عقل التاجر الكويتي كما يراه علي الذايدي مغارة مجهولة

زاوية الكتاب

كتب 2232 مشاهدات 0


عالم اليوم

بلا قناع  /  رحلة إلى المجهول

علي الذايدي

 

منذ أن خلق الله الإنسان على هذا الكوكب الجميل وهو يعمل عقله في التفكر بالكون والنظر طويلا إلى السماء لعله يجد حلا لما يخالج نفسه من تساؤلات عديدة لا يجد لها جوابا.

وعبر القرون تمكن الإنسان من الإجابة عن بعض الأسئلة وسبر أغوار المعرفة ولكن بعض الأسئلة لم يجد لها الإنسان حلا ولا جوابا حتى يومنا هذا.

ومن هذه الأشياء التي ما زال العلم الحديث يقف حائرا أمامها ولا يعرف طريقة عملها ولا كيف تدور هي طريقة عمل عقل التاجر الكويتي.

فعقل التاجر الكويتي مغارة مجهولة كمغارة علاء الدين مليء بالمتاهات والطرق الملتوية، ما يجعل من الصعوبة بمكان معرفة من أين يبدأ وعلى ماذا يمر وإلى أين ينتهي.

تمكن بعض الباحثين من معرفة القليل جدا عن هذه العقل الغريب وكيفية إدارته،فبدأوا بدراسة عقلية التاجر الكويتي مباشرة بعد أزمة سوق المناخ الشهيرة وكيف أن الكويت كلها خسرت من هذه الكارثة إلا التجار الكويتيين، فرغبوا بدراسة هذه العقلية الفذة لكي يكتشفوا كل ما فيها من عجائب وغرائب.

والآن ما رأيك عزيزي القارئ بمشاركة هؤلاء الباحثين هذه الرحلة المثيرة داخل عقل تاجر كويتي.

تبدأ الرحلة من مقدمة الرأس بالمرور على ممرات ودهاليز طويلة جدا خالية من كل شيء، وأماكن يملؤها الصمت ولا تكاد تشعر أن هناك حياة داخل هذا المكان، وتبدأ بالتساؤل عن كيفية أن يكون هذا المكان الخالي من الحياة والمليء بالسكون عقلا جبارا يتحكم بالاقتصاد ويمتلئ بالمعاملات المالية الكثيرة.

ينتهي تساؤلك هذا بعد أن تمر على 3 غرف كبيرة في نهاية تلك الدهاليز المظلمة وتقع في مؤخرة الرأس وفوق المخيخ مباشرة حيث توجد كل أجهزة التوازن عند الإنسان.

الغرفة الأولى مرسوم عليها رمز الدولار، وهذه الغرفة تعمل بنشاط ولا تكاد تسمع فيها إلا أسماء العملات ومؤشر الأسهم وحركة التداولات محليا وعالميا.

الغرفة الثانية مكتوب عليها (الأنا) وفيها يقع كل مخزون الأنانية عند التاجر، وهذه الغرفة تعمل بنشاط وهمة وحركة متواصلة ولا تكاد تتوقف عن الحركة ولا يضاهيها في القوة إلا حركة «بساتن التايتنك» عندما شارفت على الغرق في الفيلم الشهير.

غرفة الأنا تمثل كيان التاجر الكويتي والمحور الذي ترتكز عليه جميع مناحي الحياة لديه، فهذه الغرفة تصور له انه محور الكون وأن الشمس والقمر والنجوم الكواكب والليل والنهار ما خلقها الله إلا له، كما أن غرفة الأنا هي السبب الذي يستمد منه التاجر الكويتي قوته في كسر القوانين فهو يعتقد أن القوانين لم تشرع له ولكن للآخرين فقط، ولذلك نجد أن التجار الكويتيين لا يبالون كثيرا بالقوانين، فهذه الغرفة باختصار هي السبب في ازدياد الأرصدة البنكية لدى التاجر الكويتي لأنها تتيح له رفع الأسعار وإنهاك ميزانية المواطن البسيط ومع ذلك تمكنه من النوم بالليل قرير العين مرتاح البال.

ولذلك يحيطها هذا التاجر بكل الحب والعطف والعناية والترميم على مدار العام حتى لا تتوقف عن العمل.

وختاما نمر عزيزي القارئ على آخر هذه الغرف وهي الغرفة المكتوب عليها كلمة (الآخرين) هذه الغرفة تكاد تكون نسبة الحركة فيها معدومة، فلا يوجد اهتمام بها وليس لها ميزانية خاصة، ولكن أحيانا عندما يريد التاجر الكويتي تحسين صورته في المجتمع وتليين القلوب عليه نظير سرقته المنظمة لأموالهم ومساهمته الفعالة في تفريغ جيوبهم يقوم هذا التاجر بتشغيل هذه الغرفة عن طريق بعض التبرعات لبعض الجهات الخيرية وذلك لذر الرماد في العيون بهذا الفتات الذي يلقيه عليهم بمنة شديدة بعد أن يشترط وجود كل وسائل الإعلام المختلفة لكي تصور هذا الكريم ابن الكريم وهو يتبرع بمال الشعب للشعب.

وبعد هذه المسرحية المملة ونهاية التصوير يتم إغلاق هذه الغرفة التي كتب عليها «الآخرين» حتى يتم الاستعانة بها مرة أخرى من أجل مسرحية أخرى بعد سنوات عديدة جدا.

ألم تكن تلك رحلة رائعة ومثيرة عرفنا من خلالها كيفية عمل هذا العقل الجبار؟ ولكن هذا ليس كل شيء ، فهؤلاء الباحثون لم يسبروا بعد كل أغوار هذا العقل بعد ومازال لبحوثه تكملة سوف يوافونا بها حال اكتشافها والإعلان عنها. 

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك