السفهاء!!  

في يوم الإثنين كتبت عن «قمة العقلاء .. ونغمة السفهاء»، وقد أوضحت فيه غباء مواقف الردّاحين والشتّامين الذين يمثلون الفريق الغوغائي العربي اتجاه ما يحدث في غزه.. وفي اليوم التالي كتبت عن «صباح الأحمد.. أمير العقلاء»، وقلت إن نجاح قمة الكويت يكمن في إقرار اتفاقيات اقتصادية بينية بين الدول العربية، ووضع خريطة طريق للتنمية البشرية والاجتماعية وللبحث العلمي مما سيعود بالنفع على الإنسان العربي، هذا بالإضافة إلى نجاح القمة في تحقيق مصالحة عربية- عربية ما كان لها أن تتحقق في القمم العربية السابقة والقادمة وذلك بسبب الحكمة الكبيرة التي يتمتع بها صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح.

ليلة البارحة (يوم الثلاثاء مساء) كنت أتنقل بين القنوات العربية التي أجمعت على نجاح القمة وعلى تميزها في ما طرح بها من أفكار وآراء وتوجهات، ما عدا قناة الجزيرة التي رأت بأن «القمة قد فشلت فشلا ذريعا في تحقيق ما من شأنه أن يحقق النجاح لما أقيمت من أجله، ناهيك عن فشلها في الفزعة لأهل غزة»!! ولم تكتفِ بذلك وإنما جمعت في برنامج «ما وراء الخبر» (والذي لم أرَ خبرا جديدا) اثنين من العرب المغمورين اللذين تكلما بحماس مخلوط بالهبل والغباء الذي أصبح مستشريا بين من يدعون أنهم مثقفون ومحللون سياسيون!!

لن أتطرق للمذيعة التي بان على وجهها وأسئلتها الارتباك، وإنما سأركز على الضيفين اللذين أشبعاني ضحكا حتى سقطت من مقعدي!! الأول يعمل في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية. يذهب إلى القول بأن قمة الكويت فشلت لأنها لم تضع الاستراتيجيات التي من شأنها ان تدحر العدو الصهيوني، وبقي العبقري يشرّق ويغرّب بنا في كلام هلامي دون أن يقول ما هي هذه الإستراتيجيات التي من شأنها أن تحقق النصر على إسرائيل؟!!

إلا أنه طرح فكرة عبقرية تدل على السذاجة العظيمة، وهو أنه طالما أن القادة العرب لا يفقهون في الاستراتيجيات لمواجهة إسرائيل.. لماذا، إذا لا يترك وضع هذه الاستراتيجيات للمراكز العلمية المتخصصة؟ أولا، أين هي هذه المراكز المتخصصة؟ هل المركز الذي تعمل فيه متخصص؟ كيف أثق في مركز علمي يقول أحد موظفيه إن على مصر أن تستعد للحرب لأن اسرائيل سوف تقوم بمهاجمة مصر في المستقبل؟ (مرة أخرى لم يشرح عبقري زمانه ما هي الأسس التي بنى عليها رأيه هذا!!).

أما الآخر فقد كان احد اعضاء المؤتمر القومي الإسلامي (قومي وإسلامي يا سلام .. فكر مخلوط يعني بطيخ على طحينة!!). يقول إن «قمة الكويت هي أفشل القمم»، لماذا؟ لأنها حاولت أن تفشل «الانتصار التاريخي لحماس على العدو الصهيوني»!! إذا كانت حماس منتصرة.. فلماذا كل هذا الصراخ؟!! يقول إن أسرائيل لأول مرة تهزم أمام صمود حماس وأهل غزة.. ووجدت اسرائيل في دعوة العرب لإيقاف الغزو مبررا لكي تهرب من نار الهزيمة التي اكتوت بها!!

هذه هي العقلية التي يفتن بها الشارع العربي المصاب بالعجز والشلل إلا في الردح والصراخ «والتهويسات الصدامية» التي دائما ما تنتهي بكارثة لنا نحن العرب، أما غيرنا من الأعداء فهم يخططون ويعملون بهدوء .. ودائما ما يكون النصر حليفهم!!