'مستهجن'.. خليل حيدر واصفاً عداء الثورة الإيرانية الإسلامية للمرأة
زاوية الكتابكتب ديسمبر 17, 2014, 12:51 ص 685 مشاهدات 0
الوطن
أفكار وأضواء / حجاب النساء في إيران.. بالإكراه
خليل علي حيدر
من أغرب سياسات إيران الاجتماعية، منذ ظهور الجمهورية الاسلامية عام 1979 الى اليوم، الاصرار على فرض الحكومة والسلطات المعنية، «الحجاب الاجباري» على كل النساء في الحياة العامة والدوائر والمدارس وكل مكان، الحجاب يشمل الاناث صغارا وكبارا، الطالبات والموظفات، البنات والامهات، الشابات وما تسميه كتب الشريعة «القواعد من النساء»!.
فلا عجب ان شبّهت صحيفة «بيك إيران» الجمهورية الاسلامية بدولة «الخلافة» في الموصل والعراق والشام! فهناك، تقول الصحيفة: «فرضت جماعة داعش الحجاب وكل قوانين الاسلام بشكل متطرف، كما هو الحال للنظام الايراني دون قبول رأي الاكثرية خصوصا في مجال الحجاب وتعيين حتى نوع الزي واللباس للرجال والنساء، في مدينة الموصل اعلنت منظمة داعش انها لن تسمح للنساء والرجال لبس الثياب الضيقة ولا ارتداء التنانير او البناطيل اللاصقة، وهو قرار يطابق قرار النظام الايراني بالكامل في هذا السياق، واعلنت داعش انها لن تسمح للبنات والنساء السير لوحدهن دون محرم، وفي الايام الماضية اصدرت جماعة متطرفة في ايران قرارا بمنع النساء والبنات السير في الشوارع او التواجد في اماكن وحدهن، ويقول معظم مراجع الدين في ايران ان مكان النساء في بيوتهن وليس في اماكن العمل او الجامعات او الشوارع والمنتزهات». (القبس 2014/7/18).
وثمة ملاحظات اخرى على «الحجاب الاجباري» الذي تتبناه ايران منذ 35 عاما، فهي تكاد تكون الدولة الوحيدة التي تتبنى مثل هذه السياسة بحق النساء في العالم الاسلامي كله، وبخاصة بعد ان تغيرت بعض الشيء هذه السياسة في دولة مثل المملكة العربية السعودية وربما حتى السودان، وان كان الحال متشابها في مناطق هيمنة طالبان بأفغانستان، حيث تقترن «قم» مع «قندهار»، وان كان «الشادور» الايراني اكثر رحمة بالمرأة من الخيمة المتنقلة التي تجبر المرأة الافغانية على ارتدائها، تجنبا لإثارة غرائز مجاهدي طالبان!.
وكانت الصحف قد اشارت في فبراير قبل عامين 2012، ان السلطات الايرانية قد قررت الزام الموظفات فوق الحجاب بزي موحد، «بما يتفق مع المعايير الدينية والثقافية الايرانية!»، غير ان القرار اثار غضب الايرانيات اللواتي اعتبرنه خطوة اخرى في مجال التضييق على الحريات الشخصية للمرأة الايرانية، وقالت سيدة ايرانية تُدعى «مديحة محمد»، وتعمل في مكتب عام بطهران، «الملابس التي اراها هنا ليست مختلفة جدا عما يتعين علينا ارتداؤه، ولكن اجباري علي ارتداء زي موحد وانا ابلغ من العمر (47 عاما)، يجعلني اشعر انني غبية».
وقالت احدى السيدات وتدعى «آذر ناظري»، وهي مديرة شؤون السيدات في مكتب حاكم طهران، انه سيتم الزام السيدات بارتداء زي موحد ابتداء من العام الفارسي الجديد في 21 مارس 2012 واضافت السيدة ناظري انه بعد التشاور والاستطلاع، «تقرر ان الالوان الرئيسية للزي الموحد الجديد سوف تكون الازرق الغامق والرمادي الغامق». كما ان هناك، كما قالت، «خططا لإلزام الرجال الذين يعملون في المؤسسات العامة بارتداء زي موحد ايضا».
واضافت صحيفة «الشرق الاوسط»، 2012/2/23، «اللباس الشرعي» يطبق على جميع النساء في الجمهورية الاسلامية من الايرانيات وغير الايرانيات وحتى غير المسلمات»!، واقول: لو كان الاخوان المسلمون امسكوا برقاب المصريين والمصريات في محاولتهم الفاشلة، لكان هذا مصير الرجال والنساء في مصر، من مسلمين واقباط!.
وفي 2014/5/30، نشرت صحيفة «القبس» ترجمة لمقال عن صحيفة «روز» الايرانية بعنوان «من حق الغرباء اغتصاب الفتاة اذا خلعت حجابها»، لان «غير المحجبة سلعة رخيصة ولا يحق للقانون الاعتراض على اغتصابها»!.
وجاء في المقال انه في الآونة الاخيرة انتشرت ظاهرة سُميت «الحرية الخفية للنساء»، من خلال نزع حجابهن في اماكن بعيدة عن اعين قوى الامن والمتشددين، في محاولة لإعلان رفضهن للحجاب الاجباري المفروض عليهن من جانب النظام، وقالت الصحيفة ان التهديد بالاغتصاب يثبت صحة التقارير التي نشرها معارضون للنظام في السابق، بعد تعرض العديد من الفتيات والنساء الى الاغتصاب، ويقول المعارضون للنظام «ان اسلوب التهديد بالاغتصاب او حتى تطبيقه يعد نوعا من التخدير الاجتماعي من جانب الاصوليين الذين يخشون انتشار ظاهرة عدم التحجب وتحدي مواقف مراجع الدين»، واذا عمّت هذه الظاهرة فلا يمكن التحكم بها او ضبطها، «لا سيما ان المتشددين يزعمون بتساهل حكومة الرئيس حسن روحاني وعدم فرضها المزيد من القيود على حرية المرأة، كما يؤكد ذلك الدين الاسلامي».
لا يقوم البرلمان الإيراني، أو «مجلس الشورى» للأسف، بدور المنقذ لنساء إيران، بل يطالب بعض أعضائه بمزيد من «الدعم المادي والمالي» للقيود والأصفاد. فنرى على سبيل المثال النائب «غلام علي حداد عادل»، ينتقد ما وصفه «بتدهور أوضاع الالتزام بالحجاب في إيران يوماً بعد يوم». وطالب الحكومة بتقديم «دعم مالي للشركات المنتجة للأزياء الإسلامية»، بهدف تشجيع ارتداء «الزي الإسلامي»، يُذكر أن الشرطة تلقي القبض على الأفراد أحياناً بتهمة ما تسميها بـ«عدم الالتزام بالحجاب الإسلامي» في المدن الكبرى أو تكتفي بتوجيه إنذار لهم. وهي الاجراءات التي أعلنت حكومة الرئيس روحاني في مختلف المناسبات عن معارضتها لها، حيث خاطب الرئيس المسؤولين منذ فترة قائلا، «لا تتدخلوا كثيراً في حياة الناس ولو كان بحجة الحرص عليهم. علينا أن نسمح للناس أن يختاروا الطريق التي تقودهم نحو الجنة، لا يمكن أن ندفع الناس إلى دخول الجنة بالقوة والجلد» (الشرق الأوسط، 2014/5/31).
وفي اغسطس الماضي نشرت القبس الكويتية، 2014/8/19، صورة طريفة للبروفيسورة الإيرانية «مريم ميرزا خاني»، أول امرأة في التاريخ تفوز بميدالية «فيلدز» المرموقة Fields Medal التي تشبه من حيث الأهمية جائزة نوبل في العلوم. وقد عبر الإيرانيون والرئيس روحاني عن فرحهم وفخرهم بالانجاز، ولكن الصحافة احتارت كيف تنشر صورة عالمة الرياضيات الإيرانية، إذ كانت لا ترتدي حجاجاً، حيث يلزم القانون الإيراني النساء بالظهور محجبات في العلن، حتى لو كُن خارج البلاد. وقد حُكم على ممثلة إيرانية بالسجن لمدة عام وتسعين جلدة، بسبب ظهورها من دون حجاب في فيلم استرالي.
صحيفة «القبس» الكويتية، نقلت صورة العالمة الرياضية الإيرانية كما نشرتها الصحف الإيرانية التي احتارت هي نفسها كيف تنشرها، فكانت من دون شعر ولا أذن ولا رقبة!
«الصحيفة الرسمية «إيران» عدّلت صورة ميرزخاني بالفوتوشوب، ورسمت على رأسها حجاباً، أما «كيهان» المحافظة فقد تجاهلت الحدث كلياً كي لا تحرجها الصورة، بينما نشرت معظم الصحف الأخرى صورة قديمة لمريم عندما كانت في إيران وترتدي الحجاب».
قضية د.ميرزاخاني، عالمة الرياضيات، 37 عاما، أثارت في إيران جدلاً واسعاً حول هجرة الأدمغة من البلاد إلى الولايات المتحدة وأوروبا، مثل العالمة الكبيرة الفائزة بجائزة فليدز د.ميرزاخاني، كانت قد غادرت إيران واستقرت في الولايات المتحدة وتخرجت في جامعة هارفارد، وتحاضر حاليا في جامعة «ستانفورد» المرموقة بكاليفورنيا.
لم يكتف المتشددون من «الحجابيين» ودعاة «الحجاب بالإكراه»، بما حققوا من مكاسب، فعمد بعضهم إلى تصعيد إجرامي خطير بتشويه المرأة الإيرانية، فأعداء حرية وحقوق المرأة في إيران كثيرون، وبخاصة جماعة «حزب الله إيران» و«شرطة الآداب» وغيرهم. وكانت جماعة «حزب الله» الإيرانية قد هددت بتنفيذ عمليات انتقامية في حال انتشار ظاهرة «عدم التحجب»، وهي جماعة يشبهها الكثيرون في إيران لشدة بطشها وعنفها وعدوانيتها بأنها «نسخة من تنظيم داعش». وقد شهدت مدينة اصفهان وسط إيران مرة أخرى، «حوادث رش الفتيات بالحمض الكيماوي الحارق، حيث أبلغت 11 فتاة عن اعتداءات كهذه في الاسبوع الماضي، بالإضافة إلى عشرات في طهران ومدن أخرى. وأضاف تقرير صحافي مرسل من طهران نشرته القبس، 2014/10/19، أن أجهزة الإعلام الرسمية تدعي، «أن الرش تم بواسطة أشخاص مجانين، أو أن لهم مواقف ثأر وانتقام من أسر الفتيات! لكن جميع اللواتي تعرضن للرش أكدن أنهن هوجمن من قبل عناصر دينية متطرفة لها سلوك أسوأ من عناصر داعش وطالبان، والسبب هو عدم التزامهن بالحجاب الكامل، أي كشفهن قليلا عن خصلات من شعرهن فقط. وفي أصفهان تعيش النساء حالة من الرعب منذ أيام، بعد أن اعتدى راكبو درجات نارية على فتاة في الـ27 من عمرها باستخدام مادة الحمض الحارقة، أثناء قيادتها السيارة وسط المدينة».
وقد طالب الرئيس الإيراني حسن روحاني بكشف ملابسات الهجمات المتعددة وكلف وزارتي الداخلية والعدل وجهاز الاستخبارات العمل على كشف الملابسات، كما وصف الرئيس هذه الأفعال بأنها «غير آدمية»، حيث تسببت إحدى هذه الهجمات في عمى إحدى عيني طالبة جامعية في أصفهان، فخضعت لعملية جراحية على نفقة الحكومة، وكان وزير الصحة داخل غرفة العمليات. ومن جانب آخر منعت الحكومة تنظيم اي مظاهرات في طهران وغيرها ضد هذه الاعتداءات (القبس، 2014/10/26).
ولم يهتم مجلس الشورى الايراني بمثل هذه الحوادث اللا انسانية بحق النساء، بل اعد قانونا لصالح الدواعش الايرانيين، «استهدف به حماية المواطنين الذين يشعرون ان من حقهم تصحيح سلوك اولئك الذين لا يلتزمون بقوانين المجتمع الايراني الصارمة». (الوطن، 2014/10/25).
نذكر جميعا كتابات الاسلاميين الشيعة والسنة عن حقوق المرأة وحرياتها، وبأن النظام الاسلامي وحده يحررها من كل اشكال الاجبار والاكراه، بعكس قمع «الانظمة الدكتاتورية الشمولية في الشرق الاشتراكي»، كما قالوا كثيرا في كتبهم ومقالاتهم وخطبهم، وبعكس «استغلال الانظمة الرأسمالية» لانوثتها وحاجتها، حيث تجد نفسها «مضطرة» لان تكون مستعبدة بسبب ظروفها المادية القاسية.
رجال الثورة الايرانية ومفكروها على وجه الخصوص، كدسوا اطنانا من الورق والاشرطة في مجال وعود حقوق المرأة وتحررها من الشاه «ونظامه العلماني الطاغوتي الاستعلائي»، الذي لم يرش احد في ظله الاحماض الاسيدية الحارقة على اي محجبة من انصار الثورة الاسلامية!
والآن اين حرية اختيار المرأة للباسها، وطاعتها للشريعة عن رضا وقناعة دون اكراه؟ ولماذا تتحجب المسلمة او ترفض ارتداء الحجاب في عشرات الدول الاسلامية، ومنها تركيا مثلا وباكستان واندونيسيا وغيرها، بينما يقوم رجال الدين وقادة الثورة في ايران بتحريض عناصر «حزب الله» الايراني وغيرهم لارتكاب مثل هذه الجرائم التي تحطم مستقبل اي فتاة، ولا تعطيها حتى فرصة التوبة والعودة الى الحجاب بعد ان تتشوه ملامحها الى الابد؟
عداء الثورة الايرانية الاسلامية للمرأة مستهجن لاسباب اخرى، غير وعود اعطاء الشمس والقمر لنساء ورجال ايران قبل وبعد الثورة. احد هذه الاسباب تلك الشخصيات النسائية القوية التي لعبت دورا بارزا في المذهب الشيعي، كما تشير كتب ومراجع المذهب، كالسيدتين زينب بنت الحسين وفاطمة الزهراء. فهل مثل هذا التمجيد لبعض الشخصيات النسائية في التراث الشيعي موجّه للاستهلاك الخارجي فحسب، ام انه من منابع التأكيد على حقوق المرأة؟ ونقف عند نقطة اخرى جديرة بالتأمل في تعامل سلطات الثورة الايرانية والجناح المتطرف فيها مع قضية المرأة، ونتساءل هل نجح هذا التشدد بعزل المرأة في المدارس والجامعات وفرض الحجاب على النساء بالجبر والاكراه، في القضاء على «الانحرافات الجنسية» والحد من «فساد الاخلاق» وزيادة تمسك الرجال والنساء بتعاليم الاسلام؟ ما الذي حققته سياسة الاجبار والاكراه والملاحقة والجلد والعزل ومنع الاختلاط ورش الاسيد على الوجوه بعد نحو 35 عاما من نجاح الثورة؟
لماذا يسير المتعصبون الايرانيون على خطى رضا شاه بهلوي، الذي فرض السفور واجبر النساء على خلع الحجاب بالاكراه ولم ينجح، بينما يحاول رجال الدين وانصار الحرس الثوري وحزب الله في ايران، فرض الحجاب بالاكراه.. والسلاح الكيماوي؟
هل يمكن فرض كل اركان الاسلام على الايرانيين بالاكراه كذلك، من صلاة وصيام وحج لمن هو قادر وغير ذلك؟
لماذا تفضل ايران «مدرسة» كوريا الشمالية وصين ماوتس تونغ في تطبيق الحجاب والزي الموحد، ولا تلتفت الى عشرات الدول الاسلامية التي تختار فيها اغلبية الفتيات والنساء الحجاب.. دون اجبار حكومي؟
ألا تشعر القيادة الايرانية ان الدنيا تغيرت كثيرا منذ عام 1979؟
تعليقات