الديين يحذر من الهجوم الطبقي على محدودي الدخل
زاوية الكتابكتب يناير 12, 2012, 1 ص 813 مشاهدات 0
عالم اليوم
هجوم طبقي على محدودي الدخل!
كتب أحمد الديين
في شهر أغسطس من العام الماضي عندما جرى تشكيل “اللجنة الاستشارية لبحث التطورات الاقتصادية” كانت هناك في صفوف الطبقة العاملة والفئات الشعبية خشية مشروعة من أنّ هذه اللجنة؛ بحكم تركيبة أعضائها وطبيعة انتماءاتهم الاجتماعية وتوجهاتهم الاقتصادية؛ ستتخذ توصيات من شأنها المساس بمستوى المعيشة العام والإضرار بأصحاب الدخول المتدنية من صغار الموظفين والعمال والمتقاعدين... وقد استشعر صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد حفظه الله ورعاه مثل هذا التخوّف فأوصى في توجيهه السامي لأعضاء اللجنة عندما استقبلهم أول مرة بـ “مراعاة أصحاب الدخول المتدنية في كل الإجراءات المقترحة، وألا يترتب عليها ما قد يثقل كاهلهم في مواجهة أعباء الحياة وتكاليفها”.
ويوم الاثنين نشرت الصحف مقتطفات من التوصيات التي رفعتها “اللجنة الاستشارية لبحث التطورات الاقتصادية” بعد اجتماعها برئاسة سمو الشيخ جابر المبارك رئيس مجلس الوزراء... وسأتوقف في مقالي اليوم أمام ست توصيات خطيرة اقترحتها هذه اللجنة، التي حرصت على أن تصوغها بعبارات منمّقة وتموّه معانيها ودلالاتها الصارخة بكلمات مخففة أو ملتبسة لإخفاء ما تنطوي عليه هذه التوصيات من مساس مباشر بمستوى المعيشة العام لأصحاب الدخول المتدنية، وهذا ما كان يُخشى منه منذ بداية تشكيل اللجنة!
فهناك توصيتان تدعوان إلى “تقنين الإنفاق على برامج الدعم وتوجيه ذلك لمستحقيه فقط”، و”تطوير برامج التسعير والرسوم على السلع والخدمات”... أي بمعنى أوضح تقليص الدعم الحكومي لأسعار الكهرباء والماء والمشتقات النفطية، خصوصا البنزين، وتخفيض الدعم التمويني للسلع الغذائية الأساسية، وإعادة تسعير الكهرباء والماء والبنزين بما يتناسب مع كلفة انتاجها، أي رفع أسعارها، بالإضافة إلى استحداث رسوم على الخدمات الحكومية أو زيادة الرسوم التي يتم تقاضيها حاليا، بل هناك في ثنايا تقرير اللجنة إشارة إلى الخدمات التعليمية بوصفها خدمة مدعومة يفترض إعادة تسعيرها!
وإلى جانب ذلك هناك ثلاث توصيات أخرى تدعو إلى ما أسمته اللجنة “معالجة خطورة النهج الحالي لسياسات التوظيف الحكومية والزيادات غير المبررة للرواتب والامتيازات والكوادر”، و”معالجة أوضاع سوق العمل بإزالة التشوهات في الأجور بين القطاعين العام والخاص”، و”وقف أي زيادة غير مبررة للرواتب”... وبالطبع فإنّ ما تدعو اللجنة إلى إزالته من تشوهات في الأجور بين القطاعين العام والخاص ليس مقصودا منه زيادة أجور العاملين في القطاع الخاص بما يتناسب مع زيادة رواتب العاملين في القطاع الحكومي العام، وإنما القصد هو العكس تماما، أي تخفيض رواتب العاملين في القطاع الحكومي العام لتكون قريبة من مستوى الأجور في القطاع الخاص، وهو أمر لا يمكن قبوله بحال من الأحوال!
وإلى جانب ما سبق هناك توصية خطيرة تدعو إلى فرض “الزيادة المتدرجة في اشتراكات المؤمن عليهم في الصناديق التقاعدية”... وذلك بزيادة النسبة المستقطعة من الراتب لأقساط التأمينات الاجتماعية التي يدفعها المؤمّن عليهم من العاملين الحاليين!
ولا أبالغ عندما أنبّه إلى أنّ هذه التوصيات في حال موافقة الحكومة عليها والبدء بتطبيقها ستؤدي بالضرورة إلى إرهاق ذوي الدخل المحدود بالمزيد من الأعباء، ما سينعكس سلبا على مستوى المعيشة العام ويمس بحياة الغالبية الساحقة من الكويتيين من أبناء الطبقات الشعبية... أما التوصيات التي تستهدف التوسع في الخصخصة بما يتجاوز القانون الحالي، فسأتناولها في مقالي يوم الأحد المقبل.
تعليقات