الربيع يأتي من.. هنا
زاوية الكتابكتب أغسطس 1, 2012, 4:16 ص 1194 مشاهدات 0
عندما يسطر التاريخ بسطور من الدماء، وعندما تنتزع الحقوق انتزاعا، وعندما يفضل الشعب الكرامة على لقمة العيش، فاعلم .. أنك تعايش زمانا عربيا محضا، وتتلاقى مع ربيع العرب.
ربيعنا .. لا يشبه الربيع في شيئ.. ولا اعرف كنه التسمية.. ولكنها التصقت به والتصق بها..
منذ قرأت تاريخ العرب.. وأنا أراهم شعوبا مسحوقة.. مناضلة.. شعوب لم تخرج من محنة إلا لتقع في أخرى، شعوب طحنتها أيدي المستعمر الأجنبي واستحلت خيراتها.. وأخيرا دفعت ثمن استقلالها من المستعمر بكل أشكاله بعد أن دفعت فاتورة باهظة الثمن من الارواح والدماء، لتجد من يتلقف سدد الحكم بها من الظلمة المتسلطين من بني جلدتها.. فنتج عنها احباطات ومعاناة هائلة تناقلتها الأجيال حتى وصلت إلى منتهاها في إفساد نظم الحياة الاقتصادية والاجتماعية في العديد من البلاد العربية.
أما الانتفاضة الهائلة التي احدثتها الصفعة التي نزلت على وجنة البوعزيزي فكانت القشة التي انتظرتها ملايين البشر من الشعوب العربية المقهورة لتحيي فيهم حديث الكرامة والإنسانية والحرية الذي أوشك ان يندثر.. هذه الصفعة التي ارتدت أصداؤها بين جنبات العالم العربي اجمع، فاختلف ردات الفعل في حدتها ما بين بلد وآخر.. ولكنهم جميعا بدون استثناء انتفضوا معها، وتعاطفوا معها، وعاشوها حتى النخاع.
تتالي احتجاجات العرب بلدا تلو الآخر بدأ منذ عامين، ولا نعرف متى تنتهي، وإلى اي مدى سوف يصل، ولكن كلنا أمل ودعاء أن تؤول الأمور إلى خير، فربيعنا النازف لم يكن سهلا بشكل من الاشكال، ربيع استنزف الدماء والشباب، ولم يستثن أما ولا شيخا ولا طفلا، فإن لم يسفر هذا الربيع عن ولادة دول مدنية، تحكم بالقانون، وتكفل فيها حقوق الشعوب، وتحفظ فيها والحريات، فلا أعلم خيبة اكبر من هذه..
حصاد هذا الربيع لن يأتي قريبا.. فبضع سنوات يجب ان تمر قبل أن نرى نتائجه، سنوات يجب أن يصلح فيها ما فسد، ويرمم فيها ما هدم، سنوات يعاد فيها بناء النفس العربية الكريمة لتحيي فيها القيم المجتمعية والاخلاقيات العالية... وحتى يأتي ذلك الحين قلوبنا وألسنتنا تلهج بالدعاء لرب العباد ان ينزل من رحماته وبركاته على أمتنا العربية، وان يهيئ لها أمر رشد، وان يولي عليها من يقوم على رعايتها، ويقوي نسيجها الوطني والاجتماعي، ويرعى مصالحها، ويحفظ مقدراتها... آمين
كوثر المسلم
تعليقات