إصلاح التعليم لن يأتي بالأغاني الوطنية أمام القيادات السياسية.. بوجهة نظر محمد السداني
زاوية الكتابكتب محمد السداني سبتمبر 14, 2018, 11:07 م 4123 مشاهدات 0
الراي
سدانيات- المَغول... في مدارسنا!
محمد السداني
في بداية العام الدراسي ومواقع التواصل الاجتماعي مشتعلة بالقيل والقال حول جهوزية المدارس لاستقبال الطلبة، باعتبار أن الوزارة تصرح دائماً بأنها على أُهبة الاستعداد لاستقبال أبنائها الطلاب والطالبات، ومع ظهور مشاكل مثل التكييف ونقص الكتب والكراسي والطاولات، يبدأ الانفلات الأخلاقي في شتم الوزارة وشتم الوزير والمسؤولين واحدا تلو الآخر بسبب عرقلة مسيرة أبناء الكويت الطموحين، الذين حتى لو لم يحضروا إلى المدراس سينجحون ويتفوقون ويحصلون على أعلى المراكز في النشاطات المدرسية والعالمية!
وبعدما يحصلون على كل هذا، يحرقون الكتب المدرسية التي كلفت الدولة ملايين الدنانير أو يرمونها في أقرب سلة قمامة، ليعيدوا لي مشهد المغول عندما دخلوا بغداد ورموا كتب مكتبة دار الحكمة في النهر، ولكنَّنا تفوقنا على المغول بنقطة بسيطة، وهي أنهم أتلفوا كتب أعدائهم التي طورتهم وجعلتهم أمة عظيمة، أما نحن فنحرق كتبا دفعنا قيمتها من أموالنا، وألفها أبناؤنا، لكي نأتي في السنة المقبلة ونشتكي مرة أخرى من عدم وجود الكتب المدرسية لأبنائنا!، فالحارق والمتلف مخطئ في فعله والوزارة أيضا مخطئة في هذه الفوضى التي تستطيع ضبطها بسلوك تنظيمي بسيط ولكن لا حياة لمن تنادي.
مشهد مرفوض يتكرر كل عام، طرفاه يعانيان انعدام المسؤولية السياسية من الوزارة والاجتماعية من الشعب، لا يمكن أن يكون لدينا تعليم ونحن نعامل الدولة كأنه الراعي ونحن الرعية، ولا يمكن أن تكون الدولة دولة إذا كانت تعامل الشعب كأنها أمهم وأبوهم، إنَّ مبدأ الرعاية الاجتماعية الذي تنتهجه الدولة تجاه المواطنين ليس ترفا تقدمه للمواطن يعيش فيه ولا حياة متقدمة ترسمها له لمستقبل باهر، إنما هو هدم سريع لمستقبل سيأتي عاجلا غير آجل، كيف سيشعر المواطن بأهمية التعليم وهو لا يشارك في هذه العملية التعليمة ماديا وسلوكيا وأخلاقيا.
أعلم أن الدستور كفل التعليم للجميع ولكنَّ المساهمة في تطوير التعليم والحفاظ على صورة هذا التعليم الحقيقية هي مسؤولية المجتمع المدني، الذي لا بد وأن يعي أنَّ المدارس التي تملأ البلاد هي مجتمعات صغيرة تضم أبناءهم وإخوانهم ولا بدَّ عليهم أن يساهموا في تطويرها والحفاظ على كيان هذا التعليم من أي اختراق غير أخلاقي يكمن في دخول المساومات السياسية والنيابية في رسم شكله وصورته، فلا يمكن أن ينصلح حال التعليم ونحن مازلنا نتدخل في تعيين مسؤولي التربية عن طريق المحاصصات السياسية وكل نائب يضغط باسم من أسرته وقبيلته وجماعته ليكون وكيلا ومديرا وموجها عاما، قد يرمي البعض انحدار مستوى التعليم في الكويت على عاتق الحكومة وهذا منطقي بسب غياب رؤيتها أو -عدم وجودها- إن صحَّ التعبير ولا أعارض هذا الرأي ولكنَّ السبب الرئيسي الثاني هو المواطن نفسه ومؤسسات المجتمع المدني التي رمت الكرة في ملعب الحكومة وجلست تتفرج على تخبطها لمدة خمسين عاما مكتفية بالانتقاد من دون تقديم أي حلول جذرية لإصلاح أهم كيان في الدولة، وأن ترفع الدولة صادقة في تحركاتها شعارا صادقا مفادهم «التعليم لمن يستحق».
خارج النص:
- رخصة المعلم أصبحت مطلباً حقيقياً في التعليم، فالتوظيف العشوائي في السنوات أخيرة أدخل بعض النوعيات التي لا تعرف من التعليم سوى راتبها الشهري وفئات الكادر.
- إصلاح التعليم لن يأتي بالأغاني الوطنية أمام القيادات السياسية واللوحات الفنية في المعارض والمؤتمرات، ولكن التحرك الفعلي هو إعطاء كل عنصر من المجتمع مسؤوليته الاجتماعية والإدارية والسياسية عبر إشراكهم مادياً وإدارياً في العملية التعليمية.
تعليقات