سالم .. لم يكن يستعبط .. يا من تستعبطون !

زاوية الكتاب

كتب 3110 مشاهدات 0

صورة أرشيفية من تظاهرات البدون

(انت قاعد تستعبط ) صرخ المحقق في سالم وهو يستغرب إجاباته على الأسئلة أثناء التحقيق بعد اعتقاله في تيماء خلال الحملة الأمنية التي أعقبت اعتصام 13/1/2012 .
 
إجابات سالم غير المقبولة من شخص في مثل عمره لم تكن إلا لتعبر عنه وحده , شاب من مواليد الكويت في عام 1972 ينتمي لأسرة فقيرة من الكويتيين البدون.
 
يعاني سالم من مرض نفسي جعله يعود مستشفى الطب النفسي وهو أيضا مريض بالسكر الذي أفقده أسنانه الأمامية ... ولكنه لم يفقده حبه للضحك الدائم ..
 
سالم يتمتع بمهارة خاصة في تركيب الستالايت... وجد بعض العزاء عند المعارف حينما يستدعونه للصيانة والتركيب ويدفعون له ما يعود به سعيدا لأمه وأختيه في الملحق الذي يسكنونه في منطقة القصر في الجهراء, (القصر) الصغير الذي يجمع ايجاره الشهري قطرة فقطرة , شاب ليس له دخل ثابت في بلد يشكو أصحاب الرواتب فيه من الغلاء!
 
ما الذي يدفع مريضا نفسيا ليشارك في اعتصام ؟! 
 
لاشيء ! ... سالم الذي لا يملك وسيلة نقل بالطبع- يقوم بمشواره اليومي سيرا على الأقدام من القصر إلى تيماء أثناء ما عرف بـ (فترة التشدد الأمني) بعد المظاهرات التي تميزت بالاعتقالات العشوائية في الشوارع حيث ألقي القبض عليه
 
سالم كان محتجزا على ذمة قضايا اعتصامات الكويتيين البدون في السجن المركزي، حيث بقي مع من اعتقلوا من رفاقه أكثر من 45 يوما .
 
  بدلا من ان يحظى شخص كسالم بظروف رعاية خاصة ودعم الدولة له كشخص مريض يقبع الآن في عنبر 11 في السجن المركزي بتهمة التظاهر وعندما تسنح له الفرصة ويتصل بأمه وأختيه يجهش  بالبكاء كطفل صغير ويُبكي من حوله ممن ما زال يحمل في قلبه ذرة من رحمة.
 
يحمل قلبا من حرير .. يضحك كثيرا .. ويبكي اذا فزع .. المعيل الوحيد لأمه وأختيه يجمع من أجلهما الدنانير القليلة.. من عمله هنا وهناك .. تلك العائلة التي تصطلي في أتون تأمين الإيجار والمعيشة.. هذه العائلة التي حولها فشل الحكومات المتعاقبة في علاج قضايا البدون الإنسانية إلى واحدة من طوابير العائلات التي تنتظر معونة الخيرين التي قد تأتي وكثيرا ما تضل طريقها.
 
قال ذووه عندما كان سجينا ً إن طلبوا كفالة مادية حين الافراج عنه لانملك ماندفعه لهم ,,, نعم هنا يجب أن تدفع مقابل انتهاك حقوقك الإنسانية , وقد قام احد الخيرين بدفع الكفالة لسالم مع بقية اخوته الذين خرجوا بحملة التبرعات التي أطلقت يوم الافراج عنهم , ولكن خروجه من الاعتقال يعني خروجه من معاناة إلى معاناة اكبر وحياة تستحق الدعم لمن يريد ان يعرف سالم ويتعرف عليه عن قرب في ' قصره ' المتهالك فالطريق إليه نور لمن مد يد له ليأخذه إلى زاوية الامان مع امه واختيه.
 
سالم لم يختر أن يولد (بدون) او أن يولد على أرض دولة نفطية غنية جرى تسجيل والده كأحد مواطنيها في إحصاء 1965 وبالتأكيد هو لم يختر أن يعتقل.
 
سالم اختار دائما ... أن يضحك ملء قلبه .. وأن يعبر عن خوفه بالبكاء.
 

الآن-رأي: ناديه آل حسين

تعليقات

اكتب تعليقك