باسل الزير يحذر من ضياع الكويت بين «أبي جهل وأبي لهب»

زاوية الكتاب

كتب 1339 مشاهدات 0



القبس

بين أبي جهل.. وأبي لهب!


باسل الزير
للمعاني الكلية الرمزية أثر واضح في تداول الألفاظ ومعانيها. فنحن نرمز للشجاعة بعنترة، وللكرم بحاتم الطائي، وللحلم بالأحنف بن قيس، وكذلك نرمز للجهل المُركَّب بأبي جهل، ولمُشعل الفتنة بأبي لهب. ولا مشاحة في الاصطلاح! فليس هناك فرعون، بل في كل زمن فراعين وفي كل زمن قارون.. ونحن نعيش بين «هذه وتلك» بين أبي جهل وأبي لهب! توقظنا نعرة العصبية وتشدنا شهوة الخصومة، وهذه نزعة رعناء من بغي الإنسان على الإنسان.

ويخبرنا التاريخ أن السلطان العثماني يحاصر الروم بجيش عرمرم وهو يهب ويستعد للدخول والاقتحام، كان البيزنطيون منهمكين في الجدل: هل الملائكة ذكور أم إناث؟! وكذلك الحال في زمن سقوط الأندلس، حيث طغت العنصرية بين العرب اليمانيين والعرب القيسيين (ولد بطنها ولد ظهرها) وبربر وعرب وأهل الوبر وأهل المدر، «وإذا أراد الله بقوم شرا ألزمهم الجدل، ومنعهم العمل، وأشغلهم بالفتن»!

وما يحدث في الكويت من تراشق وسباب عنصري لينذر بإشعال اتون فتنة طائفية، والسبب ذلك كله جاهل أرعن يعيش بعقلية الفرجان، وطائفي أخرق يقتاد من الأحقاد، وخطاب الكراهية هو السائد الآن بين جنبات الناس وعقولهم.

لا جرم أن هناك من يريد الشهرة والصيت على حساب الأوطان، فمن السهل جدا أن تصبح عضواً في البرلمان بشتيمتك للناس، ومن السهل أيضاً أن يشار إليك بالبنان عندما تكفر طائفة بمقال. وليس هناك أشهر من إبليس - عليه لعنة الله - فالشيطان يريد إيقاع العداوة والبغضاء في الفرقة بين جموع الناس، وله جنود وأحزاب وهم لا يشعرون. فالفردية تعلو فتكون الاستبداد وتنخفض وتكون العصبية. ولقد تعلمنا من صنوف الحياة أن من السهل جداً أن تهدم، ولكن من الصعب عليك أن تبني! ومن السهل أن تصبح مشهوراً بالسباب، ومن العسير عليك أن تصبح عقلانياً في زمن العميان!

السؤال الذي يطرح نفسه: كيف نعيش معاً، ونحن مختلفون؟ والاختلاف سنة الحياة (ولا يزالون مختلفين)، إن التدافع بين البشر ناموس وسنة كونية، قال تعالى: «وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ»، ومهمة الإنسان هي في تنظيم حالات التدافع بين البشر بالحكمة والموعظة الحسنة، ووفق المواثيق الإنسانية التي شرعتها حقوق الإنسان.

إن أحوج ما نحتاج إليه الآن إقرار قانون يجرم خطاب الكراهية، وتعزيز فكرة التسامح بين كل أطياف المجتمع الكويتية.. فلنفكر في الإبداع بدلاً من النزاع، بالوحدة بديلاً عن الفرقة. فلكل قوم مجنون، ولكل ناس سفيه، ولن نجعل الكويت تضيع بين «أبي جهل وأبي لهب».

باسل الزير

 

تعليقات

اكتب تعليقك