الفساد يعيش في بيئة خصبة بالكويت.. بوجهة نظر حمد العصيدان
زاوية الكتابكتب فبراير 26, 2017, 11:54 م 1185 مشاهدات 0
الراي
من زاوية أخرى- مسكينة... «بعارين» الكويت!
حمد العصيدان
تعيش «البعارين» في الكويت وضعاً لا تحسدها عليها نظيراتها في دول الخليج أو الدول العربية، وحتى دول العالم الثالث المتخلف! فقد تغيرت مهمتها هنا في الكويت من «سفينة الصحراء» التي عرفت بها تاريخياً، لتصبح كما يقول المثل المصري «حمّالة الأسيّة»، وهي ترى نفسها تنوء تحت وطأة أثقال الفساد الذي ضرب أطنابه في كل مؤسسات الدولة، حتى أصبح عرفا وتقليدا، وأصبحت النزاهة والشفافية شيئاً غريباً ومستنكراً.
فمنذ القولة المأثورة لصاحب السمو عما يجري في البلدية من تجاوزات ومخالفات، عندما قال إن «الفساد في البلدية ما تشيله بعارين»، صارت العبارة تعبيرا متداولا عن الفساد في كل مفاصل الدولة، وهو الامر الذي حمّل البعارين عبئا ثقيلا غير من مهمتها وجعلها رهينة تصرفات المسؤولين الذين ما إن يحط أحدهم على كرسي المسؤولية في إحدى المؤسسات حتى يعيث فيها فسادا، ويحولها إلى محمية خاصة له ولجماعته، فكثر الفساد وتكاثر المفسدون وسط عجز حكومي في مواجهة الظاهرة، حتى خرجت علينا الحكومة بقانون جديد تضمن تشكيل هيئة عامة تحت مسمى «هيئة مكافحة الفساد» لتحارب الفساد الرسمي، وأصدرت لائحتها التنفيذية وسمّت رئيسها ومجلس أمنائها.
ولكن الرياح جرت بما لا تشتهيه الحكومة، فهيئة مكافحة الفساد تحولت إلى حلبة صراع بين قيادييها الذين انقسموا إلى قسمين، الرئيس ونائبه في جهة، وأعضاء مجلس الأمناء الباقين، وعددهم خمسة في جهة أخرى، وبدأت حرب ضروس بين الطرفين، فالرئيس ـ حسب خصومه ـ استأثر بالصلاحيات وسلب مجلس الأمناء اختصاصاته، وفي المقابل يعمل المجلس ـ وفق رواية الرئيس ـ على سلب الصلاحيات الخاصة برئيس الهيئة وتسيير الأمور وفق هواه. ولم تنته الحرب، رغم تدخل كل المعنيين بالأمر، ومحاولات الإصلاح وتقريب وجهات النظر، حتى وصلت الأمور إلى طريق مسدود، وهو ما استدعى الوزير المسؤول إلى «تحمير العين» والعمل على إنهاء الوضع غير الطبيعي في مؤسسة ينبغي أن تكون أكثر شفافية ونزاهة.
وزير العدل الدكتور فالح العزب، دعا الرئيس ونائبه ومجلس الأمناء إلى تقديم استقالاتهم، بعدما أدانت لجنة تقصي الحقائق الجميع وأوصت باستقالتهم جميعا وتشكيل مجلس إدارة جديد. لكن الأمر يبدو بعيد عن الحل، فرئيس الهيئة مصرّ على الاستمرار في عمله، وعدم تقديم استقالته، وفق مرسوم تعيينه، وهو ما انسحب على الأعضاء الآخرين، ليقابل ذلك تصعيد من الوزير العزب الذي دعا الجميع في آخر يوم دوام قبل عطلة الأعياد إلى تقديم استقالاتهم، متوعداً من يمتنع بقرار عزله من الوظيفة، وفق الصلاحيات التي يعطيه إياها قانون الهيئة، ومؤكدا أن الوعد سيكون بعد انتهاء الإجازة.
ومهما يكن من أمر، فإن ما وصلت إليه الأمور في هيئة مكافحة الفساد، التي يفترض ان تكون قد بشرت عملها في تلمس الفساد بين وزارات ومؤسسات الدولة، يؤكد أن هناك خللاً واضحاً في العمل الحكومي، وأن النزاهة والشفافية التي تنادي بها الحكومة لن يكون لها أي مكان في هذه الأجواء المحتقنة والمريبة، ففيما يتصارع رؤساء الهيئة على مناصبهم وصلاحياتهم، يرتع الفاسدون في مفاصل الدولة ليزيدوا من رداءة وضعها العالمي في مؤشر الفساد والذي تراجع كثيرا وفق آخر إصدار من مؤسسة الشفافية العالمية.
ولعل ما يثار من تجاوزات، سواء في وزارة الصحة التي دفعت بالوزير لتقديم استقالته، أو في غيرها من الوزارات، يؤكد أن الفساد يعيش في بيئة خصبة بالكويت مستفيدا من كل هذا اللغط والصراع، ليزداد ويتشعب وتصبح معه البعارين في الكويت عاجزة عن الاضطلاع بمسؤولية حمله، وهو ما يضطرها للاستعانة بصديق من دول الخليج، ولكنها لن تجد صدى، فنظيراتها هناك تعيش هانئة مرتاحة بعيداً عن الفساد وأهله!
تعليقات