إيران تنتحر اقتصادياً.. بقلم سلمان الدوسري
الاقتصاد الآنيناير 17, 2012, 12:26 ص 592 مشاهدات 0
الخميني قال إنه تجرّع السُّم للقبول بوقف إطلاق النار لإنهاء الحرب العراقية - الإيرانية، ويبدو أن نظام الملالي في طهران في طريقه لتجرُّع السُّم مرة أخرى، لكن هذه المرة ليس باختياره، بل عن طريق العقوبات المتوقّع أن تقرّها دول الاتحاد الأوروبي، وستؤثر فيما بين 550 و850 ألف برميل يومياً من صادرات النفط الإيرانية، أي ما يوازي 25 إلى 35 في المائة من إنتاجها النفطي، فكيف ستتمكّن إيران من تخطي هذه الأزمة وهي التي تشكل صادراتها النفطية 80 في المائة من إجمالي صادرات البلاد؟
صحيح أن لإيران طرقها في التلاعب على هذه العقوبات بإيجاد البديل، عبر إعادة توجيه النفط إلى أسواق أخرى، لكن لا ننسى أن هذا التلاعب سيكلف طهران خسائر كبيرة عندما يتم بيع النفط بأقل من أسعاره العالمية، ناهيك عن أن الأسواق المستوعبة لهذه الصادرات ستكون محدودة جداً.
إيران تصرُّ على الانتحار اقتصادياً في سبيل استمرار غطرستها السياسية نحو استكمال مشروعها النووي المثير للجدل، وربما تاريخ نظام الملالي يُنبئ بأن المُضِيّ في هذا الانتحار أمرٌ مشروع، طالما أن المتضرر هو المواطن الإيراني، الذي تعرّض مع هذا النظام لأقسى الظروف المعيشية، فإذا أضفنا كثرة الرؤوس في النظام الإيراني وعدم تكامل القرار السياسي مع القرار الاقتصادي، أيقنّا بأن الانفجار في الداخل الإيراني قادمٌ لا محالة، فقط انتظروا أشهراً قليلة بعد إقرار العقوبات النفطية ودخولها حيز التنفيذ.
مَن يتمعّن في التحذير الذي صدر أمس من قِبل مندوب إيران في ''أوبك''، لدول الخليج العربية من مغبة تعويض إمدادات بلاده النفطية، يعي أن نظام الملالي بدأ يلعب لعبة جديدة لرمي تأثيرات العقوبات النفطية المتوقعة على عواتق دول الخليج، إذ إن العقوبات تصدر من الاتحاد الأوروبي، بينما اللوم يقع على دول الخليج. إنه الأسلوب الإيراني ذاته في الاستفزاز، ففي حين يخرج مسؤولٌ إيراني لتأكيد رغبة بلاده في تحسين علاقاتها مع دول الخليج، يخرج مسؤولٌ آخر للتهديد والوعيد. إنه نظامٌ بأوجه عدة لا يمكن الوثوق به أبداً.
إيران تتآكل من الداخل شيئاً فشيئاً، جعجعتها الإعلامية المتزايدة أخيراَ، تُنبئ جيداً بأنها غدت تتوجّع قبل أن تُقرّ العقوبات، وما تصريحاتها الفارغة بشأن إغلاق مضيق هرمز، ثم تحذيرها دول الخليج من مغبة تعويض إمداداتها النفطية، إلا دليلٌ فعليُّ على التخبُّط الذي يعيشه النظام.
الإيرانيون على موعد مهم جداً مع استحقاق الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في آذار (مارس) المقبل، ستعبِّر نتائج هذه الانتخابات عن المزاج العام للناخبين، فالمواطن الإيراني لن يصبر طويلاً على تحمُّل أوضاع معيشية صعبة، في دولة كانت تصدّر في يوم ما ستة ملايين برميل نفط قبل الثورة الإيرانية بقليل، وها هي تتراجع لتصل إلى ما يقارب 1.5 مليون فقط. إنه نظام غدا شيئاً فشيئاً يُضحي بنصيب شعبه من طفرة النفط، لمصلحة قرارات سياسية غبية لم يستفد المواطن منها طوال نحو ثلاثة عقود من الثورة.
تعليقات