عامر ذياب التميمى يرى أن ان المشكلات المتولدة من العلاقات المتوترة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية عطلت الكثير من المشاريع الاقتصادية
زاوية الكتابكتب سبتمبر 14, 2007, 11:59 ص 467 مشاهدات 0
المسؤولية السياسية!
عامر ذياب التميمي
لايزال الجدل دائراً في الكويت بشأن الأوضاع السياسية الراهنة من التحديات التي
تواجه العلاقات بين مجلس الأمة ومجلس الوزراء ومدى تمكن المجتمع السياسي من تجاوز
هذه الأوضاع حتى تتمكن البلاد من الانطلاق في دروب التنمية المتعددة.. لاشك ان
الأمر يتعلق بمسؤولية أكثر من طرف ولا يمكن حصر هذه المسؤولية بمجلس الأمة والوزراء
فقط، حيث ان القوى السياسية الفاعلة في الساحة تتحمل مسؤوليات مهمة في هذا
المضمار.. هناك ايضاً مؤسسات المجتمع المدني التي تضطلع بدور حيوي في المجتمع
الكويتي وتتحمل أعباء في الأطر السياسية والثقافية والنقابية، ولذلك فان هناك
امكانيات لمساهمتها في طرح وجهات نظر تسهم في معالجة الاحتقان والتأزم في الحياة
السياسية.. وقد جاءت التطورات الأخيرة المتعلقة بالأمور الاقتصادية وحال التردد
الذي انتاب السلطات الاقتصادية المختصة وتضارب القرارات الى زعزعة الثقة في الادارة
الاقتصادية وازدياد مستوي القلق وعدم الاطمئنان بين أوساط رجال الأعمال.. ويبدو ان
المشكلات المتولدة من العلاقات المتوترة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية قد
تعطل الكثير من المشاريع الاقتصادية وتؤدي الي مراجعات هامة بين أوساط المؤسسات
الاقتصادية ومن قبل رجال الأعمال.
وإذا كانت القوى السياسية تعقد ندوات وحلقات نقاشية بشأن مسألة تعديل الدستور فان
الأمر يبدو مبالغاً فيه، خصوصاً وان السلطة السياسية لم تعلن صراحة نوايا لتعديل
الدستور.. كما ان احدى هذه القوى وهي الحركة الدستورية الاسلامية هي التي اعلنت عن
نيتها طرح مسألة تعديل المادة الثانية من الدستور، ومثل هذا التعديل يمثل خطراً
ماحقاً للدولة المدنية في الكويت وحقوق الأفراد والتجمعات والنظام الدستوري ذاته
ناهيك عن امكانيات انتهاك الحريات العامة والخاصة.. لا يعني ذلك ان أي مناقشة حول
تعديل الدستور هي من المحرمات أو الـ «Taboo»، ولكن يجب أن تطرح الأمور من خلال
مفاهيم واضحة ومن دون توجيه تحديات لأي طرف والتأكيد على ضرورة ان يكون أي تعديل
معتمداً من قبل الجهات ذات الاختصاص (صاحب السمو الأمير ومجلس الأمة)، وان يكون
التعديل - أي تعديل ان وجد- لصالح تحقيق المزيد من الحريات السياسية والشخصية ومن
دون تعدٍ على المبادئ والنصوص المركزية الواردة في الدستور.. وبدلاً من اضاعة الوقت
في مناقشات بشأن محاولات تعديل الدستور فان من واجب القوى السياسية ومنظمات المجتمع
المدني ان تطرح على الملأ ضرورة تعديل القوانين التي تتناقض مع قيم ونصوص الدستور..
كذلك أهمية تعديل قانون المحكمة الدستورية ليتمكن كل مواطن من اللجــــــوء اليها
للشـــكوى من أي قانــون أو اجراء يتناقض مع الدستور.
لقد تأكد خلال الشهور والأسابيع الماضية مدى هدر الوقت والامكانات في مناقشات
ومجالات غير مجدية ولا تساعد على صياغة رؤية واضحة لمستقبل البلاد سياسياً
وتنموياً.. وإذا كانت البلاد قد تمكنت خلال العام الماضي والعام الذي سبقه من تغيير
أمور هامة في الحياة السياسية مثل تمكين المرأة من ممارسة حقوقها السياسية واشراكها
في عضوية مجلس الوزراء وكذلك اعادة توزيع الدوائر الانتخابية بما يخدم عملية
الاصلاح السياسي ويعطل الى حد ما من الاستقطابات الطائفية والقبلية فان تأثيرات
النظام الانتخابي القديم لاتزال كامنة وظاهرة في الحياة السياسية، خصوصاً وأن مجلس
الأمة الحالي جرى انتخابه على أساس الدوائر الخمس والعشرين، وربما تحتاج البلاد الى
تحولات سياسية تعتمد على اجراء انتخابات بموجب الدوائر الخمس، لكي نتمكن من التصرف
على توجهات الشعب الحقيقية ومدى تطورها بموجب هذا التعديل في النظام الانتخابي، ثم
بعد ذلك يتم تشكيل مجلس الوزراء على أسس متوافقة مع نتائج الانتخابات العتيدة. لكن
قبل ذلك يجب على القوى السياسية ذات التوجهات الديموقراطية ان تطور أوضاعها، لكي
تستطيع ان تقنع الناس ببرامجها وشخصيات مرشحيها ومدى أهليتهم لتمثيل الناخبين.. ان
من اهم الطموحات الشعبية ان يكون مجلس الأمة قادراً على انجاز التشريعات المطلوبة
وتعديل القوانين والأنظمة ودفع الحكومة لتنفيذ المشاريع الأساسية من مرافق وخدمات،
وفي ذات الوقت يمكن من اعادة هيكلة الاقتصاد بما يتوافق مع تحسين الأوضاع
الاقتصادية للبلاد ورفع مستويات المعيشة للمواطنين..
وإذا لم تحزم القوى الديموقراطية من أمرها وتعدل من أوضاعها فان امكانيات تحقيق
نتائج ايجابية من قبل الانتخابات القادمة قد لا تكون واعدة.
من جانب آخر، يتعين على مختلف أطراف الحياة السياسية، من حكومة ومجلس أمة وقوى
سياسية، ان تستوعب الأوضاع الجارية في هذه المنطقة من العالم والمخاطر التي تمثلها
أطراف اقليمية للأمن الوطني والخليجي، بما يؤكد أهمية التوافق الوطني حول قضايا
العلاقات الخارجية والمسائل المتعلقة بالأمن الوطني.. هذه قضايا لا تقبل الخلاف،
مهما تباينت وجهات نظر هذه الأطراف بشأن القضايا المحلية.. يعني ذلك أهمية رفع درجة
المسؤولية السياسية من قبل جميع الأطراف ذات الصلة.
النهار
تعليقات