د.جوهر يثمن ما سطره الشباب الكويتي في ذكرى إحياء شهداء بيت القرين

زاوية الكتاب

كتب 812 مشاهدات 0



الجريدة

الكبير يحترم الصغير!

د. حسن عبدالله جوهر

من الموروثات الثقافية وقبلها التعاليم الإسلامية أن يحترم الصغير الكبير؛ لما في هذا الاحترام الحفاظ على الهيبة الاجتماعية والنظام العام وإعداد النشء، وفقاً لقيم ومبادئ تنقلها أجيال الخبرة والوقار إلى الأجيال اللاحقة، ولعل هذه الصورة من صور الاحترام من القواعد التي يجب المحافظة عليها وحمايتها، ولكن لكل قاعدة شواذ.
فما سطره كوكبة من الشباب الكويتي في ذكرى إحياء شهداء بيت القرين يفوق الوصف، ليس في أصل إحياء ملحمة من ملاحم التضحية والبطولة الكويتية أثناء الغزو العراقي الغاشم، ولا من حيث التنظيم الرائع والسريع رغم إمكاناتهم البسيطة، ولكن في اختيار التوقيت المناسب من جهة، واختبار المعدن الكويتي من جهة أخرى.
فعلى صعيد التوقيت فقد ترجم شباب مهرجان بيت شهداء القرين ذات الروح الأصيلة لأبطال ذلك البيت الصغير الذين نسجوا بتنوعهم وتعدد انتماءاتهم صورة عنوانها الكويت للكويتيين، وكذلك كان الطيف الشبابي الذي خرج من نفق ذلك الزمن، ولعل معظمهم إما لم يكن مولوداً في يوم مذبحة القرين وإما لم يتجاوز عمره بضع سنين من الطفولة البريئة.
وجاء اختيار بيت القرين في وقت باتت الكثير من القلوب تستشعر القلق والأسى على حالة الاحتقان والهيجان والتخندق الضيق بسبب من أثبت أنه مستعد لبيع الكويت وتمزيق أهلها من أجل مراكز وبطولات فردية، فاختطف الخطاب الوطني لمصلحة الطرح الفئوي والطائفي وبكل قوة، وأمام ضعف الدولة في الحفاظ على الهوية الوطنية الواحدة بدأ الطرح الضيق يكسب سياسياً وشعبياً. ولعل شباب القرين نجحوا في عزف أنشودة الوطن من جديد، وفي التوقيت والمكان المناسبين بعدما ترك الكثير من الكبار دورهم واندسوا تحت عباءات كل بحسب ما يطلب الجمهور، وأثبت هؤلاء الشباب الصغار أنهم أكبر من أولئك الكبار، فلقّنوهم درساً مهماً في الوطنية، بل فرضوا احترامهم عليهم حيث تسابق العديد من الشخصيات السياسية إلى تلبية تلك الدعوة لأنها صادقة ومستحقة، ولعل الكثير منهم استشعر ضآلة موقفه وهو يقتدي بالصغار.
أما على صعيد أصالة المعدن الكويتي فقد رسم الكويتيون لوحة رائعة بكل عفوية وتلقائية أمام بيت شهداء القرين، وكانت الورود تعبيراً عن الوفاء للكويت وشهدائها، وكان منظر الأسر الكويتية بالآباء والأمهات والأطفال وكأن الجميع في زوارة عائلية، وبينت تظاهرة 24 فبراير بأن الشعب الكويتي حريص على ترجمة معاني وحدته ومحبته لبعضه بعضا في حالة وجود مبادرات جادة وذات مصداقية.
وختاماً نأمل أن يستفيد نوابنا الأفاضل تحديداً من درس شباب القرين الأخير، وخاصة من حاول منهم أن يتجاهل ذلك العرس الوطني أو لم يخدم مشروعه المتطرف نجاح أولئك الشباب، وقد يهدم ما بناه على حساب عواطف الناس واللعب بمشاعرهم وبيعهم أوهام دق طبول حروب ومواجهات، بينت مبكراً أنها حيلة انطلت على البعض ولكن لا يمكنها أن تطول للأبد!

تعليقات

اكتب تعليقك