عن العزلة السياسية لإيران- يكتب زايد الزيد

زاوية الكتاب

إحترام سيادة دول الجوار لا يكون بارسال الميليشيات والأسلحة

كتب 3299 مشاهدات 0


الخلاصة

إيران.. وصناعة التأزيم 2

زايد الزيد

ذكرنا في مقال يوم أمس أن صناعة التأزيم أصبحت مهارة ايرانية بامتياز، وكان آخر تجليات هذه الصناعة اقتحام سفارة المملكة العربية السعودية الشقيقة في طهران وما حدث قبلها من اقتحام قنصليتها في مشهد وحرق ونهب وتخريب محتوياتها، وبالنظر إلى ردود الفعل التضامنية -التي حدثت في أعقابها- مع قرار السعودية بقطع العلاقات الدبلوماسية، حيث جاء قرار مملكة البحرين والسودان وجيبوتي مماثلة، والكويت وقطر باستدعاء سفيريهما من طهران وسفيري ايران لديهما لابلاغهما بالامتعاض مما حصل، وتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي من جانب الإمارات، تلك القرارات تمثل احتجاجا حقيقيا وواضحا من السياسة الإيرانية الهوجاء، وقد حدث ذلك بفعل يدها لا بفعل غيرها هذه المرة من وكلائها كما كان يحدث في المرات السابقة.
واليوم أمام هذه العزلة السياسية لطهران، ينبغي التعرف على أن صناعة القرار لديها متشابكة، ففي كل حدث لا تعرف من صانع الحدث، فالجميع على المستوى الرسمي والشعبي يصرح ويهاجم، وحتى في الأزمة الأخيرة اتضح جليا هذا التشابك، وتحديدا بعد اقتحام سفارة السعودية وقنصليتها، ففي الوقت الذي كانت فيه الحكومة الإيرانية تقف موقف الصامت، كان الحرس الثوري الإيراني يهدد بتصريحاته أمن المملكة ونظامها، ومن ناحية أخرى نجد الرئيس الإيراني روحاني يصرح عن إرساله رسالة للقضاء ولرئيسها صادق لاريجاني بضرورة معاقبة المجرمين باقتحام السفارة السعودية والاقتصاص منهم! ولننتبه ان هناك من يرى ان هذا التناقض في المواقف الرسمية ماهو الا تأكيد لسياسة توزيع الادوار بين الساسة الايرانيين تجاه كل أزمة، فهناك من يرسل رسائله للخارج وآخرون تكون مهمتهم تأجيج الداخل أو احتوائه، وفي كل الأحوال، سواء أكان هذا التناقض في المواقف هو سياسة لتوزيع الادوار من عدمه، فان هذا الأمر بحد ذاته يعطينا مدلولا واضحا وصريحا عن تخبط السياسة الإيرانية حتى وصل بهم الحال إلى ما وصل إليه اليوم.
وبات لزاما وبشكل فعلي على الساسة في طهران مراجعة سياساتهم التي لن تجلب لهم إلا المزيد من العزلة، فسياسة الهجوم على السفارات والممثليات الدبلوماسية عفى عليها الدهر، وبات لزاما عليهم وقف تدخلاتهم في اليمن ولبنان والعراق والبحرين والسعودية وبقية الدول العربية، فسياسة التدخلات لن تمكنهم دوما من التغطية على معاناة الشعب الإيراني تحت ستار حفظ أمنه، فحفظ الأمن يكون بالسلام والعدالة واحترام سيادة دول الجوار وليس بارسال الميليشيات العسكرية والأسلحة وصناعة التأزيم.

النهار- مقال يفرض نفسه

تعليقات

اكتب تعليقك