الكمال الكويتي كما يراه علي الذايدي مجرد سراب

زاوية الكتاب

كتب 967 مشاهدات 0


عالم اليوم

بلا عنوان  /  أرض السراب

علي الذايدي

 

في الكويت لا تكون الأمور دائما كما تبدو للعين المجردة، فالناظر للأمور من بعيد لا يرى إلا الجمال، ولا يرى إلا دولة مؤسسات تكون الكلمة العليا فيها للقانون ولا شيء يعلو فوق صوت القانون، و لدينا من القوانين ما هو أفضل من القوانين الموجودة في بلد مثل سويسرا أو فرنسا، لدينا قضاء مستقل ورجال قانون من طراز رفيع، لدينا اقتصاديون وتجار لا يجاريهم في براعة جمع المال حتى تاجر البندقية شايلوك اليهودي في رواية شكسبير الخالدة تاجر البندقية.

لدينا رجال دين يحفظون القرآن كاملا ومجودا على القراءات السبع، لدينا رياضيون يقيمون معسكراتهم التدريبية في أرقى بلدان العالم المتطور، لدينا جنود وجيش تم تجهيزه بأحدث الأسلحة التي تم تطويرها في مصانع مكدونيل دوغلاس الأمريكية لصناعة الأسلحة، لدينا مسرح وسينما وتليفزيون وقنوات فضائية عديدة، لدينا صحافة حرة لا تخشى في الحق لومة لائم، وأهم من هذا وذاك لدينا دستور يحتوي على 183 مادة كلها تدعو للعدالة والمساواة بين طبقات الشعب.

كل هذا الوصف الذي لا يوجد حتى في مدينة أفلاطون الفاضلة موجود بالكويت ولكن من بعيد فقط، لأننا عندما نقرب الصورة أكثر وأكثر نكتشف أن كل ذلك الكمال هو في الحقيقة مجرد سراب.

فالقانون لا يطبق إلا على الصغار وذوي الدخل المحدود من المواطنين البسطاء، والتجار لا يتركون فرصة لرفع الأسعار إلا واستغلوها في ظل صمت الحكومة وخشيتها من إغضاب هذه الفئة لدرجة أنهم مؤخرا أصبحوا يتدخلون في السياسة وطالبوا أن يتم تعليق الدستور وتعطيل مجلس الأمة الذي أصبح يشكل عبئا ثقيلا عليهم عن طريق مراقبة الصفقات التي ترسيها عليهم الحكومة كلما عادوا من إجازاتهم الطويلة في جزر الآزور والانتيل.

الدستور تم تعطيل مواده التي تدعو للمساواة بين المواطنين والأمثلة على ذلك كثيرة مثل تعيين أبناء المناطق الخارجية في الوظائف الحساسة في البلد أو توزيع الدوائر الانتخابية.

مطاوعتنا أو رجال الدين كما اصطلح على تسميتهم أصبحوا دمى في يد الحكومة، وكلما « توهقت» الحكومة في أمر ما جاءتهم الفتاوى المنجية لرفع الحرج عنها، فعندما ضاق الخناق على الحكومة في قضية شراء مديونيات المواطنين خرج علينا بعضهم بفتوى حرمة شراء المديونيات، وعندما ضج المواطنون من عمليات الإزالة التي دمرت دواوينهم التي دفعوا فيها الكثير جاء الفرج من هؤلاء أيضا بفتوى حرمة التعدي على أملاك الدولة، بل وطالب بعضهم بتطبيق حد الحرابة على المتجاوزين، وهكذا دواليك، ولكنهم لم يسألوا أنفسهم لماذا لم تستفتهم الحكومة في قضية السماح للبنوك الربوية في العمل على أرض الكويت، ولماذا لم تأخذ رأيهم في دعم انقلاب السيسي على الشرعية في مصر، ولماذا لم تشاورهم عندما قررت بناء كنيسة جديدة في بلد مسلم كالكويت.

الجيش مشغول بكثرة غياب أفراده ومحاكماتهم لدرجة أن لا وقت لديهم للتدرب على الأسلحة الجديدة التي تم عقد صفقات ضخمة مليارية لشرائها.

منتخباتنا الرياضية لا تجلب إلا الفشل يتبعه الفشل، صحافتنا وقنواتنا الفضائية ليست إلا تصفية حسابات وتلميع لشخصيات لا تستحق، أو الهجوم على شخص بأوامر من شخص آخر «يدفع أكثر»

الحركة المسرحية في الكويت تعرف عايض أكثر من معرفتها بزكي طليمات.

كل ما حولنا سراب، يختفي بمجرد الاقتراب منه، ولكننا نأمل أن يأتي يوم يتحول فيه هذا السراب إلى حقيقة، وقد لا يأتي ..... من يدري!!

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك