عصام الفليج يتسائل: هل تتحول إيران إلى شريك استراتيجي؟!
زاوية الكتابكتب سبتمبر 26, 2014, 12:42 ص 780 مشاهدات 0
الوطن
آن الآوان / هل تتحول إيران إلى شريك استراتيجي؟!
عصام عبد اللطيف الفليج
أقام رئيس غربي مؤتمرا صحافيا بعد الانتهاء من اجتماعه مع قائد القوات المسلحة، وقال في حديثه: لقد جرت معارك عنيفة، وقتل في هذا القصف اكثر من 100 مسلم، وطبيب أسنان واحد.فانهالت الأسئلة من الصحافيين: كيف قتل هذا الطبيب؟! فالتفت الرئيس لقائد القوات المسلحة مع غمزة خفيفة وابتسامة خبيثة وقال له: ألم اقل لك إني سوف أنسيهم القتلى المائة!
ولعل هذا يجري مع العديد منا عند الحوار او التحليل، فلكل حوار قائد خفي، قد يكون المصلحة أو الهوى أو العاطفة.. وغير ذلك، فيتوارى العقل والمنطق والحكمة، لنخرج بنتائج سلبية، وقرارات في غير محلها.
وبالامس أخذ مقالي «من قال ان ايران عدو؟!» ردود أفعال مختلفة، ما بين مؤيد ومعارض، وهذا امر طبيعي، لكن يبدو ان العديد ممن قرأوه تركوا كل المقال، وركزوا على نقطة واحدة فقط، فبدت الصورة غير واضحة لديهم، وطلبوا المزيد من الشرح، وهنا أود الاشارة الى الآتي..
بداية.. ايران ليست بلاد فارس القديمة، بل هي مجموع عدة أقاليم وأعراق، ضمت في طياتها الفرس والتركمان والبلوش والأكراد والأفغان والعرب.. وغيرهم، وحوت أديانا وطوائف مختلفة، ولغتها ليست ذات اللغة الفارسية القديمة.
اذاً عندما نتكلم عن ايران، ليس بالضرورة ان نتكلم عن فئة واحدة، وهي ليست بالضرورة صفوية او مجوسية كما يحلو للبعض وصفها، ولكن ادارة البلاد تتعامل بنظامين متوازيين يحميان بعضهما البعض: النظام الديني او الروحي المتمثل بالمرشد، والنظام السياسي المتمثل برئيس الحكومة، وهذا التوازي شكل اتفاقا يحمي كيان الدولة من التفكك، مهما جرى من اختراقات واختلافات.
وتتعامل ايران وفقا لمصالحها الاستراتيجية، حالها حال اي دولة كبيرة، لانها اختارت هذا الخط القيادي - وافقناه ام لم نوافقه فهذا امر آخر - ومنها نشر المذهب، وتكوين الحلفاء الاستراتيجيين الذين يحققون أهدافها، مثلها مثل اي دولة اخرى - مع الفارق - في طموحاتها، واستغلت انسحاب العديد من الدول من أدوارها لتحل محلها، وهي تتعامل بذكاء استراتيجي بعد عدم نجاح المرحلة الاولى، وعرفت حدودها، ومن هم أصدقاؤها وحلفاؤها، وانتقلت الى مرحلة أوسع، مع تنسيق غربي واسع، تتعامل معه بنظام شعرة معاوية.
وخلال اكثر من 30 سنة صور لنا الاعلام العربي ايران بصورة عرقية طائفية بحتة - لا تخلو منها الحقيقة - وصور لنا الاعلام الغربي ايران بصورة ارهابية، ودعمت ايران ذلك بأفعال جعلت الكل يتخوف منها، مثل: احتلال الجزر، ومسيرات مكة، والمفاعل النووي، والجرف القاري، واعتقال - او اختطاف - بعض البحرية الكويتيين..وغير ذلك، وهي نفس الأفعال التي تقوم بها دول كبرى.
وبالمقابل.. فقد كانت ايران معبرا للكويتيين للخروج من الكويت فترة الاحتلال العراقي، وكانت معارضة للاحتلال، ويوجد تبادل تجاري كبير جداً بين البلدين، وفي تنام متزايد، وأقيمت عدة مؤتمرات وزيارات، مثل مؤتمرات الشعر لمؤسسة البابطين، ووفود جمعية الصحافيين. كما كانت الدولة الوحيدة التي ساندت غزة امام الحصار الصهيوني لأكثر من 7 سنوات، وقت تخلى الجميع عنها.. وغير ذلك.
اذا.. نحن نعيش في تناقضات كبرى، وامام هذه التناقضات نحتاج الى الحكمة، بعدم قطع الشعرة، والحفاظ على اكبر مساحة مشتركة من العلاقات الايجابية، فكانت الكويت - الصغيرة - الأكثر اتزانا من غيرها، ومنها الاتجاه بالعلاقة مع ايران من خصم الى صديق، ومن عدو الى شريك استراتيجي، وفق مصالح مشتركة، تحفظ حقوق البلدين والشعبين.
آمل ان تكون الصورة قد اتضحت، مع الشكر لكل من استفسر، والشكر لكل من وهبني حسناته، والاعتذار عن اي خطأ او تقصير.
تعليقات