مملكة إيران الإسلامية
عربي و دوليإشاعة موت المرشد وعدوى توريث الحكم العربي الجمهوري تنتقل إلى أمريكا؟
أكتوبر 16, 2009, منتصف الليل 2176 مشاهدات 0
الاستباقية الوقائية هي مايجري حاليا في جمهورية إيران الإسلامية فقد لفت نظر المراقبون يوم أمس الأول خبر تم تكذيبه فورا،حين تمنى مروجوه وفاة آية الله السيد علي خامنئي المرشد الأعلى لجمهورية إيران الإسلامية، على أمل خلط الاوراق في طهران في وقت تبذل السلطة فيها جهود مضنية لاشاعة الاستقرار السياسي. والمفيد في هذا الخبر كان إماطة اللثام عن حرب الوراثة – أو حرب التوريث - بين ثلاث شخصيات مرشحة لمنصب المرشد وهم سيد مجتبى خامنئي و رئيس السلطة القضائية آية الله محمود شاهرودي وآية الله محمد تقي مصباح يزدي. حيث نلاحظ دخول مجتبى القائمة رغم صغر سنة وقلة خبرته مقارنة بالآخرين.
محور الاستباقية الوقائية من ضياع حكم المتشددين هوالوريث القادم للمرشد الأعلى سيد مجتبى الحسيني الخامنئي المولود في طهران عام 1969 م وهو الابن الثاني للمرشد بعد شقيقه السيد مصطفى. ورغم أنه متوغل بعمق في النظام السياسي الإيراني إلا انه نادرا ما توجد له صور، حيث لم يره غالبية الإيرانيين. وقد ظهر اسمه لأول مرة كشخصية فاعلة خلف الكواليس خلال احتجاج الشيخ مهدي كروبي على نتائج انتخابات عام 2005م، وهو حاليا متهم من قبل المعارضة بالوقوف وراء تزوير الانتخابات الرئاسية، وبأنه قاد بنفسه قمع الاحتجاجات بشكل قاسي.وسيد مجتبى هو حاجب أبيه علي خامنئي و أكثر الرجال تأثيرا بين المحيطين به .ويتمتع سيد مجتبى بنفوذ قوي، و يمتد نفوذه من الحرس الثوري الإيراني إلى رجال ميليشيا الباسيج. كما يسيطر على أصول مالية ضخمة، و يعمل من خلال شركات مملوكة للدولة،ولديه فريق استشاري واستخباراتي،وله دور في اختيار قادة الحرس الثوري، كما يقال بأنه الحاكم الفعلي فهو الذي يحدد سياسات النظام الأساسية عبر مكتب والده. و يلفت النظر تلك المهام التي ولي إياها فيما يشبه سيناريو التوريث العربي،وتقول بعض المصادر انه يخطط مع مجموعة من رجال الدين النافذين المتشددين لكي يحل محل والده من اجل إحكام سيطرة المتشددين على الوضع في إيران.
وقد قيل أن التجربة هي الخطوة الأولي لكل شي، وعلية يدين خامنئي كما يدين زعماء عالمنا العربي بالكثير للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد لأنه غامر بخوض التجربة الأولى و البس واحد من سلالة العلويين عباءة وصولجان سلالة الأمويين الملكية في دمشق بتوريث ابنه الرئيس بشار الأسد ،حيث كان نجاحه في تحويل حكم جمهوري إلى وراثي مشجعا للرئيس حسني مبارك لتوريث ابنه جمال رغم حملات الرفض الشنيعة من جيل الفيس بوك.كما شجعت التجربة الرئيس علي عبد الله صالح ليقفز ابنه أحمد من رتبة رائد إلى رتبة عميد وإعلان حقه في الترشح ودخول المجال السياسي. ثم ختمها بطريقة أكثر وضوحا وصدقا مع النفس سيادة الأخ العقيد معمر القذافي الذي أوعز للقيادات الشعبية فى ليبيا بإيجاد صيغة تؤهل نجله سيف الإسلام من تولى منصب واسع الصلاحيات، كى يتمكن من خدمة ليبيا وتنفيذ مشروعه الإصلاحي. فكان أن رشحت القيادات الشعبية سيف الإسلام ليكون رئيس القيادة الشعبية على مستوى ليبيا، مما يضفى عليه غطاء قانونياً ويمنحه صلاحيات واسعة.
ولعل أكثر ما يسيء لتجارب التوريث الجمهوري التناقض بين الواقع والشعارات ،حيث تجري مراحل التوريث الجمهوري بترتيب أوراقها بعيدا عن كل ما يعنيه نظام الحكم الجمهوري. فلماذا لم ترجع سوريا كخطوة أولى إلى نظام الحكم الملكي الذي كان قائما فيها حتى سقوط حكومة الملك فيصل بن الحسين 1920م؟ وهل كان هناك من يستطيع الوقوف في وجه استفتاء شعبي في سوريا للتحول إلى الملكية؟ ولسنا في مجال تقييم التجربة السورية، لكن استقرار الحكم والصمود بشكل استثنائي أمام الضغوط الغربية لفرض صلح مع إسرائيل يجعلنا نتساءل إن كانت تهمة (ابن الرئيس) تفضي بالضرورة إلى حكم (عدم الأهلية) لحكم البلاد، ولعل نجاح بشار كرجل دولة يمسك بالكثير من الخيوط الإقليمية بحنكة هو مادفع زعماء آخرين لدراسة سيناريو التوريث السوري .
من جهة أخرى لم يخل تاريخ الملكيات والإمارات العربية الخليجية من حروب الوراثة، لكنها كانت صراعات مقبولة بحكم سيادة نظام الحكم القبلي الوراثي الذي هو بذرة الحكم الملكي. بل إن الكثير منها قد تم حسمه داخل القصور، مما قلل عدد أطراف الصراع على كرسي السلطة كما يحدث في الجمهوريات ذات الأحزاب . وفي معترك التدافع والتداول الحضاري نتساءل إن كانت ستعود الملكيات على أنقاض الجمهوريات ؟ وهنا نسترجع تجربة حكم معاصرة. فللبعض كان من الجوانب الجذابة التي حملتها النظرية الشيوعية في بدايتها و قبل أن تصبح الأيديولوجية الشاملة الظالمة التي حكمت نصف العالم حتى تسعينيات القرن الماضي، تسويق منظريها لمقولة (إن العالم بدأ شيوعيا وسوف ينتهي شيوعيا)،من تراتبية أن كل شي كان مشاعا في حياة الإنسان البدائية من ثمر الأشجار إلى لحم الطرائد،والمشاركة في النار و الكهف وحتى في النساء والأولاد.ثم تطور الإنسان وتطورت نظم الحكم التي استعبد بها رجل واحد أناس آخرين بمنصب الحاكم وساعدته نظم الدولة التي وصلت في نهاية مطافها إلى نظام الجمهورية،حتى قامت الثورة الشيوعية في روسيا 1917م وعاد اقتسام وسائل الإنتاج و كل شي في المجتمع الشيوعي كما كان حال الإنسان البدائي. فهل تستطيع نظريات الحكم الخلدونية منعنا من القول إن نظام الحكم في العالم العربي والشرق عموما كان ملكيا وراثيا ومهيئا أن يعود ملكيا وراثيا ؟ ثم أليس من المعروف إن أفضل الديمقراطيات هي الملكيات الدستورية ؟ فما الذي سيقف في وجه قيام أسرة ملكية خامئنية دستورية؟
ولنذهب بعيدا: أو ربما أسرة ملكية أمريكية؟ (أنظر الصورة)
تعليقات