وائل الحساوي يعدد أسباب الاعتذار عن الوزارة

زاوية الكتاب

كتب 1816 مشاهدات 0


د. وائل الحساوي / نسمات / لماذا يرفضون التوزير؟!

د. وائل الحساوي

لا ألوم الذين يرفضون المشاركة في الوزارة او في المسؤوليات العامة لأن النقد الذي يمارسه الناس على كل من يتصدى للشأن العام أصبح غير معقول، والجرأة التي يواجهون بها المسؤولين كثيرا ما تتخطى حدود اللياقة الى الشتم والنقد الجارح والاتهام بتعطيل المصالح وسرقة الأموال وغيرها، هذه الأمور قد أصبحت في الكويت ظاهرة عامة ولا يكاد يسلم منها أحد.
وللأسف ان مواقع التواصل الاجتماعي قد تحولت الى نقمة، حيث يستغلها ضعاف النفوس ليروجوا من خلالها جميع أنواع النقد للناس ونشر الإشاعات وإثارة البلبلة في المجتمع، كذلك فإن كثرة انتشار الفضائيات والصحف اليومية قد تحول الى وسيلة هدم اكثر من كونه وسيلة للبناء، فأي كاتب مغمور لا حظ له من المعرفة او الأفكار المفيدة، تجده يضرب ضربته للوصول الى قمة المجد والشهرة عن طريق الكتابة عن موضوع تافه او مختلق، او الطعن في شخصية عامة واتهامها زورا وبهتانا.
وللأسف ان شعبنا عاطفي ويصدق كل ما يتم ترويجه عليه بسهولة كما ان هنالك أطرافا كثيرة تتعمد بث الإشاعات والأراجيف من اجل تحقيق مرادها في تحطيم خصومها وتنفير الناس منهم، وبالطبع فإن اعضاء مجلس الامة خلال المجالس السابقة قد كان لهم اكبر الدور في إشاعة سياسة النقد اللاذع ضد المسؤولين والاتهام بشتى أنواع التهم طمعا في كسب الشعبية، بل وأصبح ذلك التصرف هو طريقهم الوحيد لكسب أصوات الناخبين.
لقد شاهدنا كيف وصل أشخاص مغمورون في المجتمع الى قمة الشهرة وإلى الفوز في الانتخابات بعدما مارسوا سلخ جلود المسؤولين واتهموهم بشتى الاتهامات، ولا يبدو بأن هذا المنهج سيتغير في القريب العاجل إن لم يكن سيزداد سوءا، لذا فكيف نلوم الوجهاء والمحترمين وأصحاب الخبرة والإمكانات لبعدهم عن المسؤوليات العامة وإيثار السلامة وهم يرون المجتمع وقد تحول الى مشرحة ومسلخ للكفاءات من أجل كسب الشهرة والبروز في المجتمع؟!
ان مظاهر العنف اللفظي قد تجاوزت جميع الحدود بل أصبح الكثيرون يتفاخرون بعدد القضايا التي يتم رفعها ضدهم بسبب كتاباتهم وخطاباتهم وكأنما هو إنجاز وطني مميز او أعمال جليلة، بل وكانت النتيجة الطبيعية لذلك العنف اللفظي ان يتحول الى عنف جسدي يتمثل في الشجار والضرب على جميع الأصعدة من رياضية الى اجتماعات شركات الى وظائف عامة الى طلبة مدارس، وضرب المسؤولين الى ان انتقل الى مجلس الامة الكويتي في أبشع صوره.
ثم بحث الناس عن شمّاعة يعلقون عليها اختلافاتهم وعداواتهم فاخترعوا شماعات تحت مسمى الطائفية وتحت مسمى القبلية وتحت مسمى الفئوية وتحت مسمى ازدواجية الجنسية ثم اقتتلوا بينهم نصرة لتلك الشماعات.
إن مجتمعنا ينزلق اليوم منزلقات خطيرة لا تتعلق بالقوانين والدساتير ولكنها تتعلق بالأخلاق التي هي أساس بقاء الأمم وما لم يتدخل العقلاء لوضع حد لهذا الانزلاق الخطير والأخذ على يد السفهاء الذين يعيشون على تمزيق المجتمع وبث الأراجيف فيه فإن الوضع سيزداد سوءا الى ان يصل بنا الى مرحلة الانهيار. يقول الله تعالى «وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن، إن الشيطان ينزغ بينهم، إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا».

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك