د.المقاطع يضع حلولا لمعالجة تفشي العزف على الوتر القبلي أو الطائفي أو الفئوي
زاوية الكتابكتب يناير 23, 2012, 12:43 ص 896 مشاهدات 0
القبس
العزف على الوتر القبلي أو الطائفي
أ.د. محمد عبدالمحسن المقاطع
الكل يتغنى بالحرص على الوحدة الوطنية والحفاظ على فكرة المواطنة، ومن منا لا يتمنى أن تتم ملاحقة كل من يثير النعرات الفئوية أو القبلية أو الطائفية، وعلى الرغم من عدم وجود قانون حتى هذه اللحظة في الكويت يجرم بث الكراهية والترويج لها، وهو ما دعونا له في مناسبات عديدة سابقة، وبالرغم من إيضاح المحكمة الدستورية لخطورة الانتخابات الفرعية التي تؤدي إلى الفرقة وبث البغضاء والشحناء بين أبناء الوطن، وعلى الرغم من أن بعض أبناء القبائل أعلن أنه لن يخوض الانتخابات الفرعية لقبيلته، وهو ما تم من قبلهم حتى هذه اللحظة.
أقول بالرغم من كل ذلك، فان النفَس المريض لإثارة النعرة القبلية والعزف على وترها مازال مستمرا، بل هو المدخل والسند والملجأ الذي يتنادى إليه ويستجير به من يأملون أن يمثلوا الأمة، ولكنهم يتسابقون إلى التنادي القبلي وتأجيج النعرة القبلية أو الطائفية أو الفئوية، ونسوا أو تناسوا حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم «دعوها فإنها منتنة».
إن دخولنا للألفية الثالثة، الذي تلاشت فيه العصبيات البغيضة في الدول المتقدمة والديموقراطية، لم تنعكس آثاره الإيجابية علينا ولا يبدو أنه سيتحقق ذلك للأسباب الآتية:
- تعامل السلطة مع الكيانات الفئوية وتعزيز وجودها من خلال اتباع اسلوب المحاصصة في التوزير وفي التعيين في المناصب القيادية المختلفة، وكأن الكفاءة قد استبدلت بالقبيلة او الطائفة أو الفئة، وهو أمر لا شك له نتائج سلبية وخيمة، عانى، ولا يزال يعاني، منه البلد.
- إن حدة الاستقطاب الطائفي والقبلي والفئوي زادت وترسخت بعد تقسيم الدوائر إلى 25 دائرة، والذي بموجبه تم تفصيل دوائر بعينها لقبائل محددة بذاتها، أو طائفة معينة، وهو تقسيم جلب البلاء على البلد وتراجعت الكويت بسببه لأكثر من 70 سنة، وقد جاء التقسيم الخمسي للدوائر بسبب مصالح البعض والتوافق الحكومي ليكرّس دوائر مقسمة ومفرزة لقبائل محددة ولطوائف معينة، ولذا نشطت الانتخابات الفرعية المجرّمة قانونا في هذه الدوائر، تماما كما نشطت حالة الترشيح القبلي، كما في الدائرتين الرابعة والخامسة، أو الترشح الطائفي كما في الدائرة الأولى، وهو ما أوجد حالة من التفتيت لمفهوم المواطنة التي أصبحت فيها مرجعيات أخرى غير الوطن بكل أسف، وهذا تفتيت لمفهوم المواطنة الذي ينال في النهاية من الوحدة الوطنية.
- تزايد حالات ووقائع التعصب القبلي والطائفي في الطروحات السياسية والانتخابية لدى العديد من النواب أو المرشحين بصورة لافتة، فنجد من يستنجد منهم بالقبيلة أو الطائفة بصورة علنية، وفيها شيء من النعرة البغيضة وطنيا، والمحرمة شرعيا، بل تنامت مظاهر الفزعة والنصرة للقبيلة أو الطائفة أو الفئة وبدأت تتغلغل بصورة واضحة في معايير الاختيار الانتخابي، وهو سبب الترشح القبلي بدائرة محددة، تماما كما صار لها موقع رائج في التعيينات والوظائف بسبب استشراء داء الواسطة والمحسوبية الذي تسهل الحكومة كثيرا من الدروب التي توصل إليه.
إن النظرة الفاحصة لتفشي العزف على الوتر القبلي أو الطائفي أو الفئوي تحتاج إلى معالجة ذات ثلاثة أبعاد أساسية: أولها رسمي على صعيد الدولة والحكومة ومؤسساتها، حتى يتم القضاء على ذلك وعدم التسامح معه ومحاربة كل أساليب تشجيعه أو الحض عليه. وثانيها تشريعي بإصدار قانون ضد بث الكراهية والاستقطاب الطائفي أو القبلي أو الفئوي، مع إصدار قانون يصلح الدوائر الانتخابية، فتصير على أساس أبجدي في انتخابات وحسب تاريخ الميلاد في انتخابات لاحقة، وثم حسب الحرف الأبجدي لاسم الأب في انتخابات ثالثة، مع افساح المجال بانشاء الأحزاب السياسية والقوائم الانتخابية التي تكون هي أساس التنافس الانتخابي، والأخذ بالتمثيل النسبي للحزب أو القائمة في كل دائرة مع السماح للناخب بالادلاء بعشرة أصوات بدلا من أربعة، أما الثالث فهو اجتماعي من خلال إقامة منتديات للحوار الوطني وتشجيع هذه الأنشطة تعليميا واجتماعيا واعلاميا، حتى يكون من يعزف على الوتر القبلي أو الطائفي أو الفئوي منبوذا في المجتمع.
اللهم إني بلّغت،،
أ.د. محمد عبدالمحسن المقاطع
تعليقات