أموال المانحين ومنها مؤتمر الكويت هل ستذهب للشعب السوري أم لنظامه القاتل ؟! -العرب القطرية تطرح تساؤلاتها في الإفتتاحية

زاوية الكتاب

كتب 1660 مشاهدات 0


كلمة العرب
أموال المانحين.. للشعب السوري أم...؟

بلغ حجم ما تعهد به «المانحون» في مؤتمر الكويت أمس لـa«الشعب السوري» نحو 1.5 مليار دولار.
رقم لو أضيف له ما تعهد به هؤلاء المانحون سابقاً للشعب السوري، لوجدنا أنفسنا أمام رقم كبير وكبير جداً، قادر على أن يغطي كل تلك الاحتياجات التي بات السوري، سواء أكان داخل وطنه أم لاجئاً، بأمس الحاجة إليها، وما كنا قد شاهدنا الحالة المزرية التي وصل إليها الآلاف منهم ممن يسكنون مخيم الزعتري الأردني أو بعض المخيمات في شمال العراق أو تركيا أو لبنان.
يتساءل اللاجئون والنازحون السوريون، ومعهم الكثير من المراقبين حول العالم، أين تذهب هذه التعهدات؟ وأين تذهب هذه الأموال؟ ولماذا حتى الساعة نجد أن هناك مأساة بمعنى الكلمة تتجسد يومياً في مخيمات اللاجئين، رغم كل تلك الأموال التي تتدفق إلى السوريين في مثل هذه المؤتمرات؟
الغريب أن هذه المؤتمرات -التي توالت في عدة عواصم عالمية- فشلت حتى الساعة في أن تجد لها طريقاً على أرض الواقع، وبقيت المنح والأرقام التي تعلن عنها مجرد منح وأرقام، من وجهة نظر الكثير، خاصة أنه ليست هناك أية شفافية في آلية صرف مثل هذه المساعدات، وكيفية إيصالها لمستحقيها.
ولعل ما يثير الاستغراب أكثر أن بان كي مون -الأمين العام للأمم المتحدة- وصف مؤتمر المانحين في الكويت أمس بأنه أكبر مؤتمر إنساني تنظمه الأمم المتحدة، حيث شاركت فيه ما يقارب 59 دولة، بالإضافة إلى العديد من المنظمات الإنسانية، فهل سيكون المؤتمر الأكبر في تاريخ منظمة الأمم كبيراً فعلاً في إيصال المساعدات العاجلة والضرورية للاجئين السوريين؟
وفي السياق ذاته، تشير بعض التقارير الغربية إلى أن جزءاً كبيراً من هذه الأموال سوف يوزع من خلال الهلال الأحمر السوري، ولعل من المفيد التذكير بأن هذه المنظمة -وكما قيل مراراً وتكراراً- يديرها نظام بشار الأسد بالكامل، ولا يمكن لها أن تصل إلا إلى المناطق التي يريد لها النظام أن تصل إليها، فهل يعني هذا أن ما أعلن عنه أمس وما أعلن عنه سابقاً من ملايين لمساعدة النازحين السوريين يذهب إلى نظام بشار الأسد، الذي لم تتوقف آلته للقتل عن حصد الأرواح؟ حبذا لو تضعنا المنظمة الأممية في الصورة، وتشرح لنا آلية وكيفية صرف هذه الأموال، خاصة أن تجربة المؤتمرات السابقة، وبما لا يقبل مجالاً للشك، أن هذه الأموال بقيت بعيدة كل البعد عن متناول الشعب السوري، صاحب المأساة والمعاناة الحقيقية.
وربما ما ميز مؤتمر الكويت أمس أنه كان أول مؤتمر تدعو إليه إيران، ضمن مجموعة أصدقاء الشعب السوري، فهل إيران معنية إلى هذا الحد بتقديم العون والمساعدات الإنسانية لمن تصفهم بأعداء النظام السوري والإرهابيين، ومن تشارك هي بقتلهم من خلال العديد من سبل الدعم، سواء أكان دعماً بشرياً أو جهداً عسكرياً أو إعلامياً أو اقتصادياً؟
كما حضرت روسيا، التي لم تخف لحظة واحدة دعمها للنظام القاتل، ولم نعرف بكم تبرعت روسيا للشعب السوري، أم إنها قررت أن تحول تبرعاتها إلى أسلحة تذهب مباشرة عبر قاعدة طرطوس إلى بشار الأسد ونظامه؟
ليست أسئلة معلقة وحسب، بل هي أسئلة في صلب ما يحاك للشعب السوري، الذي سئم تلك المؤتمرات التي فشلت في تغيير واقعه المأساوي، فنحو 60 ألف لاجئ سوري ما زالوا يعانون البرد في مخيم الزعتري، وكان يمكن أن تتكفل بهم وبرعايتهم إحدى الدول المانحة، دون اللجوء إلى ذات الطريقة التي قد تذهب بالأموال المرصودة إلى جيب النظام القاتل لشعبه.
ولعل من المفيد التذكير هنا بما انتهجته دولة قطر من طريق إيصال المساعدات إلى الشعب السوري في الداخل وفي المخيمات، ولعل آخرها ما أعلن عنه بتخصيص 7 ملايين دولار شهرياً بتوجيهات سامية من حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى، لإيصال مساعدات مستمرة إلى النازحين السوريين في الداخل السوري، من خلال اللجان الإغاثية التي تشكلها مناطق النزوح أو مناطق اللجوء، كما تكفلت دولة قطر بتوجيهات من سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد بدفع التكاليف الدراسية للطلاب السوريين النازحين في قطر بالمدرستين السورية والأردنية.
ناهيك عن المنظمات الإغاثية القطرية التي سيرت حملات مساعدات مباشرة إلى مخيم الزعتري أو السوريين في شمال العراق أو في لبنان أو تركيا، دون الحاجة إلى وسيط، فكل من يريد أن يساعد السوريين في محنتهم، يعرف أماكن تواجدهم ويعرف الطريق إليهم.
ملّ الشعب السوري مؤتمرات المانحين أو مؤتمرات أصدقائه، فهو -وبعد مرور عامين من مأساته- لم يلمس شيئاً منها، وبالتالي فإن مثل هذه المؤتمرات وما يقال فيها عن التبرعات بالأموال، لا يعدو -بالنسبة لهذا الشعب المنكوب- إلا أن يكون موجهاً للإعلام وحده في معظم الأحيان.
على العالم أن يدرك اليوم أن الشعب السوري يقف وحيداً، وأن ما يعلن عن أموال تخصص لمساعدته، قد تذهب في جلها إلى النظام القاتل، إن لم تكن هناك شفافية وقدرة تنظيمية حقيقية تستطيع الوصول إلى المحتاجين للمساعدة.
يتساءل السوريون اليوم: أين تذهب مليارات الدولارات التي يُعلَن عنها؟ لماذا لم تنعكس علينا؟ لماذا أبناؤنا ما زالوا يموتون برداً ومرضاً؟ لماذا ما زلنا نسكن الخيام؟ هل تذهب هذه الأموال -بطريق الخطأ- إلى السفاح ليستمر في توحشه؟
أسئلة تنتظر الإجابة، ويبدو أنه ليست هناك إجابة شافية يمكن أن تتمثل بانتشال الشعب السوري من واقعه المأساوي، لا بمساعدة نازحيه شكلياً وحسب، وإنما بالعمل الحقيقي لتخليصه من هذا النظام ليعود إلى بيته. لا جدوى من هذه المؤتمرات إذا لم تكن بعد سقوط النظام الدموي، ليتم العمل على إعمار سوريا الجديدة الديمقراطية الحرة.

العرب القطرية

تعليقات

اكتب تعليقك