الكويت ودول الخليج لا يستطيعوا الاستغناء عن العمالة الوافدة.. العيسى مؤكداً

الوطن

ملتقطات  /  محاولات فاشلة

د. شملان يوسف العيسى

منذ اكتشاف وتدفق النفط على دول الخليج العربية وتوسع اقتصادياتها بسرعة لم تواكبها اعداد المواطنين لهذه القفزة الاقتصادية، تعاني هذه الدول من ندرة العنصر البشري الوطني مما دفعها للاعتماد على القوى البشرية الاجنبية لتحقيق برامجها التنموية الطموحة.
استمرار الاعتماد على العمالة الوافدة حول المواطنين في معظم دول الخليج الى اقلية في بلدانهم حتى اصبح المواطنون في بعض دول الخليج يشكلون فقط %10 من السكان وتقلص عدد العمالة الوطنية الى اقل من %5 في سوق العمل.
هذه الحقيقة المؤلمة دفعت دول الخليج الى اتخاذ سياسات متسرعة وغير مدروسة اخيرا مثل اتخاذ المملكة العربية السعودية قرارا بإبعاد كل من لا يملك وظيفة وليس لديه اقامة أو رخصة عمل بالمملكة.. مما آثار ضجة في البلد مما دفع بالحكومة لوقف هذه الحملة لمزيدا من الدراسة.
في الكويت اتخذت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ذكرى الرشيدي قرارا بإبعاد مائة الف 100.000 وافد سنويا.. وهذا رقم كبير يستحيل تحقيقه، السؤال، هل تستطيع الكويت تحقيق ما تطمح اليه الوزيرة الرشيدي بتخفيض العمالة الاجنبية؟ خصوصا وان المواطنين يشكلون 1.195.806 مليون ومائة الف بنسبة %32 من مجموع السكان بينما عدد غير الكويتيين 2.610.837 حسب احصاء عام 2012 بنسبة تزيد على %68.
الكارثة ان نسبة المواطنين في سوق العمل لا تزيد على %15 من مجموع العمالة في الكويت وان معظم المواطنين يعملون في القطاعات الخدمية والانتاجية بينما المواطنون مجرد كتبة لدى الحكومة!!
ماذا تعني هذه الحقائق بالارقام الرسمية.. تعني بباسطة متناهية بأنه لا يمكن بل من المستحيل تغيير التركيبة السكانية وسوق العمل ما دام نمط الحياة في الدولة الريعية كما هو بدون تغيير جذري، هل تستطيع الحكومة أو مجلس الامة اجبار المواطنين على التخلي عن عدد الخدم في منازلهم؟ يوجد في الكويت اكثر من نصف مليون فرد يعملون كخدم للمنازل، هل نستطيع اجبار المواطن على العمل والانتاج حتى نقلص عدد العمالة الوافدة؟!! هل نستطيع تغيير ونسف النظام التعليمي بحيث يمكن توجيهه لخدمة سوق العمل ومتطلباته.. ما نحتاج اليه في الكويت هو العمالة الوسيطة – العمالة الفنية والميكانيكية والمهنية وغيرها من الاعمال التي تتطلب عملا يدويا.. هنالك عزوف اجتماعي عن العمل في المهن الفنية على الرغم من حقيقة ان هذه الاعمال تدر اموال ورواتب اعلى من الوظائف الكتابية.
لا نعرف هل نبكي أو نضحك على السياسات الحكومية بابعاد الآلاف من العمالة البسيطة، علما بأن اعداد العمالة الاجنبية الوافدة لدول الخليج ومنها الكويت في تزايد مستمر على الرغم من كل الخطط والسياسات الحكومية المتشددة في جلب العمالة، والسبب بسيط جدا وهو ان الاقتصاد الريعي في دول الخليج يتوسع باستمرار بسبب ارتفاع اسعار النفط وارتفاع الطلب على الخدمات الحكومية، والمواطنون غير مؤهلين وليسوا مؤهلين للاعمال الفنية والتقنية التي يحتاجها الاقتصاد،.. الخلاصة ان لا الكويت ولا دول الخليج تستطيع الاستغناء عن العمالة الوافدة.. فما دام مفهوم الدولة النفطية الريعية موجود فكل المحاولات للاصلاح الجذري ستكون فاشلة.