جرائم المال العام في الكويت اصبح لها تاريخ.. هكذا يرى خالد الطراح
زاوية الكتابكتب خالد الطراح سبتمبر 28, 2018, 10:52 م 805 مشاهدات 0
القبس
من الذاكرة-«ضحية بيت العز»
خالد الطراح
«ضحية بيت العز» هو عنوان لإحدى المسرحيات الشهيرة لسيف الفن المرحوم عبدالحسين عبدالرضا وكبار نجوم المسرح، كالفنانين سعد الفرج وسعاد عبدالله، حيث تناولت المسرحية بسيناريو درامي ساخر وضعا كويتيا عاما وضحايا بيت العز، اي بيت الجاه والمال.
بيت العز المقصود في المقال هو الحكومة، التي تملك خيوط اللعبة السياسية، وتملك ايضا المال، وهو من ثروات الدولة والضحية ليس المواطن بشكل مباشر، وإنما المال العام الذي هو من ثروات الشعب، الذي يتعرض للخسارة أحيانا، ويتعرض ايضا للهدر من قبل بعض المسؤولين على مستويات مختلفة من العاملين في أحضان عز الحكومة، فبسبب الهدر للمال العام ونتيجة عدم الالتزام باللوائح والقوانين، يتربع العديد من المواطنين وغيرهم من جنسيات اخرى ايضا على عرش من الثروات، التي كوّنوها بطرق غير مشروعة، على الرغم من حجم المخالفات التي يسجلها وينذِر فيها ديوان المحاسبة والجهات الرقابية الدستورية، من دون أي اجراء ملموس يذكر من قبل الجهات الرسمية المعنية.
فالمخالفات اصبحت أمرا اعتياديا تعود على من يعمل في عز وحنان الحكومة، وفي حال ما إذا وقعت الفأس برأس ثروات الشعب، تتخذ الجهات الحكومية بعض الإجراءات القانونية، ممكن ان يكون بعضها شكليا والبعض الآخر عمليا، ولكن غالباً الثغرات الادارية والقانونية كافية لحماية غير مباشرة للمفسدين والمنتفعين من أي محاسبة ومساءلة سياسية وقانونية ايضا، لذلك لم يدخل السجن الى اليوم وزير او مسؤول رفيع ونشرت صورهم الرسمية وهم يرحلون الى السجن!
حين شهدت الشقيقة الكبرى السعودية، بحسب تقارير صحافية عن الفساد، ضج فضاء الاعلام الالكتروني بالتمني ان تشهد الكويت وضعا مماثلا، خصوصا اننا نعيش في ظل نظام دستوري حدد إطار عمل السلطة الرقابية والتشريعية، وكذلك للسلطة التنفيذية، وهو دليل على تنامي شعور المواطن بالإحباط من حجم الفساد كل عام تقريبا، وقبل انتهاء دور الانعقاد التشريعي، خصوصا حين تتم مناقشة ميزانيات والحساب الختامي للوزارات والمؤسسات والجهات الحكومية التابعة، مصحوبا بتقرير للجنة الميزانيات في مجلس الامة وتقارير ديوان المحاسبة.
جرائم المال العام في الكويت اصبح لها تاريخ، فمنذ الغزو على سبيل المثال فقط وحتى اليوم، شهدنا سرقات في استثمارات الدولة في اسبانيا، وبعدها الناقلات، الى ان توسعت الدائرة لتشمل المؤسسة العام للتأمينات الاجتماعية، التي يفترض ان تنمي وتحافظ على اموال المتقاعدين من الشعب!
لم يتوقف تجاوز القانون وكسره عند المال العام فقط، وإنما ايضا شمل التعيينات في بعض المناصب القيادية ليس وفقا لمعايير ولوائح رسمية، وإنما وفق سياسات وقرارات حكومية، تسعى الى ارضاء بعض المتنفذين حتى لا تفقد ربما الحكومة سنداً لها في مجلس الامة، ولكن الظروف والتطورات الاخيرة برهنت على عدم صحة حسابات الحكومة، وهي ليست الحادثة الاولى، بل سبقت ذلك العديد من المفاجآت الصادمة للحكومات المتعاقبة، فيما ظلت الامور كما هي عليه، وكأن شيئاً لم يحدث!
اعلم ان هناك شرفاء في سلطة القرار الحكومي، ولكن هناك ايضا محيطاً من العابثين ومن يدفع بإضعاف القرار الحكومي وربما تغييبه احيانا حتى تصفو الساحة لمزيد من التخريب!
هل يعقل ان مثل هذه الامور والمعلومات غائبة عن ساحة الحكومة وحاضرة فقط عندنا؟!
نحن جميعا ابناء بلد واحد، ومن نسيج ومكونات مجتمع واحد، ونتطلع الى رقي وازدهار الكويت، وهو القاسم المشترك الذي يجمعنا، ولا نطلب المستحيل من الادارة الحكومية، وإنما ننتظر قرارا وعزيمة على اصلاح مسار العمل الحكومي، وهو اقل ما يمكن ان نقدمه جميعا لمصلحة الكويت وشعبها.
تعليقات