هل يختلف الكويت عن بلاد السند؟.. سؤال يطرحه ويجيب عنه المقاطع

القبس

الديوانية  /  الفساد في بلاد السند

أ.د محمد عبد المحسن المقاطع

يروى أنه في بلاد السند التي اشتهرت بأنها البلاد التي لا تغيب عنها الشمس، تعبيراً عن الخير الوفير الذي تعيش فيه، ورفاه الحال الذي يتمتع به شعبها، أن هذه البلاد كانت ملجأ للفارين من دولهم، وقبلة للباحثين عن فرص العمل والعيش الكريم، ومتنفساً للحريات، وموطناً للعلم والثقافة وعلم البحار، حتى أن من يطلب العلم وصروحه وأعلامه ودراساته يذهب بلا تردد إلى هذه البلاد، وقد أفادت وثائق التاريخ ومدوناته المتعددة أن هذه البلاد صارت نموذجاً للدولة التي يشار إليها بالبنان، وتضرب فيها الأمثال بعد أن أصبح اسمها متداولاً في شتى أصقاع الأرض.

وبعد سنوات من الزمان، تغلغلت إلى هذا البلد قيم دخيلة وعادات سيئة، وبدأ أهله يتخلون شيئاً فشيئاً عن أصالتهم، ويتجاوبون مع الأفكار الدخيلة والممارسات السلبية التي انتشرت في بلادهم من رموز من أبناء جلدتهم، ولكنهم انغمسوا في أهوائهم ولهثوا وراء مصالحهم واستهوتهم مجالس الساسة واحتراف السياسة، فلم يعد في حياتهم، بدءاً من تباشير الفجر المبكرة وحتى آخر الليل، ما يعملونه أو يقدمونه أو يطورونه عدا تعاطيهم السياسة في التعليم وفي الثقافة، وفي الاقتصاد، وفي الصحة، وفي التراث وفي التاريخ وفي الأدب، وحتى في المباني والعمران، فصار ديدنهم وجلّ وقتهم وعلمهم أن يلهوا العباد والبلاد بترهات الأقوال والجدل الذي لا تبنى به بلاد ولا تتطور به أي جوانب في الحياة، وقد خالط ذلك سلوك من الفوضى في التعامل مع بلاد السند وثرواتها على أنها غنيمة لا بد من أن تفترس، وهكذا شجع الناس بسوء سلوكهم وشدة تفريطهم على الانقضاض على الدولة ونهش مقدراتها وهدم قيمها وكل الجوانب الخاصة بمقوماتها، فانتشر السلوك الذي لا يرى في القانون أي إلزام، وشاعت الممارسات التي تسمح بالواسطة والمحسوبية وتجاوز القانون وسيلة للحصول على الخدمات، بل والاستئثار بحقوق الآخرين بصورة غير مشروعة، وقد وجد بين مسؤولي دولة السند من يدعم ويشجع هذا السلوك وكذلك في برلمانه المنتخب، فضاع المواطن بين هذه السلوكيات الواقعية المتناقضة وبين المثل والقيم والقواعد القانونية التي تربى عليها وعرف بها. وهكذا، صار سلوك الفوضى واستباحة أموال البلد هو السلوك السائد في بلاد السند، فهل يا ترى نحن في الكويت نختلف عن حال بلاد السند تلك؟ جوابنا بالتأكيد، بل يبدو أن بلاد السند تلك هي الكويت ذاتها.

اللهم إني بلغت،