زايد الزيد يرى أن الأزمة الأخيرة التى جرت بين مصر والكويت قد نالت من هيبة الدولة لأن الخارجية المصرية أدرات أزمة مماثلة مع ليبيا بقدر واضح من التهاون ويستشهد بكتابات مصرية حول منهجية التعذيب فى مصر
زاوية الكتابكتب سبتمبر 14, 2007, ظهراً 569 مشاهدات 0
هيبة الدولة في خطر: نحن ومصر نموذجا!!
زايد الزيد
بعد أن هدأت الضجة، التي أثيرت بشأن تعرض وافدين مصريين متهمين بالتزوير، للتعذيب
على أيدي رجال المباحث، أعتقد أن هذا هو الوقت المناسب، لمناقشة أسباب القضية
وتبعاتها، مناقشة عقلانية هادئة، وبعيدة عن العواطف.
ولنقرر أولا أن مسألة التعذيب مرفوضة تماما، وهذا الرفض ينسحب على جميع من يعيش على
هذه الأرض سواء كانوا مواطنين أم وافدين، فحظر التعذيب منصوص عليه في الدستور.هذا
أولا، أمر آخر ربما لا يعرف عنه الكثيرين، أن أهالي الوافدين المصريين، كانوا
يستنجدون سفارة بلدهم لمدة نحو ثلاثة أسابيع، قضوها بالتردد عليها دون جدوى،
والأدهى من ذلك أنهم لم يتمكنوا من مقابلة السفير!! ولم تظهر القضية على السطح، إلا
بعد أن نشرت الزميلة «الراي» صور آثار التعذيب على جسدي المتهمين، فأحيلت القضية
إلى النيابة العامة بأمر من السلطات «الكويتية»، وذلك في صباح اليوم الذي نشرت فيه
الصور، ويجب أن نعي، أن نشر وسائل اعلامنا لقضية تعذيب أي انسان، مواطنا كان أو
مقيماً، مسألة ايجابية وفي غاية الأهمية، لأنها تعمل في المدى المتوسط أو البعيد،
على تقليم مخالب الأجهزة الأمنية التي يفترض أن تستمد قوتها من القانون وحده.
بعد عملية النشر، قامت القيامة، فأدلى السفير بتصريحات نارية أشعلت الأوضاع،
وانتقلت حرارة هذه التصريحات إلى مصر، فزادوا هناك الطين بلة !! هم «للأسف» لم
ينظروا إلى أن «الكوايتة» هم الذين كشفوا القضية، وهم الذين أحالوها إلى النيابة
العامة! وبدلا من الاشادة بذلك، وبدلا من القول بأن القضية أصبحت في أيدي أمينة
مادامت منظورة أمام القضاء، «اشتغلت» الضغوط السياسية من القاهرة على حكومتنا من كل
المستويات، بمصاحبة حملة إعلامية شرسة على الكويت كلها، وفي آخر المطاف، تم الافراج
عن المتهمين المصريين بكفالة السفارة، رغم أنهما محتجزين على ذمة قضية مستقلة عن
قضية التعذيب، وهي قضية «التزوير»، حتى أن السفير هنا، خرج عن أصول الديبلوماسية،
حينما عقد مؤتمرا صحافيا، جلس فيه على طاولة واحدة مع المتهمين، وأعلن بكل فخر أن
عملية الافراج كانت سياسية!! وهذه إهانة كبيرة للنيابة العامة بلعتها الحكومة بكل
سرور. و السؤال الذي ظل يشغلني طيلة اشتعال الأزمة: هل السلوك السياسي الذي انتهجته
مصر معنا، هو سلوك أصيل، تتبعه مع أي دولة أخري حينما يتعرض مواطنيها إلى أذى؟!
في صدفة قدرية، وبعد أسبوع واحد تقريبا من تفجر القضية، عرضت قناة «العربية» تحقيقا
مصورا التقت، فيه مجموعة من العمال المصريين، الذين يعملون في احدى القرى الليبية،
وتحدث هؤلاء العمال عن منازلهم التي تسبب بحرقها بعض الليبين، وكانت الكاميرات
تتجول بين أنقاض ماتبقى من المنازل المحروقة، وأجمع هؤلاء العمال، على أن سفارة
بلدهم لم تقم بأي جهد تجاه قضيتهم رغم أن المنازل المحروقة كانت تضم نحو 3500 عامل
أصبحوا بلا مأوى، بعد ذلك عرضت «العربية» تصريحا لوزير الخارجية المصري أحمد أبو
الغيط، قال فيه ان الخارجية المصرية، تأكدت بأن شكوى العمال المصريين غير دقيقة!!
ونشر الكاتب المصري فهمي هويدي، مقالا في موقع «الشرقية أون لاين»، يستنكر فيه
الهجمة المصرية على الكويت، ويسخر منها، ويقول هويدي ان ماتعرض له الوافدان
المصريان في الكويت، يتعرض لأكثر منه آلاف المصريين في كل أقسام الشرطة في مصر
يوميا، ويضيف بأن اجهزة الأمن في مصر أصبحت تقدم التعذيب كخدمة «هوم ديليفري» بعد
أن قامت بتعذيب «سمكري» في شقته، ولم تكتف بذلك، بل ألقته من النافذه لتتركه جثة
هامدة في الشارع ! ويسوق هويدي مثالا على اهمال الحكومة المصرية، لأبنائها في
الخارج، بأنها لاتعرف عدد المصريين المحتجزين في سجون غوانتانامو، فضلا عن متابعة
أحوالهم !! ويضيف هويدي بتهكم شديد، أن السبب الحقيقي، الذي كان وراء انزعاج
الحكومة المصرية من الكويت، في قضية الوافدين المصريين،هو أنها تعتبر أن تعذيب
المصريين حق خالص لها وحدها، لا يجوز أن تنازعها فيه أية حكومة أخرى، فـ«التعذيب
ماركة مصرية مسجلة»، والجملة الآخيرة هي عنوان مقال الكاتب فهمي هويدي!!
كل ماسبق، يثبت بسهولة أن السلوك السياسي المصري تجاه الكويت سلوك مصطنع لا تقوم به
مع غيرنا !.لماذا نحن بالذات؟!
أعتقد أن الجميع يعرف الاجابة........
نقيب الصحافيين والمراسلين في الكويت
ورئيس تحرير جريدة «الآن» الالكترونية
النهار
تعليقات