عن بدعة القرقيعان.. يكتب د. صلاح الفضلي
زاوية الكتابكتب أغسطس 1, 2012, 7:55 م 7264 مشاهدات 0
الكويتية
شقشقة / بدعة القرقيعان
د. صلاح الفضلي
هناك آراء عدة في أصل عادة القرقيعان، التي يحتفل بها الأطفال في منتصف شهر رمضان، فهناك من يقول إن التسمية مشتقة من قرع الأبواب، وهناك من يقول بدأت أيام الخلافة العباسية، ولكن أرجح الأقوال أن عادة القرقيعان ترجع في الأساس إلى عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وبالتحديد لليلة مولد أول أحفاده الإمام الحسن عليه السلام في 15 من رمضان من السنة الثانية للهجرة، وما إن أعلن الخبر إلا وعلا البشر والسرور محيا الرسول الأكرم، وأخذ بتوزيع بعض الحلوى على الأطفال احتفالا بمولد حفيده من ابنته فاطمة الزهراء، وكان من يهنئ الرسول يقول «قرة عينك»، ومع مرور الزمن وتناقل الكلمة في الموعد نفسه كل عام، وما دخل على بعض مفردات اللغة من تغيير تحولت «قرة عينك» إلى «قرقيعان».
لفظة القرقيعان تنطق بطرق متعددة، فهي تنطق عند أهل البحرين «قرينقعون»، وفي قطر «قريقيعوه»، وفي سلطنة عمان «القرنقشوه»، أما في بغداد فيطلقون على ليلة النصف من رمضان اسم «الماجينا»، وأهزوجتهم هي: «ماجينا يا ماجينا.. حلي الكيس وانطينا... انطونا الله ينطيكم... بيت مكة يوديكم»، أما في الإمارات فأهزوجتهم تقول: «انطونا حق الله... يرضى عليكم الله... جدام بيتكم دله... عسى الفقر ما يدله».
بالرغم من وضوح أن القرقيعان هو عادة شعبية، إلا أن سيف فتاوى التحريم الغريبة طال حتى هذه العادة التي يفرح بها الأطفال، فقد أفتى أحدهم بأن القرقيعان «بدعة شنيعة»، وقال عنها آخر إنها «بدعة لا أصل لها في الإسلام»، وإذا كان القرقيعان بدعة لأنه لا أصل له في الإسلام، فمؤدى ذلك أن طعام «قريش» و»الغبقة الرمضانية» أيضا حرام، لأنه لا أصل لهما في الإسلام أيضا.
البدعة المنهي عنها كما هو متفق بين العلماء هي «إدخال شيء في الدين مما ليس فيه»، وكل ذي لب يدرك أن القرقيعان والغبقة وقريش ما هي إلا عادات اجتماعية وليست ابتداعا في الدين، وإذا كان مدار تحريم الاحتفال بالقرقيعان كونه بدعة لأنه مخصوص بزمان معين في رمضان، فمعنى ذلك أن أكل الهريس وصب القفشة أيضا حرام، لأنهما في الغالب أكلات لا تصنع إلا في رمضان.
الحال أيضا في تحريم الاحتفال بيوم مخصوص - وفقا لهذا الفهم المتعسف - ينطبق على من يحتفل بانتصار المسلمين في معركة بدر في السابع عشر من رمضان، بالرغم أنه من الواضح أن هناك تعسفا شديدا من البعض في تطبيق مفهوم البدعة على مظاهر وسلوكيات اجتماعية وعدها بدعا محرمة، فإنه من حق من يقتنع بأن مثل هذه الأمور بدعة أن يلتزم بها هو، ولكن ليس من حقه أن يشنع على الآخرين ممن لا يرون رأيه مادام الأمر لا يتعلق بضرورة من ضروريات الدين، التي لا يختلف عليها أحد من المسلمين، وإذا كان الاحتفال بالقرقيعان في ليلة النصف من رمضان، فإنه يكفي هذه الليلة شرفا أنها أدخلت السرور على قلب النبي لميلاد سبطه الأكبر الحسن المجتبى.
تعليقات