'تثير التعجب'.. النيباري واصفاً موافقة الحكومة على شراء القروض
زاوية الكتابكتب إبريل 10, 2013, 1:06 ص 652 مشاهدات 0
القبس
ما مبررات تدخل الدولة ما دام سداد القروض منتظماً؟
عبد الله النيباري
موقف الحكومة، بموافقتها على اقترح شراء القروض، يُثير التعجب، فقد كان موقفها الذي عبَّر عنه وزير المالية طيلة فترة الاشهر الثلاثة الماضية، هو عدم الموافقة على الاقتراح، ولخص ذلك بعبارة «ليس عندي إلا صندوق المتعثرين»، مما أثار سجالا بينه وبين النواب، وهددوا باستجوابه، تمهيدا لإبعاده، وهو أمر غريب طبعا، فالاستجواب يكون لمخالفة ارتكبها وزير، وليس لرأي أبداه أو موقف اتخذه.
كان موقف وزير المالية سليما، اعتمد على تقديرات البنك المركزي، ويتلخص هذا الرأي في أنه لا توجد أسباب ومبررات تدعو لتدخل الدولة لشراء القروض. ففضلا عن أن ذلك يُناقض مبدأ العدالة، سواء بين المقترضين أنفسهم، لتفاوت ديونهم، وبينهم وبين من سدد، ومن لم يقترض، وأن وضع المديونيات المقسَّطة والاستهلاكية غير ما كانت عليه عام 2007، عندما أثيرت في بادئ الأمر، آنذاك ارتفع عدد المقترضين وزادت أحجام المديونيات، فوصل عدد عملاء القروض المقسَّطة إلى 175ألفا، وبلغ حجم أرصدتهم المدينة 3587 مليون دينار، ووصل عدد عملاء القروض الاستهلاكية إلى 231 ألفا، وبلغ حجم ديونهم 1162مليون دينار.
فوائد
وكانت أسعار الفائدة في الفترة بين 2002 إلى 2007 مرتفعة، تراوحت بين 7 و 9 في المائة، هذا إلى جانب تعدد القروض للمدين الواحد، وقد أدَّى كل ذلك إلى ارتفاع الأقساط التي استهلكت الجزء الأكبر من المرتب، ووصول حالة بعض المدينين الذين يجدون أنفسهم بعد انتهاء قسط القرض، وهي 15سنة للمقسطة، بأن الدين لم ينقص أو لم ينقص كثيرا، رغم انتظامه بالسداد.
هذه الحالة كانت تبرر المطالبة بتدخل الدولة، لإيجاد حل للمشكلة.
منذ ذلك الحين، وحتى الوضع الراهن، جرت أمور كثيرة أدَّت إلى تقلص عدد المدينين وحجم رصيد المديونية، فانخفض عدد المدينين من 175 إلى 47.4 ألفا، وتقلص حجم المديونية من 3587 إلى 744 مليونا، بمتوسط مديونية 15ألف دينار لكل مدين. طبعا هناك عدد كبير مديونيتهم أقل من 5000 دينار، أما بشأن القروض الاستهلاكية التي تمنح لشراء معدات منزلية أو سيارة، وهي بحدود 15للقروض، وتسدد خلال خمس سنوات، فيفترض أنها سددت منذ عام 2008، أو سدد الجزء الأكبر من الدين.
تقلص
هذا التقلص في عدد المدينين وحجم المديونية، جاء نتيجة سداد المديونية، ولجوء بعضهم إلى صندوق المتعثرين الذي أقر 28 ألف حالة بلغ ما منحه 360 مليونا إلى جانب إعادة الجدولة (جدولة قسم من الديون).
تصحيح
وفي عام 2008، اتخذ البنك المركزي إجراءات تصحيح الأخطاء والمخالفات، منها محاسبة البنوك التي كانت تتقاضى أقساطا من المدين تتجاوز 50 في المائة من المرتب، وقد تم تغريم البنوك عن هذا التجاوز، وحدد القسط بما لا يزيد على 50 في المائة من المرتب، والآن انخفض إلى 40 في المائة، هذا إلى جانب وضع حد لتعدد القروض، بحيث لا يزيد القسط الشهري على الحد المقرر من البنك المركزي.
إذا كانت هذه هي أبعاد المشكلة، فما مبرر تدخل الدولة، مادام سداد القروض منتظما، ولا تزيد نسبة تعثر السداد عن 2 في المائة؟ ومن لديه مشكلة فصندوق المتعثرين مفتوح وفق ما قال وزير المالية، وبالإمكان تمديد العمل به، وعلاج الصندوق سخي، فهو يمنح 75 في المائة من المديونية بسدادها للبنك الدائن نيابة عن المدين الذي يسددها بدوره بعد سداد الجزء المتبقي للبنك، ومدة السداد للصندوق مريحة لا تبدأ في بعض الحالات إلا سنة 2020، وهي بلا سقف.
مطالب
إذن، لا توجد مشكلة، ولا توجد مطالب شعبية، ودليل ذلك ما أشارت إليه د. معصومة المبارك أثناء مناقشة المشروع بأن شرفة الزوار كانت فارغة أو تكاد، بينما في السابق كانت مكتظة لا تتسع لكل الزوار المدينين.
بعد زيارة بعض النواب للقيادة السياسية عادوا لإطلاق تصريحات من ردهات المجلس، تبشر بالوصول إلى حل للمشكلة، ثم اتهام وزير المالية بأنه لا يطبّق التعليمات.
بعد ذلك، بدأ تراجع الحكومة أولا بتصريح وزير المالية، بأن هناك توافقا بنسبة 90 في المائة، للوصول مع اللجنة إلى حل موحد، ثم ينكشف الأمر عن تراجع الحكومة عن موقفها والخضوع لمطالب النواب لحل مشكلة مفتعلة.
تفسير
بماذا نفسر موقف الحكومة وتخاذلها أمام مطالب غير موضوعية وغير عادلة ولا يوجد مشكلة تعالجها؟
إذا كان النواب يبحثون عن وسيلة لشراء أصوات الناخبين أو رضاهم، بغض النظر عن التكلفة ومخالفة معيار العدالة وغياب الدراسة الموضوعية، فبماذا نفسر موقف الحكومة غير أنه حرص على شراء ولاء أعضاء المجلس، أو كما قال جاسم السعدون في تقرير الشال (الأحد 2013/4/7) المشروع كله مشروع سياسي لشراء الذمم.
ومن الطرائف المضحكة في المشروع الذي أقره المجلس والحكومة، هو إعطاء المدين خيار تحديد مبلغ القسط الذي يدفعه في حدود 40 في المائة من الراتب، وتكليف البنوك بإدارة استيفاء الأقساط، من المدينين دون مقابل، وهو بالتأكيد ما سترفضه البنوك، وتدخل في مشكلة مع الحكومة والمجلس.
متهالكة
في النهاية، نحن أمام حكومة تواصل ممارسة سياسة متهالكة، وإذا كانت السياسة هي حُسن إدارة الشأن العام، أي توظيف موارد الدولة المادية والبشرية، للارتقاء برعاية مصالح المجتمع وأفراده، بعيدا عن الهدر والتبديد بالمنح والهبات.
فوفقا لهذا المعيار، فإن حكومتنا ليس عندها سياسة، أو لديها سياسة خانعة مبتذلة، تهدم ولا تبني، هدفها البقاء في السلطة فقط، حتى لو تطلب ذلك الركوع أمام تهديدات أعضاء مجلس الأمة، أو استخدام أموال الشعب لشراء رضاهم وولائهم.
تعليقات