بعكس دول الغرب، حسين الراوي يكتب: في المشرق العربي نهتم بمزاين الإبل ومسابقة أجمل حيوان ونبيع الناقة والبعير والنعجة والخروف

حسين الراوي / أبعاد السطور / هيا بنا نخلد للنوم!
 

الكثير من كراسي الحُكم في الوطن العربي جلس عليها أصحابها بالقوة، وبعد أن يستقروا فوق كراسيهم لا يمكن أن يفكروا ولو عن طريق السرحان والشرود الذهني أن يتركوا كراسيهم لغيرهم بحسب ما يقتضيه الدستور والديموقراطية! نحن العرب من أول نقطة ماء في المحيط إلى آخر نقطة ماء في الخليج لا توجد عندنا ديموقراطية حقيقية وإن تشدق إعلامنا بها على سائر اختلاف أشكاله، وحكوماتنا تمتلك دساتير لكنها لا تحترمها ولا تعمل بها ولا تأخذ منها إلا ما يعينها على تمرير مصالحها ضد شعوبها! ذات مرة كنت جالساً مع نفسي أُحدثها وتحدثني بهدوء وسلام ومزاج عالٍ، فقالت لي نفسي: شيء مُحزن ومخزٍ ذلك الفرق الكبير بيننا وبين الغرب. فالتفت يميناً وشمالاً وقلت لها بصوت خافت: لما تقولين هذا الكلام؟ قالت: فكرت كثيراً في الذي يمكنني أن أفتخر فيه كنفس عربية في هذا الزمن فلم أجد شيئاً يستحق! قلت لها بتعجب: كيف تقولين هذا الكلام، بل هناك أشياء عظيمة نحن في المشرق العربي حققناها في هذا الزمن لم يصل إليها ولم يحققها الغرب. قالت لي نفسي: وما تلك الأشياء الكثيرة؟ قلت لها بثقة: نحن في المشرق العربي شيدنا المعتقلات والسجون وهم لم يشيدوا إلا الجامعات والمستشفيات والمختبرات العلمية. نحن في الشرق نمتلك برلمانات ومجالس أُمة وشعب لا تعمل إلا لصالح الحكومة ووجودها مع عدم وجودها لا فرق بينهما، أما الغرب فبرتماناتهم ومجالسهم لا تفعل شيئاً سوى أنها تقطع رأس المفسد وتقف دوماً مع مصلحة الشعب. ونحن في المشرق العربي عندنا حكام تحبهم الشعوب حُباً جماً لدرجة أنهم في كل انتخابات رئاسية يفوزون بنسبة 99.9 في المئة! وأما حكام الغرب فشعوبهم لا يحبونهم والدليل أنهم دائماً يتجددون في معظم الانتخابات الرئاسية. ونحن في المشرق معظم خيرات أوطاننا تذهب لجيب السُلطة وحاشية السُلطة مصاصي الدماء من التجار القريبين من السلطة فقط، أما في الغرب فكل ما يدخل لخزينة الدولة لا يخرج منها إلا إن كان في صالح الشعوب والأوطان فقط. ونحن في المشرق يُقتل المواطن ويسجن ويعتقل ويسحل ويركل لأن الفساد الإداري انتشر في الأجهزة الأمنية، أما هناك في الغرب فقد اهتموا بالإنسان وكفلوا له كامل حريته وكرامته ويستطيع أن يوصل كلمته لرئيس الدولة ومن هو دون منصبه بكل سهولة. نحن في الشرق لا يترك حكامنا كراسيهم إلا بالثورة والقتل والدماء والنيران، وفي الغرب يترك الحاكم كرسيه بشكل دستوري ونظامي وبكل هدوء. نحن في المشرق العربي لا نهتم بالعلماء والمبدعن والمفكرين لدرجة أننا نطردهم باتجاه دول الغرب حتى يحققوا نجاحهم بعيداً عنا. نحن في المشرق العربي نهتم بمزاين الإبل ومسابقة أجمل حيوان ونبيع الناقة والبعير والنعجة والخروف بأموال طائلة بها نستطيع أن نُعمر العديد من المدارس والمستشفيات، أما الغرب فليس عندهم طويل عمر يفتتح مزاين الإبل أو مسابقة أجمل نعجة. فجأة قاطعتني نفسي وقالت: يكفي يكفي، هيا بنا نخلد للنوم!

حسين الراوي
كاتب كويتي