه المناسبة لدى شعوب أخرى، فالعزل بين الجنسين، ودعوة جمع غفير لا علاقة لهم أحيانا كثيرة بالعروس والعريس، والدعوات الرسمية وغير ذلك، تجعل مناسبة الزواج لا تختلف في بعض الأحيان في صالات الرجال عن حفلات التخرج أو ما شابه!.

«قريبتي في كل مرة أزورها»، تكتب كاتبة سعودية متميزة، وهي بدرية البشر، الجريدة 2011/7/23، عن ظاهرة أخرى فتقول: «تصرّ علي أن تقدم لي وليمة على العشاء. وكلما أفهمتها أنني لا أتعشى عادة، تنهرني قائلة: «يالله عاد، ما هوب على كيفك».

وتذهب أمام هذا الإلحاح ربما كل حسابات الرجيم والحمية الغذائية والحرص على تجنب الكربوهيدرات!.

الكاتبة صارت تتمنى أن ينتهي زمان الكرم الحاتمي، على الأقل كلما زارت قريبتها التي تحاول أن تطلب للحضور وليمة العشاء، مهما كانت الظروف، «فالعشاء لا يأتي إلا متأخراً، مرة بسبب جدول مواعيد المطعم الممتلئة، ومرة بسبب جدول مواعيد السائق المزدحم، ومرة بسبب جدول مواعيد الزوج، وحتى يأتي العشاء تكون الخلافات الصاخبة قد دبت بين ربة المنزل والخادمة التي لا تفهم العربية، والسائق لأنه تأخر بالعشاء، ثم تتصل بالمطعم لتخاصمه على عدم التزامه بالقائمة المطلوبة»، والنتيجة، تقول الكاتبة «انتهت الزيارة دون أن نجلس أو نستمتع بالحديث معها، وأكاد أشك أنها هي أيضا استمتعت، لأن المشاكل حاصرتها من كل صوب وحدب، والتأخير قد حاصر ضيوفها، والسائقون ملّوا في الخارج من طول الانتظار، والأطفال سهروا وحل موعد نومهم».

ما الذي يجري اليوم لتقاليدنا الخليجية؟ يوم الفرح لمن إن كان العروسان والضيوف بهذه الحال؟ كيف يمكن التعبير عن الحب والتقدير دون تكديس الطعام؟

 

خليل علي حيدر

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك