حمد الجاسر: إيران استفادت كثيراً من حقبة حسني مبارك!

زاوية الكتاب

كتب 1217 مشاهدات 0


الكويتية

وجهة نظر  /  مصر ومستقبل العلاقة مع إيران

حمد الجاسر

 

خلافا لكثير مما يكتب من تحليلات لا أرى أي مصلحة للنظام الإيراني في تسلّم الإسلاميين للحكم في مصر، بل على العكس استفادت إيران كثيرا من حقبة حسني مبارك التي حجمت الدور الإقليمي لمصر، وجعلت هذا القطر خارج سياقات وزنه التاريخي والإستراتيجي، وأضعفته اقتصاديا وعسكريا، وربطته بالمحور الأميركي ـ الإسرائيلي.
وللأسف فإن أدبيات العداء والتحريض على الإسلاميين في مصر وجدت أذنا صاغية عند بعض أشباه المثقفين، خصوصا عندنا في الخليج، فصارت مقبولة عندهم فكرة «التحالف» بين النظام الإيراني وتيارات إسلامية فاعلة في مصر، خصوصا «الإخوان المسلمين»، وأعتقد أن تصريحات الدكتور محمد مرسي الأخيرة عن ربط علاقة مصر المستقبلية مع إيران بسلوكها الحالي في سوريا تغني عن أي ردود.
أدركت إيران منذ زمن الشاه أهمية مصر الإقليمية وسعت إلى التقارب معها، وما زواج الشاه محمد رضا بهلوي من الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق عام 1939 إلا نموذج لهذه الرؤية الإيرانية، غير أن الزواج فشل ثم جاء انقلاب 1952 لينهي محاولات التقارب، فلما سقط الشاه عام 1979 كانت مصر انتقلت إلى المعسكر الأميركي، وبالتالي صار الفصام بين طهران والقاهرة كاملا.
حتى المؤسسة الدينية في إيران كانت تتطلع للدخول إلى مصر، وفي الأربعينيات أرسلت هذه المؤسسة الشيخ محمد القمي إلى القاهرة ليحاول إيجاد موضع قدم للتشيع فيها، وقام القمي عام 1947 بإنشاء «دار التقريب»، وأصدر مجلة أسماها «رسالة الإسلام»، واستطاع استمالة بعض مشايخ الأزهر تحت شعار الوحدة الإسلامية، غير أن أمره وحقيقته انكشفتا مع الوقت وتصدى له بعض العلماء مثل الشيخ محب الدين الخطيب، فأعرض المصريون عن دار التقريب التي أغلقت بعودة الشيخ القمي لإيران.
وفي السنوات الأخيرة بذلت إيران كثيرا من الجهود والأموال لإيجاد موضع قدم لها في مصر في اتجاهين: الأول إيجاد بؤرة للتشيع، والثاني اجتذاب المفكرين والمثقفين المصريين المعارضين لمبارك، وفي كلا الاتجاهين كانت المكاسب الإيرانية محدودة جدا، وحتى هذه المكاسب القليلة تآكلت سريعا مع انفجار الثورة في سوريا، والسقوط السياسي والأخلاقي الكبير لإيران وأذرعها في دعم النظام وجرائمه.
لأجل هذا أرى أنه من السذاجة ـ إن لم يكن من الحمق ـ أن يعتبر البعض فوز المرشح أحمد شفيق وانتصار نظام مبارك على الثورة مكسبا لنا في الخليج، فمصر بقيادة الإسلاميين ليست لقمة سائغة لإيران كما يحاول البعض أن يصور، بل على العكس فإن خروج السياسة الخارجية المصرية عن أسر المحور الأميركي الإسرائيلي يسحب البساط من إيران في مجالات كثيرة، لعل أهمها القضية الفلسطينية، وستعود القاهرة إلى موقعها الطبيعي الذي فقدته بعد كامب ديفيد لتصبح مرجعا وقبلة للساعين إلى خدمة قضاياهم الوطنية في شتى أنحاء العالم الإسلامي، وستفقد طهران هذه الورقة.
وربما نسمع ونرى من الإعلام الإيراني الكثير ضد نظام مبارك ومع الثورة، ولكن لا شك عندي أن طهران تتمنى فوز شفيق وانتكاس مصر إلى صراع داخلي يزيدها ضعفا وتهميشا، وهو احتمال للأسف بات قائما بعد الأحكام المهزلة التي صدرت لصالح ابني حسني مبارك وقياداته الأمنية، مما يدل على أن نظامه لايزال يدير مصر بوليسيا وقضائيا.

الكويتية

تعليقات

اكتب تعليقك