عبداللطيف الدعيج يذكّرنا بالماضي الجميل بنقل جزء من الحياة فى الكويت فى زمن الشيخ عبدالله السالم، ويتهم النواب بأن معظمهم مايفكون الخط
زاوية الكتابكتب يونيو 25, 2008, منتصف الليل 772 مشاهدات 0
حتى تبكون مثل ما بكيت
بقلم: عبداللطيف الدعيج
الكويت دولة الرفاه التي يشار اليها بالبنان على مستوى العالم. لقد خلق الثراء السريع اثارا غريبة وبدل امزجة، ومع ذلك فالشيخ عبدالله السالم الصباح قد ظل ذلك الرجل البسيط الذي لم يتلبسه هوس الثراء. حتى وان عد من ضمن اغنى اربعة رجال في العالم فان هذا لم يفقده رشده.. حاكم الكويت ليس مستبدا ولا مبذرا، كما لم تضطرب رؤيته للامور ابدا، ولم يعدم النظر او يستغل سلطته كحاكم. لم يسكن الاسراف شيوخ الكويت، ولم يصبهم نزق كالذي اصاب الغير.
شيخ الكويت، لا يجعل الكويتيين فقط يعيشون كما يريدون بل كذلك الثلاثمائة الف غريب في المدينة. جميع الاطباء موظفون حكوميون، لذا فان كل عناية طبية تقدم بلا مقابل، ولقد جهزت الكويت مائة واربعاً وعشرين مدرسة بالكامل، احدث قصور التعليم هو اصدق وصف لتلك المدارس، ثلاثون الف تلميذ ينقلون يوميا من والى منازلهم، وتجري كسوتهم من الرأس الى اخمص القدمين مرتين في العام وذلك ايضا بالمجان.
هل لديك ألم في الاسنان أم يعوزك فك صناعي؟ هل المطلوب جهاز سمعي؟ طرف صناعي؟ او حذاء طبي؟ عيناك ليستا على ما يرام.. أتلزمك جلسة نفسية تعيد اليك صوابك؟ او لعلك تطمح الى الدراسة في انكلترا لتصبح طيارا او سائقا رياضيا.. امسلم انت ام مسيحي؟ عربي، فارسي، او اوروبي، هندي، درزي، بوذي او عابد للشيطان.. من انت وماذا تكون، ومن اين اتيت هذا لا يعني شيئا في الكويت. انت في الكويت وهذا يفي بالغرض. مستشفيات، مستوصفات، عيادات اطباء باطنية. جراحون واختصاصيو نظر، مدارس مزودة بمطابخ، وجامعات.. كل ذلك تحت تصرفك التام وبلا شروط او مقابل، وحين تتماثل للشفاء بعد اشهر من الاقامة في المستشفى تتلقى بدلا من الفاتورة اصدق التهاني.
«الله وهبنا هذا الثراء الطائل... وانت ايها الغريب لك ان تشاركنا ذلك. فانت ضيفنا» بذلك يضرب الكويتيون مثلا للعالم ولا يفرضون شروطا لقاء ذلك.
من كتاب «كاديلاك وكوكاكولا» للمهندس جون هنري ميلر الذي عمل في الكويت في بداية الأربعينات ونهاية الخمسينات من القرن الماضي. ترجمة محمد بن عصام السبيعي، ونقلناه بأقل القليل من التصرف من الزميلة «الرؤية».
ثلاثة ويخبون عليكم
لا أرى ان مبلغ الخمسة عشر مليون دينار الذي سيهدر على سكرتارية الفطاحل من أعضاء مجلس الأمة يشكل مشكلة حقيقية. على الأقل ليس في هذا الارتفاع الجنوني في مداخيل النفط، لكن الخطورة في قرار زيادة سكرتارية النواب تتعدى الكثير مما لا يقاس ولا يعوض بزيادة المداخيل أو الطفرات النفطية.
لنكن صريحين وواقعيين، معظم نوابنا بالكاد يفكون الخط، في السياسة مثل الإدارة. من يحملون شهادات الدكتوراه المزورة أو الذين أخذوا البكالوريوس بالغصب. وليس بالضرورة أن يعني هذا جهل النواب أو قلة حيلتهم، مع أن الجهل وقلة الحيلة سمتان أساسيتان لنواب آخر زمن، لكن يعني بالأساس ان نوابنا يتجاهلون ويتعمدون اختيار اللامبالاة عندما يتطلب الأمر دراسة قضية أو الاهتمام بها بشكل عملي.
لو كانت مواقف واتجاهات نوابنا خاضعة للدراسة والإحصاءات والتوصيات التي من المفروض أن يضطلع بها سكرتاريتهم لما تأزمت الأمور ولما تعطلت إنتاجية مجلس الأمة. لكن المواقف، مع الأسف تحسمها بالأساس المصالح الانتخابية والفئوية القائمة على الخدمة المباشرة للأفراد من المقربين أو الأقربين. وليس زيادة السكرتارية لا احد المظاهر المباشرة والصارخة على صحة هذه الحقيقة.
أقصى ما يحتاجه نواب مجلس الأمة عندنا ثلاثة سكرتارية، ويخبون عليهم بعد، واحد للمدام وواحد للعيال وواحد يقضي شغلات النائب، غير هذا ليس هناك داع ولا حاجة لأي نائب كويتي لأي مساعد. وذلك ببساطة لأن حضرة النائب غير منتج وغير مجتهد. ليس عند نوابنا مشاريع قوانين جدية تستحق الدراسة والتمحيص، وليس لديهم اقتراحات مطلوب اختبارها والتعرف على إمكانية تحقيقها، كل ما لديهم هو مطالب مالية ومنح وظيفية تطرح بلا مراعاة أو حساب للحالة المالية للدولة أو حتى لظروف الناخبين أنفسهم.
قصوا الحق من أنفسكم يا نواب الأمة ووفروا على الأمة ليس الخمسة عشر مليوناً، فهذه كما بينا ليست مشكلة. وفروا عليها المزيد من الضياع والمزيد من التشجيع على البطالة والكسل وشغلوا ثرثرة من سكرتاريتكم عدل تريحون وتربحون.
تعليقات