ما عندنا في الكويت هو مجرد انتخابات... وليس سياسة، فحوى مقالة الخضاري
زاوية الكتابكتب فبراير 7, 2012, 1:01 ص 621 مشاهدات 0
الراى
قلنا لكم... هي انتخابات ... وليست سياسة!
د. سليمان ابراهيم الخضاري
وفق مخرجات أقل ما توصف بالمقلقة، انتهت العملية الانتخابية في الكويت يوم الخميس الماضي على مشهد جديد تماما، سيطرت فيه «القوى» المعارضة على معظم المقاعد البرلمانية، ونقول القوى المعارضة ولا نقول المعارضة، لاصرارنا على إننا أمام مشاريع عدة للمعارضة السياسية تتفق في عناوين عامة، وتختلف بدرجة كبيرة حول التفاصيل المحددة لما يجب أن تكون عليه ملامح المرحلة المقبلة في تاريخ الكويت.
ولمن شعر بالصدمة من تلك النتائج، نقول إن القراءة الواعية للساحة السياسية في البلاد في الفترة الماضية كان ولابد أن تتوقع مخرجات كهذه بنسبة أو بأخرى، ففي ظل تهلهل الدولة وضياع الهوية الوطنية الجامعة، إضافة للفشل الذريع للسلطة في إدارة أية مشروع تنموي حقيقي ناهيك عن شبهات الفساد المتراكمة، لابد أن يسطع نجم من تبنى شعارات واضحة وموجهة ضد السلطة، والتي أضحت بفعل تخبطها الحلقة الأضعف في واقعنا السياسي والاجتماعي.
ولعل الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات هو ما اصطلح على تسميته بالتيار الوطني أو المدني في الكويت، وهو التيار الذي فقد الكثير من بريقه نتيجة ركونه لإرثه التاريخي واجتراره خطابا لا يرتكز على معالجة قضايانا الراهنة، في ظل أجواء متعطشة لإجابات تتعلق بالعاجل من الأمور وحالة من الاستقطاب لا تحتمل المواقف الرمادية والتوجهات الرمادية.
ولعلنا نعود لواقع التيار المدني في الكويت في مقالات قادمة، لكنني أرى من الضرورة بمكان الآن توجيه شيء من النقد لهذا التيار، فالواضح أنه قد ركن إلى القواعد التعيسة للعبة السياسة في الكويت والمرتكزة على مشاريع انتخابية فردية تهدف لايصال أسماء معينة لسدة البرلمان، من دون استيعاب لحجم المسؤولية الملقاة على كاهله والمتمثلة بخلق ثقافة وطنية تنضوي تحت لوائها جميع مكونات وشرائح المجتمع الكويتي وتكون نواة لواقع يسعى للقضاء على أمراض المجتمع الطائفية والقبلية وغيرها.
لم يعِ التيار المدني بجميع أجنحته حجم هذه المسؤولية، فاندفع في سباق محموم على المقاعد البرلمانية مختزلا ساحة الفعل السياسي في الشهر أو الشهرين اللذين يسبقان يوم الاقتراع، والمدهش هو توقع هذا التيار تحقيق تغيير حقيقي في واقعنا الكويتي نتيجة سياسته البائسة تلك، متجاهلا أسئلة ملحة تتعلق بأسباب انحسار تأثيره وعدم اختراقه للسواد الأعظم من مكونات كبيرة للمجتمع الكويتي كالقبائل والشيعة، وتركه تلك المكونات تحت رحمة التيارات الدينية وبعض القوى الاجتماعية والاقتصادية المؤثرة فيها.
إن الكويت مقبلة على مرحلة مفصلية في تاريخها، مرحلة تتداخل فيها عوامل داخلية وإقليمية وغيرها، وتشهد في محصلتها توجهات أكثر تطرفا تجاه الوجه الثقافي للبلاد بما ينعكس على قضايا تمس السلم الاجتماعي وتغلب الهويات الصغرى على الدولة وهويتها الوطنية، وإن لم تتداعَ القوى المدنية إلى تقييم وضعها ومشروعها للقادم من الأيام، فلن يكون لها دور كبير في توجيه التغيير القادم في الدولة والمجتمع.
عرفتم لماذا قلت سابقا إن ما عندنا في الكويت هو مجرد انتخابات... وليس سياسة؟!!
تعليقات