فيصل الزامل يرى فى خسارة شركة «أجيليتي» عقدا بـ 2 مليار دولار بسبب اتهامها بالغش والتزوير درسا موجعا للشركات وسمعة الكويت
زاوية الكتابكتب إبريل 17, 2010, 11:34 م 1774 مشاهدات 0
درس موجع للشركات وتحدٍ مهم للدولة
الأحد 18 أبريل 2010 - الأنباء
فقدت شركة «أجيليتي» عقدا بـ 2 مليار دولار، يرتفع تدريجيا الى 6 مليارات لصالح شركة «أنهام» ومقرها في دبي، لتزويد الجيش الأميركي في العراق والكويت والأردن بالطعام والشراب على خلفية اتهام الحكومة الأميركية لشركة «أجيليتي» بالغش وتزوير الفواتير، ويقضي الاتفاق بمنح شركة «اجيليتي» مهلة 6 أشهر لنقل الخدمات منها الى «أنهام»، وقد ترافق ذلك مع عدم فوز شركة الرابطة الكويتية أيضا بعقد مماثل، ما أدى الى هبوط قاس للمؤشر تبلغ قيمته النقدية 888 مليون دينار، وكان سوق الأسهم قد بنى على الأخبار الأولية لهذا العقد مضاربات سعرية شملت مع هذا السهم أسهما أخرى، والنتيجة هي تحقق خسائر كبيرة تحملها صغار المساهمين الذين يسهل استدراجهم تحت تأثير الإشاعات وأيضا «ضغط الطمع ونسيان الماضي»، وفي ظل بطء حركة الجهة المختصة لمواجهة الإشاعات ورصد بيع كبار المساهمين لأسهمهم قبل ظهور النتائج الرسمية للصفقة الأميركية، وأهم من ذلك كله غياب البدائل الاستثمارية الآمنة في مشاريع حقيقية بعيدة عن أسلوب المقامرة، «يا فوق يا تحت».
ما يهمنا في هذه المسألة ـ إضافة الى ما ذكر ــ هو السمعة التجارية للكويت، فالاتهام بالغش والتزوير الذي قد ينتهي بشركة «اجيليتي» للموافقة على دفع 750 مليون دولار كتسوية، يمثل ضربة لسمعة الكويت العريقة في سوق النقل والأمانة التي اشتهر بها هذا البلد على مر أجيال، وتأتي هذه الضربة في وقت تتهيأ فيه الكويت لتكون «مركزا اقليميا ماليا ولوجستيا» من خلال إنشائها ميناء بوبيان للإفادة من موقعها الجغرافي.. الخ، واذا كانت شبهة غير مؤكدة قد طالت شابا تعرض بموجبها الى هجوم عنيف انتهى به إلى الانتحار ـ كما يقال ـ فما الوضع مع شركة اعترفت بالتهمة عبر تلك التسوية الباهظة؟! ولو أننا تحركنا محليا على وقع تلك الحادثة واتخذنا اجراء محليا، فهل كان صغار المساهمين سيقعون في فخ العقود الفاشلة التي سبقها اتهام أميركي ما يعني حكما استحالة إسناد مهام جديدة الى هذه الشركة؟
«الدرس الكبير» موجه للشركات التي تضع بيضها في سلة واحدة وتبني كل شيء على عقد قد تخسره في أي لحظة، أي توزيع المخاطر، وهل أسست الشركة أنشطة موازية بالإفادة من فترة الرواج لمساعدتها في حال انحسار عصر العقود المليارية؟ بالعربي الفصيح، استطاعت شركة الاتصالات المتنقلة «زين» أن تنوع المخاطر باتجاهها الإقليمي (الأردن ـ البحرين ـ السعودية) ثم الدولي (افريقيا) بقيادة الإداري الناجح د.سعد البراك الذي انتبه الى أن الاعتماد على السوق المحلي في الكويت سينتهي بأعمال الشركة الى التقلص مع فتح باب التراخيص، فتحرك بشكل مبكر، وحصدت الشركة نتيجة هذه الإستراتيجية الناجحة التي أفادت جميع المساهمين، صغارا وكبارا، وحتى عندما تعثرت المحاولة الأولى للبيع وتراجع سعر السهم التزم كبار المساهمين بالشراء بقيمة دينارين ممن يرغب في البيع رغم أنهم غير ملزمين قانونا، أين هذا كله مع ما حدث في شركتي أجيليتي والرابطة؟
إن «هيئة سوق المال» مدعوة لمواجهة أول تحد تقابله، وإذا فشلت في المراجعة الكاملة لهذا الملف فلن تعدو أن تكون هيئة «خلق وظائف» مثل كثير من الأجهزة الكثيرة عديمة النفع في هذا البلد.
كلمة أخيرة: سئل رئيس وزراء تركيا (أردوغان) عن النجاحات الاقتصادية في بلاده وتجاوز تركيا لفترة تعثر اقتصادي متكرر، فأشار الى جيبه العلوي قائلا: «لو ان هذا الجيب مليء – يقصد الفساد الاداري - فلن نستطيع محاربة الفساد»، أي أن نظافة اليد هي المدخل لتحقيق أي نجاح.
تعليقات