نحن هنا لسنا معنيين بالتشنج الدولي/الإيراني.. د. حسن عبدالله عباس ينصح بالابتعاد والنأي بأنفسنا عن الدخول في ما بين الكبار

زاوية الكتاب

كتب 943 مشاهدات 0


بوشهر وتبعات إيران النووية

بعد أكثر من ثلاثة عقود من التأجيل والتأخير والمماطلة بدأت محطة بوشهر النووية لانتاج الكهرباء بالدوران معلنة بذلك فوز العناد الإيراني على الغرور والمكابرة والصلافة الإسرائيلية. دخول إيران النادي النووي قبل أيام لا شك حمل معه رسائل كثيرة وجهتها الجمهورية الإسلامية وفي اتجاهات عدة.
فرسالة وصلت للأميركيين بأن إيران لن ترضخ لضغوطات وإملاءات خارجية، وأنها قوة إقليمية لا يُستهان بها ويجب الجلوس معها لا فوقها، ورسالة وصلت للإسرائيليين بأنها خسرت موقعها الماضي ولم تعد كسابق عهدها تهدد وتضرب بل هي في مرمى الخوف وفي حاجة للحماية لأن التفوق العسكري لم يعد في صالحها، ورسالة ثالثة للمجتمع الدولي بأن العقوبات لم تثمر ولم تأت بنتيجة إيجابية بل على العكس تماماً سرّعت من عجلة التقدم النووي، ورسالة رابعة تلقفتها دول الخليج والمنطقة بأن المشروع النووي السلمي خيار لابد منه وهو ما بدا واضحاً بإعلان أكثر من دولة نيتها بإنشاء مفاعلاتها الخاصة.
أكثر الاطراف تضرراً بلا شك من هذا النجاح والرمزية التي رافقته هي إسرائيل، فإسرائيل بدأت تخسر حربها في التفوق التكنولوجي والعسكري مع هذا التحول الجديد. لهذا غدت طبول الحرب تُسمع هذه الأيام أبعد بكثير عن أي وقت مضى لأن المشروع النووي في الشرق الأوسط أصبح واقعاً وحقيقة مرئية. يتبقى إذاً الآن أن نتوقع التحرك الإسرائيلي! فهل سيقدمون على حماقة الضربة العسكرية؟ النُكتة في تخوف إسرائيل لحد اليوم لهذه الضربة وبحسب كلام بعض الساسة يعود إلى أنها ستؤدي لاشعاع نووي خطير يهدد الأبرياء والمنطقة الجغرافية المحيطة! فهل حقاً إسرائيل مهتمة بالعرب والمسلمين المحيطين بالمشاريع النووية لتتخوف وتحذر من خطوة كهذه؟ مسلسل القتل اليومي في الاراضي العربية يقول إن آخر اهتمامات الإسرائيليين أن يكون للعرب حق العيش، فالصحيح أن الإسرائيليين ومن قبلهم الأميركيون يعلمون جيداً أن هذه الضربة هي فتيل لحرب مكلفة للغاية!
ما دمنا في أجواء الضربة دعني أقول إن التهديدات التي تخرج من العسكريين الايرانيين بين الفترة والاخرى من قبيل جميع القواعد الأميركية تحت مرمى نيران الصواريخ الإيرانية، وأي دولة تسمح باستخدام أرضها سندمر مدنها النفطية وبناها التحتية وسنغلق المضيق وسنحرق الارض، هذه الشاكلة من التصريحات العنيفة التي غالباً ما يقال عنها إنها «هفوات وزلاّت» غير مقصودة ولا تعني الجيران في الخليج والتي سريعاً ما تُعدل من قبل السياسيين والديبلوماسيين الإيرانيين وتنقح في ما بعد وتغلف بعبارات السلام والطمأنينة، هذه التصريحات عادة ما تكون متكاملة وتملأ الفراغات ورسائل مقصودة ويُراد لها أن تأتي في هذا السياق الحاد لتدخل ضمن الحرب النفسية وبالتزامن مع ديبلوماسية المحادثات كتكتيك للضغط على الأميركيين من جانب حلفائها في المنطقة.
لهذا فنحن هنا لسنا معنيين بالتشنج الدولي/الإيراني بأكثر مما أُرغمنا عليه بسبب الجغرافيا والجيرة، ما يعني أنه لا خيار لنا سوى الابتعاد والنأي بأنفسنا عن الدخول في ما بين الكبار. والحقيقة أن موقف وزارة الخارجية جميل بهذا الصدد لتأكيدها المستمر بوقوفها على الحياد وبأنها ضد أي معالجة عسكرية للمسألة النووية الإيرانية وبعدم السماح لتكون أرض الكويت قاعدة لتنطلق منها الضربات الأميركية.


د. حسن عبدالله عباس

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك