التحول الديموقراطي في دول 'الربيع العربي' كما يراه ناصر المطيري حلم بعيد المنال
زاوية الكتابكتب يناير 27, 2014, 1:04 ص 838 مشاهدات 0
النهار
خارج التغطية / 'الدم.. قراطية' العربية!
ناصر المطيري
الديموقراطية في البلدان العربية طريق وعر وطويل معبد بالدم والهم محاط بسياجي الدين والسياسة، ولقد ثبت بالواقع الميداني في ساحات الثورات العربية أن مجرد اسقاط رئيس أو حكم ديكتاتوري لايعني أن الديموقراطية والحريات والأمن قد أصبحت في متناول أيدي الشعوب بل ربما ارتدت بعض الثورات على أهلها فانتكس الأمن وتبخرت أحلام المشاركة السياسية وغرقت الدولة في دوامة الدم والفوضى.
شعوب عربية ثارت وخارت ودخلت في متاهة صعبة بين طاولات المفاوضات والصفقات الاقليمية والدولية وبين حالة العنف والاقتتال والتكفير والتخوين، فالعرب حتى الآن مازالوا مجتمعات قبلية وعشائرية وطائفية ومذهبية، وهو ما يتعارض تماماً مع جوهر الديموقراطية بشكلها الغربي المتعارف عليه، فقد أظهرت معظم الانتخابات التي جرت قبل الثورات العربية وبعدها أن الشعوب مازالت تصوّت في الانتخابات على أسس طائفية وعشائرية وقبلية وجهوية ومناطقية، لا على أسس وطنية.
هذه الاشكالية التي تعاني منها البلدان العربية هي صناعة يشترك بها الدين والسياسة، فالدين له دور توجيهي مؤثر في الشعوب التي تنقاد بلا تفكير وراء مشايخ السلطة الذين يقدمون الفتاوى المعلبة لصالح حاكم أوحكومة فيفتنون الناس عن رؤية الحق.
والسياسة لها دورها أيضا في صنع هذا التشرذم وترسيخه بدل صناعة المواطنة التي هي اساس الاستقرار وجوهر الديموقراطية، لأن ذلك يناسبها ولا يناسب الاوطان وتداول السلطة، ولأن كثيراً من الأنظمة العربية كانت محكومة خلال الحقبة الاستعمارية بطريقة «فرق تسد» لذلك نجدها اليوم تحكم شعوبها بذات الطريقة مع بعض التعديل فأصبحت « فرق تسيطر».
لذلك فان ما يلطخ وجه الديموقراطية العربية بالدم هو استخدام الدين في استعباد الفكر البشري وتوجيهه من أجل خدمة العروش ودعم القمع والجيوش.
إذن لايزال التحول الديموقراطي حلماً بعيد المنال في مجتمعات الثورات العربية أو ما عرف بـ«الربيع العربي». بعد ثلاث سنوات تقريباً من تفجر شرارتها التي أسقطت حكم زين العابدين بن علي في تونس، ومحمد حسني مبارك في مصر، ومعمر القذافي في ليبيا، وعلي عبدالله صالح في اليمن، يبدو واضحاً أن هناك أزمة بنيوية تخترق مسارات الخروج من السلطوية وتصفية ارثها في مجتمعات الثورة، الأمر الذي يعيد الى الأذهان معضلة العجز الديموقراطي في السياق العربي التي سارت بذكرها الركبان طوال حقبة الدولة الوطنية الحديثة التي ظهرت في خمسينيات القرن الماضي.
تعليقات