أعيدوا الاعتبار إلى هؤلاء.. يتحدث إبراهيم بهبهاني عن الأطباء الكويتيين أيام الغزو

زاوية الكتاب

كتب د.إبراهيم بهبهاني 789 مشاهدات 0

د. إبراهيم بهبهاني

القبس

باب هاني- أعيدوا الاعتبار إلى هؤلاء

د. إبراهيم بهبهاني


التجاوب الذي قوبلت به وفاة الطبيب العام في قسم الجراحة طلال الشمري من قبل الرأي العام، ومن سمو رئيس مجلس الوزراء، ووزير الصحة، يدل على النواحي الإنسانية والتوافق من الجميع بصرف النظر عن الجنسية والدين.. كان موقفا عفويا ذلك الذي شغل الناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا ليس بغريب على أهل الكويت، فأياديهم تمتد إلى حيث الحاجة داخل الكويت وخارجها.

مسيرة د. طلال الشمري تقول: ان جَدّه كان يعمل في النفط ووالده بالداخلية، وتقاعد منذ ثلاث سنوات، ومعيل رئيسي لأهله.. وان تعليمه تكفل به والده وأرسله على حسابه للدراسة بالخارج، وبعد تخرجه من التشيك عاد إلى الكويت ليعمل بوزارة الصحة.

رحيله كان فاجعة لأسرته، خاصة أنه انتقل إلى رحمة ربه أثناء تأدية عمله مما زاده قيمة وتعاطفاً، لا سيما أنه من فئة «البدون» ومن أبناء الجهراء الذين نكنّ لهم كل احترام وتقدير ومحبة.. لَفَّ الحزن كل من عرفه أو سمع به، فسيرته كما ذكرت المواقع الإلكترونية ومن كتب عنه، كانت ناصعة البياض، وكان منتجا في وظيفته، مخلصا، ومحبا للآخرين.. بالتأكيد رحيله كان فاجعة لوالدته التي انكسر قلبها عليه، ووالده الذي ودعه بالحزن والبكاء.

من هنا شعرت بواجب التعزية والحديث عنه، وكنت من المقدرين لقرار سمو رئيس مجلس الوزراء بصرف راتبه مدى الحياة، على أن يكون عَوْنا لوالديه، وهذا أمر إنساني وأخلاقي بالدرجة الأولى، ويا حبذا لو تم إرسال والدته إلى العمرة.. ما أثار في نفسي الشجون وأعادني إلى أيام الغزو والمعاناة التي واجهتنا، كأطباء كويتيين وكممرضين، ووافدين، و«بدون»، فقد جمعتنا الكويت تحت سمائها ولم نكن نفرق بين كويتي وآخر، كان الهدف الأسمى في حينه أن نساعد المحتاج، وأن نكون عَوْنا للمصاب ولأفراد المقاومة وللكويت ككل.

هناك أشخاص فقدناهم من أهلنا أيام الغزو، وساءني أن أسمع جملة ما زالت أصداؤها تتردد في ذهني عندما قال أحد المسؤولين عن من عمل وقدم وضحى في سبيل الكويت «لا تقولون اشتغلتوا، اللي برة أشرف منكم»!.. ويقصد بذلك من ذهب من أهل الكويت إلى الخارج.. وكانت إساءة بالغة توجه لمن صمد وبقي ملتصقاً بالأرض والناس، وحياته في خطر، معرضا للموت في أي لحظة.. ما أود أن أقوله: ماذا فعلت الحكومة والمسؤولون تجاه هؤلاء؟.. هل كرمتهم؟.. هل التفتت إليهم؟.. هل فكرت بأُسرهم وواقعهم؟

حقيقة مؤلمة ومفجعة بنفس الوقت أن يتم تناسي دور الأطباء الكويتيين أو غير الكويتيين أو «البدون»، ومنهم من انتقل إلى رحمة ربه، ومنهم من ترك وراءه أهلا وأولادا أيام الغزو… إن التقاعس عن جعلهم يفتخرون بما قدموه لوطنهم هو مسؤولية أصحاب القرار، فالكلمة الطيبة هي ما يحتاجونها.

المطلوب أن تعيدوا لهم اعتبارهم بالمقام الأول، فهل أنتم فاعلون؟

تعليقات

اكتب تعليقك