لأنه إذا طار الاقتصاد .. طار البلد .. جاسم بودي يصف من يتخلف من المسؤولين عن معركة الإنقاذ المالي بالجبان والقاصر والمتواطئ
زاوية الكتابكتب يناير 23, 2009, منتصف الليل 703 مشاهدات 0
يا صاحب القرار ... بأحرف من غضب
لماذا التأخر في معالجة الازمة المالية؟ وما الهدف؟ ومن المسؤول عن ذلك؟...
اسئلة سريعة تشكل بحد ذاتها عناوين المرحلة وهويتها. لا صوت يعلو الآن على صوت الخوف من الانهيارات الكبرى بعدما اتضح ان ما حصل كان في بعض الأحيان رأس جبل الجليد فقط... وان الألم وصل الى العظم.
لماذا تأخرنا رغم الجهد الواضح الذي بذله مخلصون ومتخصصون؟ جزء من الجواب يكمن في نظامنا السياسي الذي يسمح بمرونة كاملة في المناكفات والتجاذبات والتعقيدات والمشاحنات ولا يسمح بمرونة في الانجاز والاتفاق. وجزء من الجواب يعود ايضا الى ان الفريق الذي كلف ادارة الازمة ليس على قلب واحد او فكر واحد او رؤية واحدة، فمحافظ البنك المركزي والمتخصصون والخبراء والمصرفيون يتعاملون مع الازمة بجوانبها المالية والاقتصادية والاجتماعية، والاعضاء السياسيون والحكوميون في الفريق يتعاملون مع الازمة بجوانب اخرى قد تكون سياسية، وقد تكون مصلحية، وقد يكون هناك من يهمس في أذن المسؤول بان يستفيد مما حصل لترتيب العلاقة مع هذا النائب او ذاك التيار او لزيادة خسائر هذا «الكبير» او ذاك ... اما اقسى اجابة عن سؤال: «لماذا تأخرنا؟» فقد تكون : «لأن هناك من تعمد ان نتأخر».
الكويتيون يريدون معرفة الحقيقة الآن. الكويتيون جميعا هم اصحاب القضية والمصلحة، فالاقتصاد كما نقول ونكرر ليس بورصة او شركات او مجموعة اسهم واستثمارات، بل هو شبكة معقدة من النشاطات في كل المجالات المترابطة والمتشابكة التي يصعب عزلها عن بعضها.
كذلك فإن الانهيار لا يعني خسارة فرد او شركة او مجموعة شركات، فهذا امر وارد طالما ان كل طرف مسؤول عن خياراته وقراراته الاستثمارية والمالية والتجارية، كبيرا كان هذا الطرف ام صغيرا. ان الانهيار مرتبط بشكل اساسي بجملة عوامل اهمها التشخيص الخاطئ للامور والمعالجة السيئة للمشكلة وعدم تقدير عوامل حاسمة مثل الوقت والمكان المناسبين للتدخل إضافة الى ترك البنيان يتهاوى من دون وضع سدود مناسبة وفاعلة تقطع عدوى الخسارة من جهة وتسمح بترميم الجسد المتهالك من جهة اخرى... والاهم من ذلك كله ايضا ألا تفصل الحكومة برامج انقاذ على قياس اطراف بعينها لاسباب متعددة لها علاقة بكل شيء الا بالرؤية الشاملة العادلة لحل الازمة.
اربعة اشهر سمع الكويتيون خلالها الكثير من التطمينات والاقتراحات والتدخلات والصناديق ولم يروا حلا. قيل في البداية ان مئة مليون دينار كافية للمساعدة اذا ضخت في السوق بشكل ذكي، وان نصف مليار دينار كافية للانقاذ اذا ضخت في الدورة الاقتصادية بشكل ذكي. وبعد جدل طويل وتعقيدات سياسية وتشريعية قيل ان الحل يجب ان يكون عبر البنوك او بالاتفاق معها بالاضافة الى الصناديق الحكومية، ثم قيل ان الصناديق تشارك في انعاش دورة السوق من خلال الاستثمار لا من خلال التغطية والدعم، ثم قيل ان المطلوب مليار دينار لان الازمة السريعة من جهة والحلول البطيئة من جهة اخرى كشفتا عن مصاعب اخرى تعيشها تحديدا شركات الاستثمار، ثم قيل ان المطلوب ملياران لان ادوات الانقاذ الموجودة لا تكفي... وها نحن اليوم نتحدث عن ارقام فلكية تتجاوز المليارات الستة اذا اردنا تغطية الانهيارات المعلنة والمخفية لقطاعات كبيرة من الشركات.
تعددت الوسائل والحلول، لكن الثابت ان مسار الامور كما هو حاصل الآن سيؤدي الى افلاسات اكبر قد تطول لا سمح الله مؤسسات الامان في الكويت ممثلة بصناديق التأمينات والاجيال والضمانات. لسنا دعاة تشاؤم وندرك ان الثقة هي عنصر البناء الاساسي لاخراج الازمة من عنق الزجاجة، لكننا نبني على واقع ووقائع الاشهر الاربعة الماضية، حيث قلت الحلول وكثرت المشاكل. تراجعت الاصول وتقدمت الديون وبتنا نسمع ان مقص البطالة بدأ يطول في مسيرته خيرة الكوادر الكويتية المتعلمة والمتخصصة. لسنا دعاة تشاؤم انما المطلوب ان نتحلى بجرأة الاعتراف وان نقول الامور كما هي.
يا صاحب القرار، اهم من خسائر المال بالنسبة للكويت هي خسارة الطاقات البشرية الشابة والمنتجة، فهؤلاء الذين يبلغ عددهم عشرات الآلاف التزموا قبل سنوات بأن يتجهوا الى القطاع الخاص وينهضوا به بدل ان يتكدسوا في القطاع العام ويزيدوا من ثقله وعجزه. كانوا مفخرة كويتية اعادت للبلد وهجه السابق مع لمسة عصرية ابداعية. هؤلاء اليوم يواجهون خطر فقدان وظائفهم وانهيار احلامهم وخسارة ارزاقهم، هم الذين اعطوا وانتجوا وابدعوا كي يتحقق تحويل الكويت مركزا ماليا في المنطقة فإذا بالتطورات تداهم واقعهم... وإذا بالمعالجات الداخلية القاصرة تزيد هذا الواقع سوادا.
ويا صاحب القرار، نعود ونكرر ونطلق الصوت، الاقتصاد ليس موضوعا جدليا بين السلطتين التنفيذية والتشريعية كي ندخله في الصفقات والحسابات والخلافات التي تعودنا عليها. يحصل غزو واحتلال ثم نستعيد الارض ويمشي البلد. يتغير حاكم يمشي البلد. تذهب حكومة يمشي البلد. يذهب مجلس يمشي البلد. يحصل استجواب يمشي البلد. يتغير وزير يمشي البلد. يتوقف مشروع لحسابات عامة او خاصة يمشي البلد. نبيها خمس، نبيها عشر، نبيها واحدة، نبيها 25 يمشي البلد. تفلس شركة او مجموعة استثمارية يمشي البلد، يطير الاقتصاد... يطير البلد.
ويا صاحب القرار، اجمع فريق الانقاذ مجددا. افرزه الى فريقين. ابق فيه اللاعبين الاقتصاديين والماليين والخبراء والمتخصصين وابعد عنه اللاعبين السياسيين الذين يخلطون بين حلول لأزمة البلد وبين حلول لأزماتهم السياسية والاقتصادية. ثم اجمع السلطتين مجددا وقل لاعضائهما ان البلد على المحك، وان الأزمة قد تصبح ازمة وجود حقيقية اذا تطورت في المدى المنظور الى ما هو اسوأ، وان الاولوية اليوم لخطوات انقاذية تواكبها مرونة في التعاون والتشريع، وان الانهيارات المالية تتطلب صحوة ولو متأخرة تلغي طرق التعامل السابقة وتجمع الجهود كلها في طريق واحد ومن اجل هدف واحد.
ويا صاحب القرار، قل لهم ان التاريخ لن يكتب اسماء المسؤولين عن انهيار الاقتصاد بالحبر بل بالغضب، وان من يتخلف الآن عن خوض معركة الانقاذ المالي من اجل الكراسي والمكاسب الظرفية او الانتقامات السياسية هو يا صاحب القرار ... بأحرف من غضب
لماذا التأخر في معالجة الازمة المالية؟ وما الهدف؟ ومن المسؤول عن ذلك؟...
اسئلة سريعة تشكل بحد ذاتها عناوين المرحلة وهويتها. لا صوت يعلو الآن على صوت الخوف من الانهيارات الكبرى بعدما اتضح ان ما حصل كان في بعض الأحيان رأس جبل الجليد فقط... وان الألم وصل الى العظم.
لماذا تأخرنا رغم الجهد الواضح الذي بذله مخلصون ومتخصصون؟ جزء من الجواب يكمن في نظامنا السياسي الذي يسمح بمرونة كاملة في المناكفات والتجاذبات والتعقيدات والمشاحنات ولا يسمح بمرونة في الانجاز والاتفاق. وجزء من الجواب يعود ايضا الى ان الفريق الذي كلف ادارة الازمة ليس على قلب واحد او فكر واحد او رؤية واحدة، فمحافظ البنك المركزي والمتخصصون والخبراء والمصرفيون يتعاملون مع الازمة بجوانبها المالية والاقتصادية والاجتماعية، والاعضاء السياسيون والحكوميون في الفريق يتعاملون مع الازمة بجوانب اخرى قد تكون سياسية، وقد تكون مصلحية، وقد يكون هناك من يهمس في أذن المسؤول بان يستفيد مما حصل لترتيب العلاقة مع هذا النائب او ذاك التيار او لزيادة خسائر هذا «الكبير» او ذاك ... اما اقسى اجابة عن سؤال: «لماذا تأخرنا؟» فقد تكون : «لأن هناك من تعمد ان نتأخر».
الكويتيون يريدون معرفة الحقيقة الآن. الكويتيون جميعا هم اصحاب القضية والمصلحة، فالاقتصاد كما نقول ونكرر ليس بورصة او شركات او مجموعة اسهم واستثمارات، بل هو شبكة معقدة من النشاطات في كل المجالات المترابطة والمتشابكة التي يصعب عزلها عن بعضها.
كذلك فإن الانهيار لا يعني خسارة فرد او شركة او مجموعة شركات، فهذا امر وارد طالما ان كل طرف مسؤول عن خياراته وقراراته الاستثمارية والمالية والتجارية، كبيرا كان هذا الطرف ام صغيرا. ان الانهيار مرتبط بشكل اساسي بجملة عوامل اهمها التشخيص الخاطئ للامور والمعالجة السيئة للمشكلة وعدم تقدير عوامل حاسمة مثل الوقت والمكان المناسبين للتدخل إضافة الى ترك البنيان يتهاوى من دون وضع سدود مناسبة وفاعلة تقطع عدوى الخسارة من جهة وتسمح بترميم الجسد المتهالك من جهة اخرى... والاهم من ذلك كله ايضا ألا تفصل الحكومة برامج انقاذ على قياس اطراف بعينها لاسباب متعددة لها علاقة بكل شيء الا بالرؤية الشاملة العادلة لحل الازمة.
اربعة اشهر سمع الكويتيون خلالها الكثير من التطمينات والاقتراحات والتدخلات والصناديق ولم يروا حلا. قيل في البداية ان مئة مليون دينار كافية للمساعدة اذا ضخت في السوق بشكل ذكي، وان نصف مليار دينار كافية للانقاذ اذا ضخت في الدورة الاقتصادية بشكل ذكي. وبعد جدل طويل وتعقيدات سياسية وتشريعية قيل ان الحل يجب ان يكون عبر البنوك او بالاتفاق معها بالاضافة الى الصناديق الحكومية، ثم قيل ان الصناديق تشارك في انعاش دورة السوق من خلال الاستثمار لا من خلال التغطية والدعم، ثم قيل ان المطلوب مليار دينار لان الازمة السريعة من جهة والحلول البطيئة من جهة اخرى كشفتا عن مصاعب اخرى تعيشها تحديدا شركات الاستثمار، ثم قيل ان المطلوب ملياران لان ادوات الانقاذ الموجودة لا تكفي... وها نحن اليوم نتحدث عن ارقام فلكية تتجاوز المليارات الستة اذا اردنا تغطية الانهيارات المعلنة والمخفية لقطاعات كبيرة من الشركات.
تعددت الوسائل والحلول، لكن الثابت ان مسار الامور كما هو حاصل الآن سيؤدي الى افلاسات اكبر قد تطول لا سمح الله مؤسسات الامان في الكويت ممثلة بصناديق التأمينات والاجيال والضمانات. لسنا دعاة تشاؤم وندرك ان الثقة هي عنصر البناء الاساسي لاخراج الازمة من عنق الزجاجة، لكننا نبني على واقع ووقائع الاشهر الاربعة الماضية، حيث قلت الحلول وكثرت المشاكل. تراجعت الاصول وتقدمت الديون وبتنا نسمع ان مقص البطالة بدأ يطول في مسيرته خيرة الكوادر الكويتية المتعلمة والمتخصصة. لسنا دعاة تشاؤم انما المطلوب ان نتحلى بجرأة الاعتراف وان نقول الامور كما هي.
يا صاحب القرار، اهم من خسائر المال بالنسبة للكويت هي خسارة الطاقات البشرية الشابة والمنتجة، فهؤلاء الذين يبلغ عددهم عشرات الآلاف التزموا قبل سنوات بأن يتجهوا الى القطاع الخاص وينهضوا به بدل ان يتكدسوا في القطاع العام ويزيدوا من ثقله وعجزه. كانوا مفخرة كويتية اعادت للبلد وهجه السابق مع لمسة عصرية ابداعية. هؤلاء اليوم يواجهون خطر فقدان وظائفهم وانهيار احلامهم وخسارة ارزاقهم، هم الذين اعطوا وانتجوا وابدعوا كي يتحقق تحويل الكويت مركزا ماليا في المنطقة فإذا بالتطورات تداهم واقعهم... وإذا بالمعالجات الداخلية القاصرة تزيد هذا الواقع سوادا.
ويا صاحب القرار، نعود ونكرر ونطلق الصوت، الاقتصاد ليس موضوعا جدليا بين السلطتين التنفيذية والتشريعية كي ندخله في الصفقات والحسابات والخلافات التي تعودنا عليها. يحصل غزو واحتلال ثم نستعيد الارض ويمشي البلد. يتغير حاكم يمشي البلد. تذهب حكومة يمشي البلد. يذهب مجلس يمشي البلد. يحصل استجواب يمشي البلد. يتغير وزير يمشي البلد. يتوقف مشروع لحسابات عامة او خاصة يمشي البلد. نبيها خمس، نبيها عشر، نبيها واحدة، نبيها 25 يمشي البلد. تفلس شركة او مجموعة استثمارية يمشي البلد، يطير الاقتصاد... يطير البلد.
ويا صاحب القرار، اجمع فريق الانقاذ مجددا. افرزه الى فريقين. ابق فيه اللاعبين الاقتصاديين والماليين والخبراء والمتخصصين وابعد عنه اللاعبين السياسيين الذين يخلطون بين حلول لأزمة البلد وبين حلول لأزماتهم السياسية والاقتصادية. ثم اجمع السلطتين مجددا وقل لاعضائهما ان البلد على المحك، وان الأزمة قد تصبح ازمة وجود حقيقية اذا تطورت في المدى المنظور الى ما هو اسوأ، وان الاولوية اليوم لخطوات انقاذية تواكبها مرونة في التعاون والتشريع، وان الانهيارات المالية تتطلب صحوة ولو متأخرة تلغي طرق التعامل السابقة وتجمع الجهود كلها في طريق واحد ومن اجل هدف واحد.
ويا صاحب القرار، قل لهم ان التاريخ لن يكتب اسماء المسؤولين عن انهيار الاقتصاد بالحبر بل بالغضب، وان من يتخلف الآن عن خوض معركة الانقاذ المالي من اجل الكراسي والمكاسب الظرفية او الانتقامات السياسية هو جبان وقاصر ومتواطئ ولا يستحق موقعه... وحكم الناس له مستقبلا سيكون مختلفا تماما عن حكمه للناس.
يا صاحب القرار... الامانة بين يديك وانت خير من يحملها.
جاسم بودي
تعليقات