'الدلال' لأعضاء المحكمة الدستورية: أعانكم الله وسدد رأيكم!

زاوية الكتاب

كتب 1853 مشاهدات 0


الكويتية

المحكمة الدستورية.. حسمها الفقهاء!!

محمد الدلال

 

لا أبالغ إطلاقا حين أقول إن المحكمة الدستورية تواجه أخطر وأهم طعون دستورية وانتخابية تعرض أمامها منذ تاريخ قيامها في العام 1973، فالمسؤولية الملقاة على عاتق الكرام أعضاء المحكمة الدستورية تتجاوز البحث والقرار القانوني والدستوري إلى التصدي لمسؤولية حاضر البلد ومستقبله وحياته الدستورية، وهي مسؤولية عظيمة جدا تضعهم وتضع القضاء ككل على المحك وأمام الشعب، الذي يترقب حكما تاريخيا يضع الأمور في نصابها الصحيح، ويعيد للدستور مكانته، ويوقف العبث الذي تمارسه السلطة باستقرار الحياة السياسية، ولا أريد الإطالة والإسهاب، فقد أوضحت في أكثر من مناسبة أبعاد المسؤولية في قرار المحكمة، إلا أنه من الجدير بالذكر الإشارة إلى أن إجماع الفقهاء القانونيين المعتبرين يذهب إلى رأي دستوري وقانوني واحد بشأن مراسيم الضرورة، وبالأخص، في التصدي لمراسيم الضرورة، وخصوصا مرسوم الضرورة للنظام الانتخابي، بتقليص الأصوات إلى صوت واحد، وإليكم تلك الآراء:
- د.عثمان عبدالملك، رحمه الله، يقول «لا يمكن أن نتصور في نطاق الدستور أن تتخلى المحكمة الدستورية عن مسؤوليتها في مراقبة توافر شرط الضرورة، أو أن تتخلى عن مسؤوليتها في هذا الأمر».. (كتاب النظام الدستوري والمؤسسات السياسية في الكويت).
- د.عادل الطبطبائي، يرى «أن خضوع إصدار المراسيم لرقابة المحكمة الدستورية، لضمان عدم تغوّل السلطة التنفيذية على عملية التشريع وإصدار القوانين، ويستشهد د.الطبطبائي بذلك بحكم المحكمة الدستورية العليا المصرية، الذي أكد أن شرط إصدار المراسيم وتقدير حالة الضرورة لا تستقل به السلطة التنفيذية، بل تمتد إليه رقابة المحكمة الدستورية، للتحقق من قيام حالة الضرورة في الحدود التي رسمها الدستور، ولضمان ألا تتحوّل هذه الرخصة التشريعية الاستثنائية إلى سلطة تشريعية كاملة ومطلقة، لا قيد عليها ولا عاصم من جموحها وانحرافها.. (كتاب النظام الدستوري في الكويت دراسة مقارنة).
- د.محمد الفيلي، أستاذ القانون الدستوري في تصريح لـ «الجريدة»، أن الحكومة لا تملك، بعد حل مجلس 2009، حق إصدار مرسوم ضرورة لتعديل قانون الانتخاب وفقا للدوائر الخمس والأربعة أصوات للناخب»، مشيرا إلى أن «ذلك الأمر لم يعد ملحا أو حدثا طارئا يستدعي المعالجة بقانون جديد عاجل، وخصوصا بعد أن فصلت المحكمة الدستورية في القضية، وأنهت الجدل الدائر حولها، بتأكيد دستورية القانون».. (جريدة الجريدة 30 / 9 / 2012).
 - د.فواز الجدعي، أستاذ القانون الدستوري، يرى «أن مشروعية المرسوم 20 لسنة 2012 على المحك، بسبب قيام شبهة واضحة من اغتصاب السلطة التنفيذية لسلطات الأمة المنعقدة بشكل منفرد للسلطة الممثلة لها، وهي مجلس الأمة، وفق المادة 81 من الدستور..».. (دراسة منشورة في جريدة سبر فبراير 2013).
- د.محمد المقاطع، أستاذ القانون الدستوري، يرى «أن ما تعتزم الحكومة عمله من إصدار مراسيم بقوانين يثير تخوفات جمة، وتداعيات دستورية خطيرة تنتهك الدستور، وتشكل خرقا صارخا لأحكامه، وعلى وجه الخصوص مبدأ الفصل بين السلطات، وفقا للمادة رقم 50 من الدستور، وكذلك مبدأ التعاون بين السلطات، وفقا للمادة رقم 50 من الدستور أيضا، فضلا عن أن انتهاكها للمادة السادسة التي أرست أصول النظام الديمقراطي للدولة، ويضاف إلى ذلك كله انتهاكها للمادة رقم 71 التي حددت إطار المراسيم بقوانين وضوابطها.. وأخيرا، تجاوزها لمبدأ فكرة المسؤولية الوزارية».. (مقال بجريدة القبس العدد المؤرخ 31 /5 /1999).
- د.وجدي غبريال، أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق جامعة لاروشل بفرنسا، يرى «فقد اتجهنا إلى القول بأن حتى المشروعية الاستثنائية لها حدها الأقصى الذي يجب أن تصدر على مقتضاه ولا تتجاوزه، هذا الحد يتمثل في القواعد الدستورية التي تمثل قاعدة الأساس المشترك في الظروف العادية والاستثنائية على حد سواء.. والخلاصة أننا لا نقر تمتع رئيس الجمهورية بسلطة مخالفة الدستور على أي وجه كانت المخالفة، أو المساس بها، لأن الدستور يجب أن يظل في جميع الظروف هو المعيار الوحيد لقياس مشروعية الإدارة، سواء الصادرة منها في الظروف العادية، أو في الظروف الاستثنائية».. (كتاب السلطات الاستثنائية لرئيس الجمهورية).
- د.محمود محمد حافظ، أستاذ القانون العام بجامعة القاهرة، يرى «أن لوائح الضرورة لا تستطيع بداهة أن تطرق من الموضوعات أو المسائل ما حرمه الدستور على القانون كتقرير رجعية جريمة من الجرائم، أو وضع عقوبة المصادرة العامة للأموال، وهذه نتيجة منطقية لاعتبار هذه اللوائح من حيث القوة في مستوى القانون.. فبديهي ألا يكون مجالها أوسع من المجال المحدد للقانون. كما أن لوائح الضرورة، ولو أن لها قوة القانون، إلا أنها لا تستطيع تناول تعديل قوانين الانتخاب».. (كتاب القرار الإداري - دراسة مقارنة).
- د.عادل الطبطبائي «.. أما إذا كان مجلس الأمة قد صدر مرسوم بحله، فإن تعديل قانون الانتخاب يتعارض مع المبادئ الدستورية التي تحكم عملية الحل، لأن حل المجلس التشريعي قد يكون نتيجة خلاف بين السلطتين، التشريعية والتنفيذية، وعلى السلطة التنفيذية أن تعود إلى الشعب لتحتكم إليه في هذا الأمر. فلو عاد الشعب واختار أعضاء المجلس المنحل أو أعضاء يمثلون الاتجاه ذاته، فهذا دليل على أن الشعب يؤيد سلطته التشريعية في الخلاف الدائر بينها وبين الحكومة. أما لو اختار الشعب أعضاء جددا في مفاهيمهم وأفكارهم، فإنه بذلك يقف موقف المؤيد للسلطة التنفيذية في ما اتخذته من قرار بحل المجلس التشريعي. ولا شك أن تحكيم الشعب في الخلاف الدائر بين السلطتين يتعارض مع الاعتراف بحق السلطة التنفيذية في تعديل قانون الانتخاب عند حلها للبرلمان. فإذا كانت السلطة التنفيذية حلت المجلس، ثم شرعت إلى تعديل قانون الانتخاب، فكأنها بذلك ترسم الطريق الذي يمكنها من ضمان وصول أعضاء جدد يؤيدونها في موقفها من المجلس المنحل، وبذلك تهدر فكرة تحكيم الشعب في الخلاف الدائر بين السلطتين».. (كتاب النظام الدستوري في الكويت- كتاب النظام الدستوري دراسة مقارنة).
وأخيرا، آراء الفقهاء حاسمة في ما هو معروض على المحكمة الدستورية.. ومن جانب آخر، فإن غالبية عظمى من الشعب الكويتي تدعو الكرام أعضاء المحكمة الدستورية بأن يصدر حكمهم موافقا للدستور، متصديا لإبطال مرسوم الصوت الواحد المخالف للدستور والمتجاوز لحالة الضرورة والعودة إلى النظام الانتخابي السابق، والمقر في مجلس 2006. فيا أعضاء المحكمة الدستورية، أعانكم الله وسدد رأيكم وحكمكم لخير البلاد والعباد.

الكويتية

تعليقات

اكتب تعليقك