خالد الطراح يكتب.. التعليم تحت الصيانة!
زاوية الكتابكتب خالد الطراح سبتمبر 8, 2018, 10:42 م 701 مشاهدات 0
القبس
من الذاكرة- التعليم تحت الصيانة!
خالد الطراح
مفاجأة ـــ ان جاز الوصف ــ أعطال التكييف في بعض المدارس كان لها وجهان، أحدهما إيجابي والآخر سلبي، وفي كلتا الحالتين المفاجأة ليست بالشكل المعقد، الذي صورته وسائل الاعلام، فأعطال الصيانة تتكرر كل عام، حتى لو صدرت حزمة بيانات وصور للوزير المختص بصحبة قياديي الوزارة، وهم يتجولون في أروقة المدارس.
الوجه الايجابي، وهو المهم، ان أعطال التكييف أدت إلى استقبال سمو رئيس الوزراء لوزير التربية وقيادات الوزارة، حيث شدد سموه خلال اللقاء على «ضرورة قيام المسؤولين في وزارة التربية، وكل المعلمين والإداريين، بمعالجة اي قصور تواجهه المدارس بأسرع وقت ومحاسبة كل مقصر». (كونا ـ 5 سبتمبر 2018)
صدر لاحقاً عن الوزير قرار بالتحقيق في «المفاجأة»، التي لم تكن بحسبان الوزير، مما استدعى الى إحالة وكيل الوزارة وقيادات اخرى للتحقيق، بعد اللقاء مع رئيس الحكومة!
اللقاء بحد ذاته ايجابي أيضاً، فدخول قياديي الوزارة مقر مجلس الوزارة له تفسير شكلي بالمحاسبة، الى جانب ربما الأثر المفرح في نفس البعض من القياديين، الذين لا تسمح لهم الظروف بلقاء سمو رئيس الحكومة بنفس قدر المرات التي يلتقي فيها وزير التربية، الى جانب ان سماع توجيهات رئيس الحكومة تدعم قرارات الوزير في محاسبة المقصرين، حين يثبت طبعاً التقصير البشري وليس اللاإرادي او القهري، وهو ما يقتضي الانتظار حتى تكتمل اركان التحقيق، علاوة على انها فرصة ليستمع سمو رئيس الحكومة الى أسباب القصور ومصادر التقصير، خصوصا حين تكون بعيدة، ولا علاقة لها بوزير التربية شخصياً، والاستماع ايضا الى عزف بالوعود ببذل كل الجهود لمصلحة الكويت والطلبة، والارتقاء بالتعليم ليس بالضرورة في 2018، ولكن في المستقبل غير المنظور، حتى لا تمس المصلحة العامة، خصوصاً ان الحكومة من أولوياتها مصلحة البلاد والعباد، التي واضح أن لها تفسيراً لديها يختلف تماماً عمّا لدينا!
في المقابل، وأثناء اللقاء الذي حضره وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، سيصبح وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء مثقلاً في متابعة حل عقدة أعطال التكييف في المدارس، اضافة الى أعبائه الرسمية في متابعة اعمال الجهات التابعة له، واللجان الوزارية، وما اكثرها في حكومة تلد اللجان واحدة تلو الأخرى ويومياً أحياناً.
أما الوجه السلبي، فهو تأجيل ايام الدراسة، فالقرار ليس معقداً، ولا تأثير له في نفوس الطلبة وأولياء الامور، فقطار التعليم سينتظر في المحطة التي تحددها وزارة التربية، حتى تنتهي صيانة التعليم ككل!
في الكويت ليس هناك أمر غير قابل للحل، وليس هناك مستحيل، فأعطال التكييف في المدارس قد تكون وليدة اللحظة نفسها، حتى لو كان بسبب تقصير بشري في المتابعة، فالحل تم في تأجيل ايام الدراسة، وتم عقد اجتماع موسع لوزير التربية وقيادات الوزارة مع سمو رئيس الحكومة، حيث تم «التشديد والتأكيد»، بينما ظل الوضع كما هو عليه بانتظار صيانة التعليم حتى يتحرك قطار السنة الدراسية!
اما بالنسبة للتقصير، فمن الممكن جداً اختصار المناهج او تكثيف العبء على الطلبة، باعتبار ان الجميع شريك في النهوض بالتعليم، حتى لو ساد الظلام في المدارس وتعطّل التكييف.
الاهم في الامر هو بقاء كل مسؤول في موقعه الرسمي، بما في ذلك وزير التربية، فهل يعقل ان يستقيل الوزير والطاقم القيادي بسبب اعطال فنية في المدارس، مثلما فعل وزير بريطاني حين استقال بسبب تأخره عن حضور الاجتماع الاسبوعي للأسئلة والأجوبة في البرلمان البريطاني لمدة دقائق معدودة!
الفرق بيننا وبين بريطانيا ان الحكومة عندنا مطالبة بتوزيع الحنان على الطاقم الحكومي، فهم يبذلون جهدا مضاعفا في طقس شديد الحرارة والرطوبة، بينما أقرانهم في لندن ينعمون بالطقس البارد، ويتمتعون بثقافة حكومية في المحاسبة الفورية، علاوة على سيادة الشعور بالمسؤولية الذاتية، التي هي ليست ضمن قاموس الحكومة الكويتية!
لابد ان يبقى هذا الأمر سراً، حتى لا تتخلف الكويت ضمن مؤشر مدركات الفساد، وتواجه الدولة أزمة جديدة تتعثر نتيجته الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.
تعليقات