أحمد الديين : انتبهوا لما يجري بين أمريكا وإيران، فهناك اتجاها أميركيا لإجراء ترتيبات مقترحة مع إيران تستبعد منطق المواجهة والعزل

زاوية الكتاب

كتب 1480 مشاهدات 0





لننتبه إلى ما بين واشنطن وطهران..! 
 
كتب احمد الديين
انشغالنا في قضايانا المحلية يجب ألا يمنعنا من متابعة ما يدور حولنا، فنحن في البدء جزء من هذه المنطقة وهذا العالم، ولسنا بمعزل عما يحدث فيهما من تطورات وما يشهدانه من تحوّلات وتبدلات في السياسات والمواقف، بل لابد أن نتأثر بها وستنعكس حتما علينا... ومن بين ما يفترض بنا أن نتابعه باهتمام ويقظة ما بدأت العلاقات الأميركية – الإيرانية تشهده في الآونة الأخيرة من بداية انعطاف يخالف ما يبدو ظاهرا على السطح من اتجاه نحو المواجهة والصدام!
وفي هذا السياق علينا أن نتابع ما تعدّه مراكز الأبحاث والدراسات الإستراتيجية الأميركية من تقارير وما تقدّمه من توصيات، وخصوصا تقارير “مؤسسة راند”، التي تمثّل أحد أهم مراكز صناعة التوجّهات الاستراتيجية للولايات المتحدة الأميركية منذ العام 1945 وإلى يومنا هذا... فقد أعدّت “مؤسسة راند” دراسة صدرت أخيرا تحمل عنوانThe Iraq Effect: The Middle East after the Iraq War
حيث قرأت عنها ملخصا باللغة العربية، وتضمنت الدراسة في نهايتها مجموعة من التوصيات، التي تقترحها راند على متخذ القرار الأميركي في شأن كيفية التعامل مع إيران بما يتناسب مع مصالح الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة بعيدا عن منطق المواجهة، وبينها توصيتان بالغتا الأهمية، حيث تدعو التوصية الأولى واشنطن إلى “تشجيع إيران على القيام بدور إيجابي، بدلا من السعي إلى تشكيل حلف ضدها قد يُعطي نتائج عكسية من خلال زيادة قوة المتشددين في إيران”، فيما تدعو راند في توصيتها الثانية الولايات المتحدة “إلى العمل من أجل ترتيبات أمنية تترك الباب مفتوحا لإيران كي تنضم إليها، وبناء إجراءات ثقة بين إيران وجيرانها”!
ولعلّ مَنْ تابع دعوة العشاء، التي أقامها وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي في نيويورك ليلة الخميس الماضي في منزل السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة على شرف مندوبي الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، لابد أن يدرك أنّ مائدة العشاء كانت أقرب ما تكون إلى طاولة تداول ومفاوضات على عشاء عمل، إذ حرص الوزير الإيراني على أن يكون نائب المندوبة الأميركية الدائمة في الأمم المتحدة السفير اليخاندرو وولف هو الجالس على يمينه، حيث فاجأ وزير الخارجية الإيراني مدعويه بإعلانه تبني العرض، الذي كان قد تقدّم به المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي في شهر أكتوبر الماضي المتضمن تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة في روسيا أو فرنسا وإعادته إلى إيران... وهذا يعني أنّ هناك اتجاها بدأ يتحرك نحو تسوية ما للملف النووي على نحو لا يموت فيه الذئب ولا تفنى الغنم، وهو اتجاه يتوافق تماما مع وجهة توصيتي “مؤسسة راند”... وهذا هو الجزء الظاهر والمعلن!
والمهم في الأمر أن ننتبه نحن في الكويت، وكذلك في دول مجلس التعاون إلى أنّ هناك اتجاها أميركيا مطروحا لإجراء ترتيبات مقترحة مع إيران تستبعد منطق المواجهة والعزل، مثلما هو الانطباع الظاهري السائد عن السياسة الأميركية، بل علينا أن نلاحظ أنّ هناك تشجيعا أميركيا لإيران يحثها على القيام بدور إيجابي على مستوى إقليمنا الخليجي، وهناك دعوة أميركية لإقامة ترتيبات أمنية إقليمية خليجية لا تستهدف مواجهة إيران وإنما ستترك الباب أمامها مفتوحا للانضمام إليها... وما دام هذا هو الاتجاه الأميركي فإنّه من مصلحتنا كدول خليجية ألا نكون مجرد منفذين طيعين لهذا الاتجاه أو بالأحرى التوجيه الأميركي، وإنما علينا أن نحاول البحث عن دور، وأن نكون المبادرين وليس المأمورين إلى ترتيب مناسب لأوضاع الأمن والتعاون في إقليمنا الخليجي تأخذ بعين الاعتبار أولوية مصالحنا الوطنية وليس تحقيق المصالح الأميركية. 
 

 

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك