خليل علي حيدر يسأل عن التيار الذي يمثل «التشيع التقليدي» في الكويت بعيدا عن خط ولاية الفقيه
زاوية الكتابكتب مارس 5, 2012, 12:21 ص 2026 مشاهدات 0
الوطن
طرف الخيط
من يحمي اعتدال الشيعة؟
خليل علي حيدر
من يمثل اليوم في الكويت جناح الاعتدال و«الوسطية» في الشيعة؟ من يعتبر التشيع انتماء مذهبيا فحسب، ضمن مذاهب البلاد، ومدرسة فقهية قديمة الجذور ممتدة التاريخ في الكثير من المجتمعات العربية.. لا حزبا سياسيا! ما التيار الذي يسعى في حماية الشيعة من الصراعات السياسية في المنطقة، والأساليب التي تتحمس لها الجماعات الشيعية الخليجية او العربية او الاسلامية، والمشاكل المعقدة التي تدخلها ايران.. او تجد نفسها فيها؟
ما التيار الذي يمثل «التشيع التقليدي» في الكويت، او ما يمكن تسميته بالخط الذي يعطي الاولوية للتفاهم والتسامح ومراعاة مشاعر الآخرين، بعيدا عن التعبئة العقائدية والأدلجة الدينية والشحن الطائفي الانعزالي، وفرض المواقف السياسية؟ لماذا الحديث عن «خط الامام» لا خط مستقبل استقرار الشيعة؟
لماذا تراجع هذا التيار المتسامح المنسجم مع الروح الكويتية السائدة»، ليحل محله توجه حزبي عقائدي مؤدلج، لا ينتمي الى الخبرة والتجربة الكويتية، ولا يضع مصالح البلاد والمجتمع والشيعة انفسهم في الاعتبار؟
ما كنا نعرفه على الدوام منذ ثورة 1979 الاسلامية في ايران ان شيعة الكويت وغيرها يتقاسمهم توجهان، الاول يرتبط سياسيا وفقهيا بالتجربة الايرانية ومساراتها الفكرية والاجتهادية منذ ظهورها قبل ثلاثين سنة ونيف، وقيل بان هذا هو «تيار التشيع الرسالي» او «تيار ولاية الفقيه».. او غير ذلك. وكان على رأس هذا التيار في البداية آية الله السيد الخميني والعديد من نخبة القيادة الثورية، وقد انتقلت القيادة كما هو معروف الى مرشد الثورة الحالي، السيد علي الخامنائي بعد وفاة قائد الثورة آية الله الخميني عام 1989. وكان التيار الثاني المنافس له الى حد ما، تيار «السيد محمد الشيرازي». وهو تيار تعرض لضغوطات معروفة لا حصر لها داخل ايران والكويت وغيرها، وكان المعروف والمتداول عن هذه «الجماعة الشيرازية»، انها ضد الكثير من توجهات تيار الثورة الايرانية وسياساتها، وانها تحاول ربط الشيعة اينما وجدوا ببلدانهم ومجتمعاتهم ومشاريعهم الوطنية، وبأن لا يوالوا بالضرورة الولي الفقيه في «قم» بإيران، وبأن يواصلوا حياتهم المذهبية العادية بعيدا عن هذه الدرجة العميقة والشاملة من التسييس والالتزام الحركي.
وكان التيار الاول قد تأسس عمليا وسياسيا مع بناء «حزب الدعوة الاسلامية» في الكويت على يد «الشيخ علي الكوراني»، رجل الدين اللبناني الذي نشر فكره السياسي بين الطائفة الشيعية، مقابل سيد محمد الشيرازي الذي انشأ التيار الشيرازي المنافس، ودخلوا، كما يقول الباحث صلاح الغزالي، «في مواجهة فكرية وسياسية ادت الى انشقاقات كبيرة بين ابناء الطائفة الشيعية، واستطاع تيار حزب الدعوة الاسلامية، السيطرة على جمعية الثقافة الاجتماعية في عام 1972، وبدأ في نشر فكره الثقافي والسياسي بين اوساط الشيعة بشكل جديد على الساحة الكويتية حتى عرف فيما بعد «بخط جمعية الثقافة»، حتى صار الحزب الاكبر بين ابناء الطائفة الشيعية، قبل الثورة الاسلامية في ايران عام 1979، كما نشط هذا التيار داخل جامعة الكويت». (الجماعات السياسية، 341).
وكان التيار الشيرازي المنافس قد تلقى في الكويت نفسها ضربات موجعة حيث تم ابعاد السيد محمد الحسيني الشيرازي من الكويت بعد اندلاع الحرب العراقية الايرانية، فتولى القيادة أخوه، الذي سرعان ما غادر الكويت عام 1981 مع جمع من انصاره، تاركا فراغا قياديا محرجا.
وقد قرر بعض اتباع الجماعة الشيرازية اتخاذ الشيخ محمد تقي المدرسي، قائد «منظمة العمل الاسلامي»، والذي كان من قادة المعارضة المسلحة في العراق، رئيسا لهم، وقد اعلن «المدرسي» فيما بعد ولاءه السياسي والفقهي للامام الخميني بعد نجاح الثورة، فهل انتهى استقلال الجماعة؟ ويمثل التيار الشيرازي اليوم في الكويت «تجمع العدالة والسلام»، ويعتبر النائب الفاضل صالح عاشور من قادة التيار.
وتثير مثل هذه المعلومات اسئلة كثيرة في الواقع تحتاج الى اجابات شفافة من التيار:
-1 هل للجماعة الشيرازية اليوم وجود تنظيمي وفكري وسياسي مستقل عن اجتهادات وسياسات الثورة الايرانية ومبدأ ولاية الفقيه، ام ان الجماعة الشيرازية امتداد لهذا التيار؟
-2 هل لتجمع العدالة والسلام، او اي طرف مسؤول في الجماعة، رأي او اجتهاد او موقف معلن من الازمة في البحرين والحرب في سورية والوضع المعقد في العراق وايران؟
-3 هل على شيعة الكويت والعالم العربي اتباع خط ولاية الفقيه والمواقف والسياسات الايرانية، ام ان مثل هذا الارتباط متعارض مع مصالح الشيعة خارج ايران؟
ويبقى الى جانب هذه الاسئلة سؤال آخر يجول ويدور: اين بقية الشيعة؟ اين صوت الشرائح الصامتة؟
خليل علي حيدر
تعليقات