'لا الربيع العربي ولا صحوة خامنئي الاسلامية' لا يحق لها دخول سورية أو إيران!.. خليل حيدر متعجباً

زاوية الكتاب

كتب 1083 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  'خامنئي' و'سيد قطب'.. وحضارة الرجل الأبيض

خليل علي حيدر

 

من هو مرشد الثورة الايرانية؟ وما تكوينه الفكري والسياسي؟ وكيف يزن العلاقات الايرانية مع العالم الخارجي؟ فالحقيقة ان التاريخ الايراني لم يعرف منصباً شمولي الصلاحيات، كلي السلطات كولاية الفقيه. يقول الكاتب الايراني الممنوعة كتاباته داخل ايران «أكبر غنجي» Ganji، في مقال مترجم عن «فورين أفيرز» الامريكية نشرته الشرق الاوسط، ان «كل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية في الحكومة تعمل تحت السيادة المطلقة للقاعد الاعلى. وهكذا يصبح «خامنئي» هو رئيس دولة ايران وقائدها الاعلى ومنظّرها الرئيسي، افكاره هي ما تشكل السياسة الايرانية» (2013/10/15).
كيف تشكل وعي السيد «علي خامنئي»، الذي ولد عام 1939 في «مشهد»، الثاني بين ثمانية ابناء، لاب كان عالم دين متواضع الحال ودرس في «قم» حيث التحق هناك بحركة المعارضة الدينية التي قادها آية الله الخميني في عام 1962، واصبح رئيسا لايران 1989/1981، ثم خلف «الخميني» في منصب المرشد الاعلى؟
لم يقتصر السيد الخامنئي في ثقافته على دراسته الدينية، ولا يفسر الفقه الشيعي عداءه المتواصل للغرب وللولايات المتحدة، اذ ان منابع هذا الموقف السياسي كانت متعددة، منها اتصاله الدائم قبل الثورة بعالم المثقفين الايرانيين، حيث تشكل الاطار الاساسي لفكره اثناء شبابه وبداياته سن الرشد، في الخمسنيات والستينيات من القرن الماضي. وعلى عكس كثير من الاسلاميين الاخرين، كان «خامنئي» على اتصال مع اهم مثقفي المعارضة العلمانيين، واستوعب خطابهم وافكارهم. غير انه تعرف كذلك من خلال دراسته الدينية ومعرفته اللغة العربية على مؤلفات الاخوان المسلمين وبخاصة سيد قطب، التي ترجم خامنئي بعضها الى الفارسية.
ويقول الكاتب الايراني: ان علاقات خامنئي مع المثقفين الايرانيين ادت الى تطرف آرائه بشأن الولايات المتحدة، نظرا لان هذه الاوساط كانت شديدة المعارضة لامريكا بعد انقلاب 1953، وبعد تأييد الولايات المتحدة للشاه وقمع النظام للمعارضين، غير ان «خامنئي» في لقاء العام الماضي مع طلاب الجامعات في طهران، اثار نقطة تاريخية سياسية حول ذلك الانقلاب جديرة بالتأمل عندما قال: «من المثير للاهتمام ان ندرك ان امريكا اطاحت بحكومة «مصدق» على الرغم من انه لم يظهر عداء تجاهها، لقد تصدى للبريطانيين ووثق في الامريكان، وكان يرجو ان يساعده الامريكان، وكانت له علاقات ودية معهم».
في شبابه، كان خامنئي يحب الروايات، فقرأ للادباء الايرانيين الا انه سرعان ما تولّع بالكتاب الغربيين الكبار من فرنسا وروسيا وبريطانيا، وقال في تصريح تلفزيوني عام 2004: «في رأيي، ان رواية البؤساء لفيكتور هوغو افضل رواية كتبت في التاريخ»، واعتبر خامنئي هذه الرواية الفرنسية نافذة الى الواقع العميق في حياة الغرب، ونصح جمهورا من الكتاب والفنانين في عام 1996 بقراءة الروايات ذات الاتجاهات اليسارية، مثل «عناقيد الغضب» للامريكي «جون شتاينبيك»، كي يعرف المثقفون الايرانيون «كيف تعامل معهم الرأسماليون في مركز الديموقراطية»، أي الولايات المتحدة!
كان «سيد قطب» هو من استولى على قلب خامنئي في شبابه، حيث ترجم من اعماله «المستقبل لهذا الدين».
ولقد عدت الى احد فصول هذا الكتاب، فرأيت سيد قطب يلقي احدى خطبه العصماء حول انهيار الغرب وسقوط حضارته فيقول: «لقد انتهى العصر الذي يسود فيه الرجل الابيض، لان حضارة الرجل الابيض قد استنفدت اغراضها المحدودة، لقد اصيبت بالعقم او كادت. انه الخواء ينخر في روح الحضارة الغربية بمذاهبها جميعا وبأنظمتها جميعا ويهددها بالنكسة والانحدار، ان بريق الحضارة المادية لا يجوزان يعشي ابصارنا، لقد انتهى دور الرجل الابيض انتهى دوره سواء كان روسيا او امريكيا، انجليزيا أم فرنسيا، سويسريا أم سويديا». (دار الشروق بالقاهرة – 1993، ص47 – 57).
ان نقطة الضعف الرئيسية في مؤلفات سيد قطب انها تدفعك للايمان والحماس، لا للبحث والموازنة والنقد، ولقد امتد بنا العمر ورأينا الاخوان المسلمين على رأس السلطة في دولة «سُنية» رئيسية، بعد ان هيمن اشقاؤهم منذ عام 1979 على دولة شيعية نفطية كبرى.. والكل يعرف اليوم من الذي انتهى عصره.. ولابد ان يرحل! ذهب السيد خامنئي عام 1987 في رحلته الوحيدة، مثل سيد قطب الى الولايات المتحدة لحضور جلسة في الامم المتحدة. وكما تعرض سيد قطب هناك لـ«الفتنة والاغواء» تحدث خامنئي في خطاب جماهيري عما مر به اثناء اقامته في نيويورك قائلا: «جاء مسؤول رفيع المستوى في دولة اوروبية لمقابلتي وقال لي: يجب ان تحل مشكلتك مع امريكا! اعتقدوا انني بمجيئي الى نيويورك ووجودي في امريكا قد يستطيعون استغلال الموقف، ولكني قلت مستحيل». لا ينكر خامنئي تقدم الغرب، وفي كتبه الفقهية مرونة اكبر من الكثير من فقهاء الشيعة والسنة، في التعامل مع المسيحيين، وبخاصة من يعتبر منهم النصارى مشركين او كفارا.. والمشرك نجساً.
يرى السيد خامنئي بتفاؤل، ان العالم «يتجه نحو الافضل»، وانه سوف يبدأ «عصر جديد في العالم بأسره»، بعد ان فقدت العقائد الماركسية والليبرالية والقومية جاذبيتها، في حين لايزال الاسلام يتمتع بجاذبيته، وربما اقتبس هذا التفاؤل كذلك من بعض مثقفي ايران والتقدميين اليساريين، ويسمى خامنئي الربيع العربي «الصحوة الاسلامية» ويعد هذه الصحوة بداية لانتفاضة في جميع انحاء العالم ضد الولايات المتحدة الامريكية والصهيونية العالمية.
ولكن بالطبع لا «الربيع العربي» ولا «الصحوة الاسلامية» يحق لهما دخول سورية او ايران!

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك